ايليا مقار يكتب: هل تغير موقفك من الدستور بعد حكم الخصوص؟
هل يجب أن يتغير موقفنا من الدستور بعد الحكم الجائر والمجرم في قضية الخصوص التي عاقبت المجني عليهم وفشلت في إدانة المجرمين؟ إجابتي القاطعة هي “لا”. سبب رئيسي في مشاكل المصريين عموماً والأقباط خصوصاً هو عدم وجود منظومة تشريعية تحقق المساواة والعدل وتجرم خطاب الكراهية الذي حول المجتمع الي غالبية من المتطرفين وأقلية من المعتدلين. الدستور المقترح -وإن كان لا يحقق كل ما كنا نتمناه- هو خطوة جيدة على هذا الطريق. إذن، حكم الخصوص، وجلسة الصلح العرفي التي حدثت في بني عبيد أمس وغيرها من هذه المأسي التي تصرخ بالظلم وتهدف الى أن نصل الي مرحلة الإحساس بالدونية والغربة، يجب أن تكون حافزاً لإستثمار أي إجراء يدفع مصر خطوة للأمام نحو الدولة المدنية وليس العكس.
أفهم مشاعر من يطالب بالتصويت بنعم عقاباً للنظام على فشله في تحقيق العدل، افهم تخوف الناس من أن يساندوا خطة النظام دون أن يستفيدوا هم منها كما لم يستفيدوا من ثورة يناير، ولا من مواجهة الإخوان، او من نزولهم بكثافة في 30 يونية. أفهم ان الناس تشبعت من وعود ظهر بوضوح أنها زائفة مثل وعد ترميم الكنائس التي حرقها ودمرها المتطرفون من الإخوان والمتعاطين معهم، وإقترب العيد وستزين كنائسنا أثار دمار تعلن أن الحكومة والرئيس والسيسي باعوا لنا قنطار كلام. السيسي يقول أننا (كمصريين) نور عينيه، ربما يكون صادقاً ولكن المؤكد انه وإن كنا “نور عنيه”، فنحن من ندفع “فاتورة الكهربا”.
يقول الأنبا بولا أنه ذكر لأحد قادة الجيش أن عدد الكنائس المطلوب ترميمها أو إعادة بناءها هو 53 كنيسة، ليقاطعه الرجل في ثبات ويقول، لا يا سيدنا، 55 .. يا سلااااام!! رأيت إعلاناً أبطاله البابا تاوضروس وشيخ الأزهر يروج لصندوق “إعمار دور العبادة”!! أي دور عبادة؟ هل نقصد الكنائس التي تم حرقها (ومازالت محترقة)؟ ولماذا لا يدفع المذنب التكاليف، ولماذا لا تدفع الدولة هذه التكاليف، إن مجرد عرض هذا الإعلان يذكرنا كل مرة أن الدولة فاشلة وأن المجرم لا يدفع ثمن خطئه.
أفهم كل هذه المشاعر وأعانيها ولكني أختلف في رد الفعل. أرفض أن نعاقب أنفسنا عقاباً للنظام، أرفض أن نتراجع عن خطوة في صالح مصر لأننا نرى أن الحكومة والسيسي إستفادا من حماسنا ومعاناتنا وضحايانا وليس من العدل أن يستفيدوا أكثر.
يا سادة قد تساند السيسي لأنك تحبه، أو لأنك تعتقد أنه البديل الأفضل، هذا رأيك، ولكن مستقبلنا أهم من السيسي، ومستقبلنا في منظومة تشريعية تؤدي الي المساواة الكاملة بين المواطنين. أما إن تصرفنا مدفوعين بالعاطفة فقط، وهددنا بعدم مساندة الدستور عقاباً للنظام، فماذا ستفعلون عندما يحدث تفجير آخر -لا قدر الله- مماثل لتفجير كنيسة القديسين؟ لا تسمحوا بأن نكون -مرة أخري- ورقة في يد المتطرفين أو ورقة في يد النظام، ركزوا علي المستقبل!