بسام عبد الملك يكتب: انتخابات البرتا … و عصر الليمون!

ربما لو كتب عنوان هذا المقال بالانجليزية او لمواطنيين غير مصريين او عرب لما فهموا المغزى منة , ولمن لم يسمعة من قبل انتشر تعبير” أعصر على نفسك ليمون و انتخبهم ” فى انتخابات الرئاسة عام 2012 فى مصر بعد الثورة و كان المقصود منة هو محاربة الحزب الوطنى فى شخص آخر رئيس وزراء فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك بالوقوف الى جانب الاخوان فى شخص الرئيس المعزول محمد مرسى وهكذا اجتمع كل الاعداء السياسيين فى صف محمد مرسى نكاية فى الحزب الوطنى وهذا ما حدث بأختصار فى انتخابات البرلمان 2015 فى مقاطعة البرتا . نجح الحزب الديموقراطى الجديد. فى أقصاء حزب المحافظين لاول مرة منذ 43 عام وهذا التغيير المتوقع و لكن من حزب غير متوقع أسباب سوف نسوقها .
السبب الاول فى تغيير الشكل العام فى برلمان و حكومة البرتا هو حزب المحافظين نفسة الذى ظل قابع على صدرالمقاطعة ما يربوا على 43 عاما هذا الحزب الذى كان يفوز باغلبية ساحقة طوال عقود لكن كما حدث مع الحزب الوطنى فى مصر حدث مع هذا الحزب فكعادة احزاب اليمين تهتم برأس المال فى صورة رجال الاعمال و الشركات الكبرى فى تثبيت حكمها و تنفيذ مشاريعها و تعتمد عليهم أيضا فى تمويل حملاتهم الانتخابية و بعد الانتخابات يأتى وقت تسديد الفواتير و هنا لابد من أرضاء رأس المال حتى و لو على حساب المواطن . لعبت حاكم ولاية البرتا قبل الاخير اليسون فورد و التى أستقالت من منصبها بعد عدة فضائح مالية بسبب البذخ فى ميزانية الحكومة و رحلاتها المكوكية بطائرة خاصة مصطحبة معها ابنتها و احيانا صديقة ابنتها فى رحلات رسمية بلغت 52 رحلة رسمية و تكلفة مشاركتها فى تأبين نيلسون مانديلا التى كلفت دافعى الضرائب 45 الف دولار و أخيرا القشة التى أقصتها هى تنفيذ جناح خاص لها أعلى مقر للحكومة بدون ان يعلن عن الامر للمواطنين . و محاولة من حزب المحافظين لتحسين الصورة تم انتخاب جيم برانتس كحاكم للمقاطعة وهو رجل البنوك العائد من شرق كندا و الذى بداء عملة بسياسة تخفيض نفقات الحكومة و أصلاح الشرخ التى أحدثتة فورد و فى اول انتخابات جزئية نجح كعضوا منتخب فى البرلمان و شكل حكومة جديدة استعان فيها بكل الوجوة القديمة و عدد محدود للغاية من الوجوة الجديدة منها ستيفن مانديل عمدة ادمنتون السابق كوزير للصحة الى ان تم التصويت على الميزانية الجديدة فى ظل اوضاع أقصادية متدهورة نتيجة انخفاض اسعار البترول العمود الاساسى لاقتصاد البرتا و لسد عجز الميزانية أتخذ و حكومتة قرارات كلها ضد مصالح المواطن من الطبقة المتوسطة ( كزيادة أسعار الجاز و زيادة مخالفات المرور وتخفيض المستقطع من الضرائب على الدخل و تحمل المواطنين جزء من تكلفة التأمين الصحى ) فى حين لم يقترب مطلقا من الشركات الكبرى او رجال المال او شركات البترول مما أثار غضب القطاع الاكبر من المصوتيين فى الانتخابات .
السبب الثانى فى فوز الديموقراطيين الجدد هو الحزب الذى حل وصيفا فى الانتخابات الماضية و هو حزب “ويلد روز” و هو الحزب الذى كان يعول علية كثير من مواطنى البرتا كحزب معارض قوى كشف العديد من قضايا الفساد خلال العقد الماضى و كانت زعيمتة دانيال سميث و تصريحاتها النارية و منازلتها للعديد من رجال حزب المحافظين أحد أهم أسباب استقالة اليسون فورد و هى التى كانت تطمح فى منصب حاكم البرتا لوقت طويل مما جعل كل التوقعات تشير انها و حزبها سوف يكون الحصان الرابح فى انتخابات 2015 و لكن فجرت سميث قنبلة من العيار الثقيل منذ عدة أشهر عندما اعلنت فى مؤتمر صحفى أستقالتها من رئاسة الويلد روز و منصب زعيم المعارضة و أنضمامها و تسعة برلمانيين من حزبها الى حزب المحافظين فى تصرف أطاح بكل تاريخها السياسى و حطم حلمها فى ان تكون حاكم لالبرتا و فى اول انتخابات داخلية داخل حزب المحافظين خسرت أصوات أعضاء الحزب و حتى الان لم يعرف ثمن هذا التحول و يعتقد الكثيرون لو أنها خاضت انتخابات 2015 لفازت هى و حزبها بتشكيل الحكومة و منصب حاكم الولاية ولما ظهر حزب الديموقراطيين الجدد.
السبب الثالث و هو الاقل قوة هو الحزب الديموقراطى الجديد نفسة الذى يحظى بقبول محدود للغاية فى الشارع ولم يفز الا بخمسة مقاعد فى البرلمان السابق و لكن فى ظل اخفاقات حزب المحافظين حاولت راشيل نوتلى كزعيمة للحزب و توجهاتها اليسارية ان تظهر فى جانب المواطن من الطبقة المتوسطة و العمال على حساب رجال المال و الاعمال و ساعدها فى ذلك زوجها ” لو اراب” ممثل اتحاد النقابات العمالية فكان برنامج حزبها مقنع للكثيرين حتى لو كان غير منطقى للباحثين .
أما بعد ….و قد خسر المخضرمين الانتخابات خسارة فادحة من 70 مقعد الى ستة مقاعد و نجح الحزب الذى لا يعرف المواطنين أسماء او تاريخ اعضاء البرلمان الجديد حتى أن أغلب التوقعات الان تشير أن راشيل سوف تجد صعوبة فى اختيار أعضاء حكومتها و قد أشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بتعليقات عن أعضاء البرلمان الجديد مما يذكرنا ببرلمان 2012 فى مصر الكارثى …ولكن بدلا من أن تجد عضو يؤذن او يمارس الرقية الشرعية سوف تجد أعضاء بقصة شعر غريبة او وشم على الذراع او بقرط كبير فى اذن أحدهم و قد بدا الناس يتابعون البرلمانيين الجدد ..أحدهن كتبت على تويتر” اجندة اليوم 10:30 يوجا …12:00 بحث عن مهام عضو البرلمان على الانترنت 1:30 اتصال براشيل لنرى او وظيفة حصلت عليها” ..و أخر عمرة 20 عاما يدرس هندسة حاسبات لا يعرف غير انة فاز بمقعد فى البرلمان و ثالث مهاجر من امريكا الجنوبية يعتبر اول مزدوج الجنس فى برلمان البرتا يعترف بذلك حتى عندما تم أختيار طبيب معروف لخوض الانتخابات تجاهل الحزب ان هذا الطبيب لا يحظى بقبول زملاءة من المهاجريين و يعاملهم بصورة غير لائقة ..أما اذا حالفك الحظ للتتابع صفحات اعضاء البرلمان الجدد فسوف تجد مايسرك من صور بروفايل او تعليقات لاصدقائهم ولما لا فقد غامرت راشيل بالمنافسة على جميع المقاعد واختارت كل من وجدتهم فى طريقها لملء الخانات و وقف الحظ الى جوارها يوم الانتخابات عندما كان الناخبون يختارون الاسم بناء على انتماءة الحزبى لا عن معرفة بشخصة او تاريخة ..ولسوف نرى فى الاربع سنوات القادمة ما سوف تقدمة راشيل لالبرتا خاصة بعد اعلان العديد من رجال الاعمال عن أعادة النظر فى أستثماراتهم فى أرض الرمال البترولية .
بسام توفيق عبدالملك
ادمنتون البرتا