أحمد ماجد يكتب: المرأة منذ فجر التاريخ

بمناسبة شهر المرأة دعونا نتحدث ونبحث في التاريخ عن أدوار المرأة المصرية ومساهمتها في الحياة العامة منذ فجر التاريخ حتي العصور الحديثة ، ومدي تفاعل المجتمع مع المرأة والمراحل التي مرت بها المرأة علي مدار العصور
كانت للمرأة في عهد الفراعنة حقوق لم تحصل عليها امرأة اخري في الحضارات السابقة فكانت تشارك في الحياة العامة،وكانت تحضر مجالس الحكم،بل وتتولي الحكم.وتمتعت بحقوق اقتصادية واجتماعية وقانونية وسياسية مساوية للرجل تماما،وكانت مصر الفرعونية تشجع ابناءها ذكورا واناثا علي التعليم،وشغلت المرأة المصرية في العهد الفرعوني العديد من المهن والحرف مثل منصب قاض ووزير ودخلت مجال الطب والجراحة.
(إيزيس) فهي أكثر النساء شهرة في التاريخ الفرعوني بل إنها أحياناً ترمز إلي مصر نفسها، وهي قرينة أوزوريس الذي صاحبته وساندته وقامت بعده بنشر عقيدته؛ كما عرف الفراعنة تكريم الأم قبل خمسة آلاف عام.
(الملكة حتشبسوت) التي حكمت مصر عشرين عاما وهي تعتبرمن أعظم ملكات مصر الفرعونية؛ وتأتي كأعظم شاهد علي دور المرأة المميز وقدرتها علي الإدارة والحكم علي الرغم من كثرة الرافضين لوجود امرأة علي كرسي العرش.
فقد تمكنت حتشبسوت من حكم البلاد لمدة عشرين عاماً، نعمت فيها البلاد بالكثير من الرخاء والازدهار، وعندما كثرت عليها الضغوط من الكهنة وقادة الجيش تنازلت عن العرش فقط من أجل مصلحة البلاد، فكان لها دور بارز في حكم البلاد حيث اهتمت بالأسطول التجاري المصري فأنشأت السفن الكبيرة؛ واتسم عهدها بالرفاهية والسلام في مصر.
في عام (1347هـ – 1928م) التحقت المرأة بالجامعة المصرية ، ولم يقتصر دور المرأة علي الحياة الاجتماعية بل كان لها دور بارز في الحياة السياسية وأبرز الأسماء التي لمعت في هذا المجال السيدة (صفية زغلول) ، فهي ولدت لعائلة ارستقراطية فوالدها هو مصطفي فهمي باشا والذي يعد من أوائل رؤساء الوزراء وهي حرم سعد زغلول أحد أكبر وأقوي زعماء مصر وقائد ثورة 1919 “فقد” أطلق عليها الجميع لقب “أم المصريين” وذلك لعطائها المتدفق من أجل قضية الوطن العربي والمصري خاصةً ، حيث خرجت علي رأس المظاهرات النسائية من أجل المطالبة بالاستقلال خلال ثورة 1919 وقد حملت لواء الثورة عقب نفي زوجها الزعيم سعد زغلول إلي جزيرة سيشل، وساهمت بشكل مباشر وفعال في تحرير المرأة المصرية.
في عام 1921 خلعت صفية الحجابَ لحظةَ وصولِها مع زوجها سعد زغلول إلي الإسكندرية، كما كانت مثقفة ثقافة فرنسية، ومنحها سعد الحرية الكاملة لثقته بها، وقيل إنها أول زوجة زعيم سياسي عربي تظهر معه سافرة الوجه دون نقاب في المحافل العامة والصور، بل وتتسمي علي الطريقة الغربية أي باسمه لا اسم عائلتها.
(سميرة موسي) أول عالمة ذرة مصرية والتي لقبت باسم ” ميس كوري الشرق ” فهي تعلمت منذ الصغر القراءة والكتابة، وحفظت أجزاء من القرآن الكريم كانت اول فتاة مصرية يجتمع مجلس الوزراء من اجل تعيينها في الجامعة ؛ و كانت المصرية الوحيدة التي زارت معامل الذرة السرية في الولايات المتحدة الامريكية ؛ وكانت تريد أن يصبح العلاج بالذرة كالعلاج بالاسبرين متاحا للجميع.
عاشت عمرها الذي لم يتجاوز الخامسة و الثلاثين عاما في تفوق ؛ حصدت الجوائز الأولي في جميع مراحل تعليمها، فقد كانت الأولي علي شهادة التوجيهية عام 1935 واختارت كلية العلوم بجامعة القاهرة، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة، وهناك لفتت نظر أستاذها الدكتور مصطفي مشرفة، أول مصري يتولي عمادة كلية العلوم. وهي تأثرت به تأثرا مباشرًا.
حصلت علي بكالوريوس العلوم وكانت الأولي علي دفعتها وعينت كمعيدة بكلية العلوم ودافع د.مصطفي مشرفة عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب الإنجليز).)
حصلت علي شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات؛ وسافرت في بعثة إلي بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت علي الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها علي المواد المختلفة.
تمكنت خلال دراساتها المتنوعة من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع، ولكن لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التي توصلت إليها
قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 وحرصت علي إيفاد البعثات للتخصص في علوم الذرة؛ وكانت أول من دعا الي أهمية التسلح النووي، فنظمت مؤتمر الذرة من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم وشارك فيه عدد كبير من علماء العالم.
كما كانت عضوا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة علي رأسها “لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية”.
(هدي شعراوي)
هي مكونة الاتحاد النسائي المصري وصاحبة المرحلة الأولي لإزالة النقاب تدريجيا، حيث طلب سعد زغلول من بعض النساء اللاتي يحضرن خطبه أن يزحن النقاب عن وجوههن، فشجعها ذلك علي نزع النقاب وذلك عند استقباله في الإسكندرية بعد عودته من المنفي، و اتبعتها النساء فنزعن النقاب بعد ذلك وهي من الناشطات المصريات الداعيات الي الاستقلال الوطني المصري والنشاط النسوي في نهايات القرن التاسع عشر وحتي منتصف القرن العشرين.
ولدت في مدينة المنيا في 23 من يونيو 1879 وهي ابنة محمد سلطان باشا – تلقت تعليمها في منزل أهلها؛ وتزوجت في سن الثالثة عشرة من ابن عمتها “علي الشعراوي” الذي يكبرها بما يقارب الأربعين عاما، ليتغير اسم عائلتها الي “شعراوي”.
فقد أسست هدي شعرواي جمعية لرعاية الأطفال عام 1907 وفي 1908 نجحت في إقناع الجامعة المصرية بتخصيص قاعة للمحاضرات النسوية، وكان لنشاط زوجها السياسي الملحوظ في ثورة 1919أثر كبير علي نشاطاتها، فشاركت بقيادة مظاهرات السيدات عام 1919 وأسست “لجنة الوفد المركزية للسيدات” وقامت بالإشراف عليها.
في عام 1921 في أثناء استقبال المصريين لسعد زغلول وجهت هدي شعراوي الدعوة إلي رفع السن الأدني للزواج للفتيات ليصبح 16عاما، وكذلك للفتيان ليصبح 18 عاما، وطالبت من الجميع تأييد تعليم المرأة وعملها المهني والسياسي، بل دعت إلي خلع غطاء الوجه وقامت هي بخلعه
أعلنت هدي شعراوي عن إشهار أول اتحاد نسائي في مصر حمل اسم “الاتحاد النسائي المصري” وذلك عام 1923وشغلت منصب رئاسته حتي عام 1947، كما كانت عضوا مؤسسا في “الاتحاد النسائي العربي” وصارت رئيسته عام 1935 وفي العام نفسه صارت نائبة رئيسة لجنة اتحاد المرأة العالمي
شاركت شعراوي في عدة مؤتمرات دولية منها مؤتمر روما عام 1923 ومؤتمر باريس عام 1962 ومؤتمر أمستردام عام1972 ومؤتمر برلين العام 1972ومؤتمر استنبول عام 1953
دعمت هدي شعراوي إنشاء نشرة “المرأة العربية” الناطقة باسم الاتحاد النسائي العربي، وأنشأت مجلة المصرية عام1973.
(ملك حفني) “باحثة البادية”
ناشطة مصرية في مجال حقوق الإنسان والمرأة، ومناهضة للاستعمار البريطاني في مصر ، عاشت قي قصر الباسل بالفيوم وهي إحدي ضواحي مركز إطسا، واتخذت اسم (باحثة البادية) اشتقاقاً من بادية الفيوم التي تأثرت بها. عرفت بثقافتها الواسعة وكتاباتها في العديد من الدوريات والمطبوعات وكانت تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية وتعرف شيئا من اللغات الأخري.
وملك ناصف تعتبر أول امرأة مصرية جاهرت بدعوة عامة لتحرير المرأة، والمساواة بينها وبين الرجل، كما أنها أول فتاة مصرية تحصل علي الشهادة الابتدائية عام 1900كما حصلت علي شهادة التعليم العالي لاحقا.
أسست باحثة البادية عدة جمعيات، منها: جمعية الاتحاد النسائي التهذيبي، وكانت تضم كثيرات من نساء مصر والبلاد العربية وبعض الأجنبيات، وجمعية للتمريض كانت ترسل الأدوية والأغطية والملابس والأغذية إلي الجهات المنكوبة في مصر والبلاد العربية
لها مقالات نشرتها في جريدة الجريدة ثم جمعتها في كتاب أسمته النسائيات من جزأين، ولها كتاب آخر بعنوان (حقوق النساء) حالت وفاتها دون إنجازه. ومعظم أعمالها تدور حول تربية البنات وتوجيه النساء ومشاكل الأسرة.
لم ينقطع عطاء المرأة الاجتماعي والسياسي ، ومازالت تناضل من أجل قضيتها المجتمعية والسياسية ، وشاركت في العديد من النهوض المجتمعي في مصر والقضايا الوطنية ، بل وأحيانا يبقي لها الصوت العالي المدافع عن الحقوق الانسانية والقضايا الوطنية.
تبقي المرأة جزء لا يتجزأ من التاريخ المصري الذي يشهد بالعديد من النماذج المشرفة للمرأة المصرية الي يومنا هذا ، واذا اعطينا لانفسنا الفرصة للحديث عن تلك النماذج فلن نتوقف لأن التاريخ يشهد بالكثير