رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام لـ “جود نيوز” : العِلمانية فيها نجاة المسلمين والإسلام

الشيخ الدكتور مصطفى راشد – رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام لـ “جود نيوز”:
• الوضع الديني في مصر، محزن وكارثي.
• لنتعلم من دولة المغرب.
• مسيحيو مصر، ليسوا أهل ذمة.
• معركتنا الحقيقية، ضد فكر وليس أشخاص.
• ليس تجديداً، وإنما تصحيحاً للخطاب الديني.
• العِلمانية، فيها نجاة المسلمين والإسلام.
• التديّن الكاذب، أخطر من الالحاد.
• أؤمن باليهودية، والمسيحية.
• أؤيد التصالح مع من لم يحمل السلاح.
• سوف انتخب صاحب البرنامج الأفضل، بغض النظر عن إسمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاوره: عـادل عطيـة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأى النور في مدينة شهدت معارك نضالية، والمدهش أنه يعيش حياته في معترك معارك فكرية!
أزهري في زيّه، لكنه ليس كالأزهريين في فكرهم وحياتهم، ترى ذلك وهو يشاهد الأفلام، ويستمع إلى الأغاني، التي تحمل معنى ورسالة!
قال عن نفسه: “وهبت نفسي للدعوة ونشر رسالة السلام، وتصحيح الخطاب الديني، وتنقية التراث من الأكاذيب التي علقت به”!
قدمته “السوشيال ميديا”، على أنه الرجل الديني المثير للجدل!
لذلك، كان لا بد لنا أن نجيب على هذا التساؤل، بالتحديد: “لماذا”!
ولذلك ـ أيضاً ـ، كان هذا اللقاء، وهذا الحوار، مع الشيخ الدكتور مصطفى راشد، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام..
• مسيرتكم من أين بدأت، وإلى ماذا تريد أن تصل؟
أعمل رئيساً للاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام، ومن موقعي هذا، حضرت العديد من المؤتمرات الدولية حول العالم، كمتحدث عن كيفية التعايش السلمي بين أتباع الأديان، ودعيت للحديث أمام العديد من برلمانات العالم، مثل: البرلمان الأوروبي، والبرلمان الفرنسي، والأسترالي.
صدر لي 28 كتاباً، و 989 بحثاً منشوراً.
هدفي في الحياة، أن يعم السلام العالم، ويعيش كل إنسان حياة كريمة؛ فكل البشر، اخوة واخوات، ينتسبون جميعاً إلى الأبوين الأولين: آدم وحواء.
أعد بك الى بداياتي، هكذا قال شيخنا الجليل..
نشأت في مدينة رشيد، من أعمال محافظة البحيرة، لأسرة بسيطة، متدينة بشكل مستنير، تعرف قيمة العلم، والأخلاق، وتحترم القانون والأصول، والمبادئ العظيمة.
انتقلت إلى الاسكندرية، وهناك، ألتحقت بمعهد سموحة الأزهري، ثم كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، التي حصلت منها على العالمية. بعد ذلك، التحقت بأكاديمية السلام الدولية، وحصلت على الدكتوراة في مقارنة الأديان.
• كيف ترى الوضع الديني في مصر؟
الوضع الديني في مصر محزن وكارثي؛ فالتديّن الكاذب الجاهل، منتشر بين عموم الناس، وأكثر من 95% من رجال الدين عندنا، اما جهلة، واما مدّعين، يكذبون على الله علناً عبر وسائل الإعلام والصحافة، ويضعون شريعة، ما انزل الله بها من سلطان، تتوافق وصفاتهم التي تتسم بالعنف والإجرامية؛ لذا أتمنى من السيد الرئيس، والمسئولين، منع البرامج الدينية على الهواء، حتى يتم فحص هؤلاء بمعرفة لجنة عليا: نفسياً، وتربوياً، وعلمياً. دولة المغرب، كانت سباقة في هذا التحوّل؛ فقد خصت دور العبادة، بالتعليم الديني، دون سواها، وتحت الملاحظة؛ حماية للناس من أصحاب الفكر المريض، الذي يُنمّي الكراهية والإرهاب، بصورة مباشرة، وغير مباشرة.
• دائماً تبدأ أحاديثك بتكريم موسى وعيسى، فهل أنت تؤمن باليهودية، والمسيحية، إيمانك بالإسلام؟
اليهودية والمسيحية، رسائل من عند الله. ومن لا يؤمن بها ليس بمسلم؛ لأن القرآن عندما وصف المؤمن المسلم، قال بأنه من يؤمن بكل الكتب، وكل الرسل، كما جاء في الآية 285 من سورة البقرة ، والآيتين 150 و152 من سورة النساء.
• ما رأيك في مقولة أن المسيحي كافر؛ لأنه لا يؤمن بالإسلام؟
من يضع الشرع، أهذا القائل، أم القرآن والأحاديث الصحيحة؟!، فالقرآن والأحاديث الصحيحة لم تقل بأن اليهودي والمسيحي من أهل الكفر، بل قالت في 32 آية، أنهم أهل كتاب. وفرّقت الآيات بينهم وبين المشركين الكفار. ولا احد ينسى قول نبينا، عندما كان ممسكاً بالتوراة، في حادثة شهيرة: “يجب أن يعلى هذا الكتاب ولا يعلى عليه”، كما أن الآية 55 من سورة آل عمران، تؤكد على أن الذين اتبعوا عيسى فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة؛ لذا من يقول بكفر اليهود والمسيحيين، فقد أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويقع في دائرة الكفر.
• هل الدواعش كفار، من وجهك نظرك؟
الدواعش بالفعل كفّار؛ لأنهم كفروا بشرع الله الصحيح، الذي لم يأمر بالقتل، والحرق، والتدمير، واغتصاب النساء، وترويع الآمنين، رغم أن القرآن حرم دم كل البشر على إختلاف عقائدهم.
• هل مسيحيو مصر أهل ذمة، كما يقول السلفيين؟
بالقطع مسيحيو مصر، ليسوا أهل ذمة.. فهل أهل البلد، ونحن من أتى إليهم، نطلق عليهم أهل ذمة؟!. وللعلم الحملة التي جاءت مع الخليفة عمرو بن العاص، رجعت بالكامل، ولم يتبق منها إلا حوالي 50 فرداً، مما يعني أن أكثر من 99% من مسلمي مصر، هم نسل من أجداد أقباط.
• في المناهج الأزهرية، كقاعدة استندت إليها فتوي صدرت عن الأزهر نفسه، تُحرّم إعدام قاتل المسيحي.. فما رأيك؟
إن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، تعتبر كبيرة من أكبر الكبائر، وجريمة من أعظم الجرائم؛ فإذا كان الإسلام قد حرّم الاعتداء على الحيوان عمداً بدون سبب، فما بالك بالإنسان العاقل الذي كرّمه الله!
إن قتل العمد أو الغدر لا عفو فيه لا للأولياء ولا للسلطان، ولو كان المقتول كافراً والقاتل حراً مسلماً. فالقتل للقاتل دفعاً للفساد في الأرض، وهو حق لله لا للآدمي. ولإسلام لم يفرق بين مسلم وغير مسلم، ومن يقول بغير ذلك، هو لا يرغب في تطبيق شرع الله، بل تطبيق شرع الشيطان لخلل في النفس، فإحذروهم. وأما من قال ذلك بدون قصد وبالخطأ في الفهم والتفسير، فسوف يحاسبه الله على الاستخفاف بدماء خلقه وتصديه للرأي والفتوى بلا إدراك، وبلا أدلة قاطعة مؤكدة.
• كيف ترى تجديد الخطاب الديني؟
دعنا نتفق في القول: “تصحيح الخطاب الديني، وتنقية التراث من الأكاذيب”، وليس “تجديد”. وهي مسئولية مشتركة بين الرئيس، والحكومة، ومجلس النواب، فكلهم مسئولون عما يحدث في مصر من إرهاب؛ لتركهم الفكر المتطرف، يقود منظومة التعليم، والصحافة والإعلام، والقضاء. وسكوتهم على أحكام السجن، والتنكيل بكل شخص، يقدم فكراً مستنيراً مسالماً.
أضف إلى ذلك، تركهم العديد من المتطرفين في الوظائف الحكومية، والأماكن السيادية، وتعمدهم التأخير في تفعيل مفوضية عدم التمييز، التي نص عليها الدستور، ورفضهم إلغاء مادة إزدراء الأديان، وعدم اعمال القانون مع المتطرفين المجرمين بحسم، وسماحهم بجلسات الصلح العرفية، التي تخضع لجبروت المتطرف، وعدم إقالة المقصرين والمتخاذلين من المسئولين عن حماية الناس بالعدل والمساواة؛ ليكونوا عبرة لغيرهم. وأخطر الكل، سكوتهم على المرتبات التي يتقاضاها العديد من رجال الدين، والصحافة والإعلام، بكشوف معلومة من الدولة الوهابية؛ لدعم وإستمرار هذا الإرهاب، ونزيف الدم.
• ألا ننتظر دور الأزهر؟
هذا الملف “أمن قومي”، ولا يحتمل رفاهية التباطؤ. ولا يجب أن ننتظر تحرك رجال الأزهر؛ لأنهم سبب ما نحن فيه، بصمتهم على التراث المليء بالعنف والدم، واستمرارهم في تدريس كل هذا التراث المتخم بالأكاذيب المغرضة، في معاهدهم، وكتبهم الدراسية.
صحيح لدينا الشيخ الطيب، على رأس هذه المؤسسة، وهو رجل طيب. إلا أن غالبية من يعملون معه، يحملون فكراً إخوانياً، سلفياً. وهؤلاء هم الخطر الكبير على الإسلام، وأمن الوطن، والمواطن؛ لأنهم ينسبون للإسلام، ما في عقولهم وقلوبهم من أفكار شيطانية.
• لكن الدولة تبذل مجهوداً كبيراً في مكافحة الإرهابيين، وكل يوم يسقط للوطن شهداء في المعركة ضد الإرهاب؟
للأسف، الدولة لا تحارب الإرهاب، هي تحارب إرهابيين.. ما إن يقتلوا حتى يحل محلهم إرهابيون غيرهم. لذا المعركة ضد الإرهاب ستطول، وسوف تكلفنا المزيد من الضحايا؛ لأن بالداخل مفرخة، تفرخ كل يوم إرهابيين جدداً. المعركة ضد الإرهاب تعني تجفيف منابعه، تعني غلق مفارخه، تعني تصحيح مسار الأزهر وخطابه، تعني التضييق على السلفيين، تعني تطهير المساجد والفضائيات الدينية من كل مارق يدعو للكراهية ويتهم الآخرين بالشرك والكفر، تعني تحويل شعار “الدين لله والوطن للجميع” لواقع نعيشه، تعني أن نطبق القانون، وأن نحكم بعقوبات رادعة لمن يخرج عليه، تعني أن تكون الدولة محايدة في الشأن الديني، وأن يتساوى الجميع أمامها في إعلاء لمفهوم المواطنة.
• يقولون، بأن العِلمانية ضد الدين وهي كفر؛ فكيف يمكن لرجل دين مثل الدكتور مصطفى راشد، أن يقول بأن العِلمانية فيها نجاة للمسلمين والإسلام؟
من قال أن العِلمانية كفر، لا يعرف ماهي العِلمانية؟.. فالعِلمانية تحترم الأديان، وتساوي بين الناس، وتحكم بينهم بالعدل، وتحترم كرامة الإنسان وحتى الحيوان، وتُعلّي من الضمير الإنساني، وتُجرّم الكذب… فهل الإسلام ضد ذلك؟!
كل البلاد طبقت العِلمانية ما عدا الدول الإسلامية، لقد أرادوا لها أن تبقى في القاع، فاخترعوا كفر العِلمانية، لنظل متخلفين في كافة نواحي الحياة، وهو ما حاصل الآن!
• التديّن الكاذب أخطر من الإلحاد. هل هذه دعوة صريحة منك للإلحاد؟
هذه ليست دعوة للإلحاد، بل هي توضيح لخطر التديّن الكاذب على الإسلام؛ فالملحد واضح في رفضه للأديان، ولا يستخدم العنف. أما أصحاب التديّن الكاذب، على شاكلة داعش، فهؤلاء وأمثالهم، أكثر من أساءوا لصورة الإسلام، وشوّهوه عند غير المسلم، بما فعلوه ويفعلونه باسم الإسلام من تقتيل، وتدمير، وحرق، وزني، وسرقة وتدمير للتراث التاريخي للشعوب، حتى انتشرت في العالم ظاهرة ما يسمى “الإسلام فوبيا”، حيث أصبح الخوف من المسلمين واجب عقلي، إلى أن يثبت العكس!
• أيهما يكمل الآخر: الدين أم الإنسانية؟
كلاهما يكمل بعضه؛ فالدين رسالة روحية أخلاقية، تنظمها الإنسانية، وتضع القوانين والآليات لتطبيقها، كما تستخدم الإنسانية العقل الممنوح من الله لتغيير وتأويل النصوص لتواكب كل عصر، وتراعي مصالح الناس، حتى لا تصطدم المصالح بالنصوص الجامدة في عقل البعض.
• هل تؤيد التصالح مع جماعة الاخوان المسلمين؟
مع انني امقت اسلوب الشلليلة، وتمزيق وحدة المؤمنين إلى كيانات، وجماعات، وفرق، واسماء مختلفة، إلا انني أؤيد التصالح مع من لم يحمل السلاح من هذه الجماعة، وإعطائهم الفرصة ليكونوا معارضين سياسيين مسالمين بالرأي. والافراج عن محمد مرسي، الرئيس المعزول، ووضعه بمنزله تحت الإقامة الجبرية لمدة محددة؛ لأنه كان مجرد دمية، يحركها مكتب الإرشاد، فقد أساء لمصر بدون وعي، أو إدراك.. أي أن القصد الجنائي منتفي عنده، بسبب عقله المتواضع.
• هل تؤيد ترشح السيسي لدورة رئاسية جديدة؟
كنت ممن انتخب السيسي ليكون رئيساً. الآن السؤال سابق لأوانه؛ فأنا محتاج أن أرى كل المرشحين، وبرنامج كل واحد، حتى اختار من يضع تنمية الإنسان المصري، وعقله، وحريته، وكرامته، والعدالة الإجتماعية والمساوة، والأخذ بأسباب العلم وإنهاء ظاهرة أطفال الشوارع والهجرة غير الشرعية كهدف قومي. ووضع برنامج حقيقي للتقشف الحكومي وخفض نفقات مجلس النواب، والمؤسسات السيادية، ومنع البلطجة والإزعاج في الشارع، ومنع رجال الدين من لعب دور سياسي؛ لذا سوف انتخب صاحب هذا البرنامج بغض النظر عن إسمه.
• هل ترى اسماء منافسة للرئيس السيسي؟
من كوارث أنظمة الحكم في عالمنا العربي، أننا لا نُعد صفوفاً من القادة للمستقبل؛ وبذلك نصبح محكومين باختيار من نقول عنهم: “أفضل السيئين”!
نحييك شيخنا الجليل، على عقلك المستنير؛ فدين بلا عقل، عقل بلا دين!