عزة الشناوي تكتب: حكاية الأَمة

“جلعاد” هي “داعش”.. وأبناء يعقوب هم أبناء محمد بن عبدالوهاب
مسلسل “حكاية الأَمة” أو “The Handmaid’s Tale”، هو مسلسل دراما وخيال أميركي، بيستند لرواية الكاتبة الكندية مارجريت آتوود.. صدرت الرواية عام 1985، وتعتبر دراما ديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة)، فكرة الرواية اتقدمت في أفلام ومسلسلات سابقة، لكن هنا المصدر مختلف، اللى بتسرد المسلسل أو الرواية هى الأَمة “حكايات خلف الجدران للحجرات المظلمة فى مجتمع باسم الدين انتهكت فيه كل سبل الحياة الكريمة للمرأة”.
الست مارجريت لو كانت تعرف إن اللى هتكتبه حقيقة مش فانتازيا زي ما هى كانت متخيلة أعتقد كانت هتموت مرة تانية بس من الصدمة..!
الحدوتة بمنتهى البساطة كالأتي: نتيجة التطور العلمي والحداثة مع بعض الحروب الأهلية، بيحصل تشوه للأجنة وانخفاض فى معدلات الخصوبة على جميع الأصعدة (نبات، حيوان والإنسان طبعًا)، حتى وإن كان فيه حد قادر على الإنجاب فبعد ولادة الطفل… الطفل يموت.. نتيجة لكل ده، مجموعة من السادة والقادة المتزعمين حركة “أبناء يعقوب” – اللى كانوا فى الحياة الطبيعية بيشغلوا بعض المناصب ذات المكانة العلمية والنفوذ المالى فى شتى المجالات زي الطب والاقتصاد والحركات النسوية كمان – بيقرروا الثورة على القوانين وشكل الحياة اللي وصل البشرية لخطر، وفعلا بينجحوا وبيمسكوا الحكم، ومن هنا تبتدي “حكاية الأَمة” اللي هي واحدة من النساء المنجبات..
دولة أبناء يعقوب “جلعاد” وعشان تواجه مشكلة الإنجاب بتخلق نظام جواري “إماء” من النساء الخصبات أو القادرات على الإنجاب، بحيث يتم تسخير الإماء دول للقادة اللي زوجاتهم مبتخلفش للعمل كـ”منجبة” لا حول لها ولا قوة، أما باقي النساء – غير الإماء – فليهم أدوار جديدة في مجتمع “جلعاد”، ما بين خادمات في منازل القادة أو خادمات بالسخرة في المستعمرات أو في نوادي الهوى السرية، ودول في الغالب بيكونوا من النساء اللي مبيخلفوش يعني اللي مفيش فايدة منهم للمجتمع الجديد.. مش مهم هما كانوا إيه في حياتهم قبل “جلعاد”.. المهم تكيفهم على الدور الجديد اللى حدده أبناء يعقوب (أَمة، خادمة، أو بائعة هوى) ..
المسلسل في سطور بسيطة جدا.. هو الانتهاك الممنهج لحقوق المرأة وتسخيرها لخدمة المجتمع الذكوري.. مسلسل من موسمين – والموسم التالت هيتذاع في 2019 – بيناقش وبيرتكز على التطرف والتعصب تجاه المرأة باسم الدين.
“جلعاد” هو اسم الدولة الجديدة البديلة للولايات المتحدة الأمريكية – فى المسلسل – استخدموا اسم “جلعاد” تحديدا لأنه يرمز للصلابة والخصوبة، فالاسم ده فى اللغة العبرية بيعبر عن الصلابة، بالإضافة إلى إنه باسم مدينة أردنية بتمتاز بالخصوبة والأمطار الغزيرة والإنتاج الزراعي والحيواني الكبير.. فيبدو إن الجماعة المدعوة بأبناء يعقوب أخدوا الاسم كرمز للخصوبة اللى بيأملوها ويتمنوها، وهم فى الحقيقة بيفتقروا ليها..
“مارجريت آتوود” فى 1985 لما صدر كتابها، كانت بتتأمل العالم بعد أحداث حركة طالبان وصحوة الإسلاميين فى أواخر السبعينات، وعهد إنجلترا الجديد، والتطور العلمى وتطور الحركة النسوية، كمان كونها من المنظمات والداعمات للحركة النسوية فى الفترة دي وعلى مدار سنين حياتها، فاعتقادى مش إجزام بإنه ممكن يكون حقيقي.. لكن ليه لا؟؟!!
وفي لقاء قديم ليها، قالت “آتوود” إن روايتها لا تعتبر خيال علمي ولكنه خيال تأملي، لأن “الخيال العلمي هو الشىء الذي لا يمكن حدوثه ولكن يمكننا رسمه بشكل إنه ممكن، أما الخيال التأملي فهو حدوث شىء بصورة أو بأخرى نتيجة واقع أو أحداث كثيرة فى الوقت الحالي والماضي”.
مش موضح فى المسلسل الجزء الخاص بالأديان “الإسلام واليهودية” زى ما ذكرت “آتوود” فى الرواية.. مؤلف المسلسل “بروس ميلر” كان تركيزه عليهم طفيف بقدر ما كان تركيزه على توضيح صورة كاملة عن أبناء يعقوب “جلعاد” وإزاي هم مختلفين عن الطوائف المسيحية التانية “المعمدانين والكاثوليك”.. وكان شعارهم: من لا يطع أوامر أبناء يعقوب يتم قتله أو عزله فى المستعمرات…
المستعمرات
فكرة المستعمرات ونفى من يخالف تعاليم أبناء يعقوب – أبناء الرب – هي نوع من أنواع العقاب، نشأت المستعمرات نتيجة اللي مرت بيه الولايات المتحدة بعد الحروب الأهلية فى أحداث المسلسل، فحصل هلاك للأرض وانتشرت البكتيريا والمستنقعات والأمراض اللى هددت بإبادة البشرية..
“بروس ميلر”، أعتقد إن له تصور وخيال تأملى فى ظل اللي حاصل فى الولايات المتحدة فى عهد ترامب دلوقتي، فلو لاحظنا هنلاقي فيه تشريعات وقوانيين جديدة بيتم إقرارها ضد المرأة من ساعة ما ترامب مسك الحكم، وبعيدا عن وقائع ترامب وأحاديثه في أكتر من مرة بشكل مسىء ومهين للمرأة، هنلاقي إن فيه قوانيين بتقيد حرية المرأة فى الإنجاب أو الإجهاض تم إقرارها بالفعل.. طيب كل التغييرات اللى بتحصل للمجتمع الأميركي معناها إيه؟ في رأيي معناها جرس إنذار لخطر كبير، قدر “ميلر” يلاحظه وياخد باله منه..
“ميلر” قدر يكون غازل نول حقيقي، قدر يعمل بخيوط فى الرواية لوحة مغزولة بحرفية من ألوان الظلم والقسوة مع ألوان الشهوة وألوان انعدام المشاعر، مع إضافة نسيج بسيط طفيف من الحب في لوحة معبرة لزمن خيالي، لكن متقدرش تنكر حدوثه في الوقت الراهن، يمكن مش بنفس التوقيت، مش بنفس المساحة فى الحياة، لكن هتصدمك أرض الواقع..
لماذا كندا؟
اختيار المؤلف لدولة كندا كملاذ للهاربين من دولة “جلعاد”، متهيألي بيرجع إلى إن كندا هي الدولة الوحيدة اللي فضلت محافظة على إرثها الطويل في استقبال اللاجئين والمضطهدين من كل العالم ومنحهم الحرية اللي افتقدوها في بلدانهم.. كندا كانت لأبطال العمل هي الملجأ الوحيد، وهي طوق النجاة للحفاظ على آدميتهم.
“سلع تباع وتشترى”
فى بعض الحلقات هتلاقي نفسك بتتعاطف مع الشخصيات المتجبرة، لكن المؤلف مش هيديك الفرصة إنك تكمل تعاطف للأخر، كأنه بيقولك بلاش البهرج الخداع للبراءة أو الطيبة ينسوك حقيقتهم..
كل الإماء فى المسلسل مش هنقول مثاليات لكن مواطنات عاديات، عاشوا أغلب عمرهم في ظل قوانين بتعبر عن الحرية والحداثة والتحرر، إلا إنهم بيصحوا في يوم يلاقوا نفسهم تحولوا من أساتذة جامعة وصحفيات وكاتبات إلى إماء أو عاصيات أو خادمات.
حياة جديدة أهدرت كرامتهم وهويتهم وكأنهم مجرد سلع تباع وتشترى أو وعاء للإنجاب بشكل ديني..
الإخراج.. وجملة “جون” اللاتينية
المخرج أبدع في تصوير المشاهد وإنه يخرج من كل ممثل فى العمل أفضل ما عنده، هنلاحظ ده في نظرات الغضب ولغة الجسد ولغة عيون البطلة “جون/ أوففريد” اللي كانت دايما بتوصلك لحاجة وتشدك عشان تنتبه إيه اللى هيدور في قادم المشاهد والأحداث.
زوايا التصوير اللى كانت بتوضح وحدة “أووفريد”، أو تدني وضع المرأة في مجتمعها الجديد.. فيه لحظات من التصوير وكادرات العدسة بتحسسك إن “جون/ أوففريد” كأنها فى كابوس وإن فيه أمل تصحي منه..
يمكن بس يؤخذ على الإخراج، مشهد هروب “جون”.. المفروض إن الوقت كان ضيق جدا ومطلوب خروجها من البيت بسرعة، لكن اللي حصل إنها قعدت تكتب بألة حادة على الحائط جملة باللغة اللاتينية:
“bastards grind you down Don’t let the”، لكن باقي الأحداث مقدرش اقول إن فيها أى ثغرات أو أى أخطاء …. بالعكس مشاهد الحلقة الأخيرة من الجزء التاني سايبه المشاهد بيفكر.. العمة ليديا – مصير جون – مصير نيك.. مصير “جلعاد”.. هل النهاية فى الجزء القادم.. ولا؟!
إضاءة خافتة.. وكأنهم أهل كهف جدد
الإضاءة فى بيوت القادة كانت دايما خافتة، وأعتقد إنها دليل على الوحشة والاستبداد اللي سادوا في “جلعاد”، وكأننا رجعنا لعصور الكهوف..
شخصيات العمل
كل شخصية من الشخصيات كان ليها بريق ولمعان مختلف.. قدر يوظف الإخراج أدوارهم ويخرج مشاعرهم بشكل عبقري..
بطلة العمل “جون/ أوففريد”، هى اللي بتحكي وبتفتكر اللى كانت عليه حياتها واللى أصبحت عليه بعد انتشار ثورة أبناء يعقوب وإقامة دولة “جلعاد”.
صورة الشخصية قبل ما تكون أَمة، حياة بسيطة مثالية إنسانية عادية تماما، شخصية مسالمة بعض الشىء، مش ثورية أو حاقدة، بالعكس كانت دايما فى عون كل اللى حواليها، فجأة حياتها كلها بتتحول من إنها زوجة ومحررة وأم إلى أمة، بتتسحب منها حياتها بالتدريج بعد إقامة الدولة، لحد ما بتتخطف منها بنتها وبتتسجن داخل المركز الأحمر “مركز تدريب الإماء” وتعرف إنها مجرد منجبة “محظية – ملكة يمين”..
“أوففريد” ما بتتحولش للشخصية اللى بتحب سجانها أو ما يعرف بـ”سيكولجية العبيد”، بالعكس بتحاول الهرب مرة واتنين وبتستخدم ذكاء الأنثى فى بعض الأوقات عشان تحقق غايتها وهي الهروب من دولة جلعاد، لكن محاولتها دائما بتفشل ومع كل محاولة بتشوف مدى التشوه اللى حصل فى الدولة والوحشية والقهر والعذاب..
على عكس بعض شخصيات الأدوار التانية فى المسلسل واللي جسدوا دور الإماء، هنلاقي مثلا:
“جينين” مش بيذكر المسلسل كتير عن ماضيها، يمكن لأن هى شخصية عادية جدا يعني حياتها محصورة ما بين الرقص والموسيقى والسهر والحياة الصاخبة.. “جينين” بتتحول لكائن سهل جدا إنه يكون تابع وتحت سيطرة أى كلمة بتتوجه ليه، حتى المحاولة الوحيدة ليها فى الانتحار بتفشل وبالعكس بيتم نفيها فى المستعمرات، وبترتضي.. بتحاول تخلق لنفسها من الجحيم شىء تقدر تستمتع بيه، بتفكرنى بجملة “إذا عجزت عن مقاومة الاغتصاب.. فحاول أن تستمتع”..
“مويرا” صديقة “جون” فى الحياة قبل “جلعاد” وعرابة ابنتها.. قبل “جلعاد” كان ليها دور كبير فى قيادة الحركة المثلية وليها أتيليه لتصميم الملابس كمان خاص بهذه الشريحة من المجتمع، وطوال الحلقات الأولى بتظهر قوية جدا.. التحول اللى بيحصل ليها بعد “جلعاد” يخليك مش مصدق إنها بالضعف دا.. إزاي يبقى كل أملها إنها بس تعيش كعاهرة فى الغرف المظلمة الموجودة بدولة “جلعاد”، واللى اتعملت بشكل سري للتنفيس عن رغبات القادة القذرة، عشان يفتكروا بيها حياتهم اللى كانت قبل “جلعاد”..
“ايميلي” أستاذة البيويلوجي في الجامعة، كانت مثلية الجنس ومتزوجة وعندها ابن، فجأة عقد جوازها المدني – اللى بقانون كانت الدولة بتكفله – بقى لاغي وغير معترف بيه وبتخسر كل حاجة وبتتحول لأمة وبتشارك فى الحركات والتنظيمات السرية لكن بتتعرض لأكثر صور التعذيب والإهانة، بداية بيعملولها عملية ختان وبتتنفي فى المستعمرات، والتحول اللى بيحصل لها إنها بتصبح قاتلة.. نعم من أستاذة علوم البيولوجي لقاتلة، هذا ما يريده لها الرب..!
زوج جون “لــوك”، مثال للزوج اللى بيحب زوجته ومؤمن إنها موجودة فى الحياة لكن هو عارف ومتأكد إنها بتقهر بكل الأشكال، وبيحاول باستمرار البحث عن سبيل لتحريرها أو حتى للاطمئنان عليها.
الدور مكانش كبير – لكن ليه تأثير كبير فى تطور مراحل حياة (جون)..
باختصار الشخصيات اللى فى دولة “جلعاد” تحولت مصائرهم نتيجة كل التغييرات اللى فرضتها قوانيين “جلعاد وأبناء يعقوب”، ولكن لم تختلف أبدا عن إنها أصبحت جحيم وهلاك على الأرض وحتى الموت..
الألوان.. “الأحمر” دموي كالعادة
ألوان الملابس تم اختيارها بشكل حرفي متناسق مع كل شخصية بتطورات مراحلها.. صور الحب الموجودة فى المسلسل أو الرواية، بسيطة لكنها محفزة للأبطال بتخلق بسببها روح للعمل تخليك عايز تتابع بشغف باقي الأحداث.
1- الأحمر، للوهلة الأولى ممكن تعتبره رمز للشهوة، لكن هو حقيقي لبس اللى بيتنفذ فيه حكم الإعدام، ودا كان لون ملابس الإماء.. هو اللون اللى كان بيعبر أكتر عن تنفيذ حكم الاغتصاب المبرر بتلاوة ترانيم حتى يصير اغتصاب ديني لإتمام عملية التخصيب والإنجاب.
2- الأزرق الباهت، لون ملابس زوجات القادة.. ودا لون دليل حي على الاكتئاب وقلة النفع لكل الشخصيات اللى كانت بتمثل زوجات القادة.. مفيش أكتر من إن شخصية “سيرينا وترفورد” تتحول من كاتبة عن حقوق المرأة إلى مجرد مطبقة لقانون دولة جلعاد، وإنها تلتزم بالمنزل وتقوم بأعمال زراعة الورود والخياطة وتربي ابن المنجبة فقط، مش بس كدة دي كمان بتساعد زوجها فى اغتصاب الأمة.. باسم الرب.
3- اللون الزيتي.. لون ملابس العمات، والعمات يعني العمة “ليديا” ودي واحدة من الشخصيات الرئيسية والمحورية في المسلسل، فهي منفذة قوانين الرب ودولة المجتمع الإلهى – زي ما كان بيطلق عليها فى المسلسل – كانت قمه فى القسوة كأنها عسكرى فى جيش بينفذ المطلوب ومؤمنة إيمان غير ممكن باللى بتعمله.. إيمان مطلق بأنها بتنفذ فعلا تعاليم الرب!!!!
4- اللون الأسود.. لون ملابس براقة ولامعة للقادة، وفي بعض الأوقات كان نفس اللون لملابس الحراس والسائقيين، زى كدا ما بيقولوا “المخبريين” وهم عيون بتمارس دورها فى التجسس ونقل أخبار المخالفين لدولة وقيم “جلعاد” للرئيس الكبير رئيس الدولة..
أنا بعتبر اللون الأسود هنا، لون الغراب النوحي، اللى طول الوقت وظيفته يعكنن على حياة الناس مش أكتر، وده بيمثله شخصية “فريد وتورفورد” المنفذ لتعاليم السياسة وصياغة القوانين لدولة جليعاد ويعتبر من ضمن أعضاء المجلس الإلهي.. شخصية بتمارس كل أنواع الفحش لكن فى الخفاء.. غراب نوحي حقيقي..
لكن اللون الأسود ده، هتتفاجيء إنه يخرج منه حد بيرتدى نفس الزي لكن جوا قلبه طاقة حب وثورة ومساندة للبطلة، شخصية “نيك” سواق آل وترفورد اللى بيحب جون وبيساعدها أكتر من مرة للخلاص من سجن الإماء..
5- اللون الرمادى، لون ملابس العاملات فى دولة جلعاد “الخادمات والعاملات فى المصانع ونقل البضائع”، وأبرز الخادمات دول “ريتا” اللى كان قلبها لسه فيه رحمة مع إن اللون بيبين عكس دا، ودي حقيقة إن الخوف مسيطر على كل اللى فى الدولة، لكن هنلاقي ريتا الوحيدة اللى كانت بتتعامل مع تطور المواقف ومرور الأيام بنوع كبير من الرحمة تجاه “جون/ أوففريد”.
6- اللون الرمادى المخضر.. لون لبس اللي عايشين فى المستعمرات، هو لون بيبين جحيم المستنقعات الملوثة من كل شىء “لون العفن”.. ودا بقى لبس المغضوب عليهم زى اللى بيكسروا الحجارة والجير فى السجون كدا.
الأَمة.. مجردة من اسمها
اسمك قبل “جلعاد” مثال على العار.. ولذلك يجب تغييره، تغييره ليتناسب مع وضع المرأة الجديد كأَمة.. في “جلعاد” لازم تنسي اسمك اللي عشتي بيه عمرك كله، اسمك اللي هو أنت وشخصيتك وكيانك.. وهنا هنلاحظ إن كل الإماء بيطلق عليهم (OF/name) زي ( OF/Fred ) يعنى تابعه لمالكها فريد..
يمكن المسلسل بيناقش بعض الحريات اللى بتختلف مع المجتمعات العربية أو مجتمعات دول الشرق الأوسط تحديدا، لكن العقوبات اللى بيتم تطبيقها واحدة بس بطرق وأشكال مختلفة.. المسلسل فكرته الأساسية هى الحرية – حرية المرأة – اللى حاربت أجيال كتير عشانها وفى نهاية الزمن يتم اختزالها لكونها منجبة أو خادمة أو محظية أو حتى زوجة بلا فائدة…
دولة “جلعاد أو “أبناء يعقوب” هي دولة انعدمت منها الحرية واتزرع مكانها الخوف والموت والاغتصاب والانتهاك… الخوف من الإفصاح عن ميولك الجنسية حتى لا تصبح “خائن الجنس” ويكون مصيرك الختان او الإعدام.. الخوف من الإمساك بورقة وقلم وإلا إيدك هتتقطع..
المسلسل بيأكد أكتر على فكرة إن التشدد فى الحياة لن يؤدي للكمال المنشود على الأرض حتى تقوم الساعة – بالعكس – كل ما حدث فى دولة “جلعاد” هو المزايدة على الدين نفسه والبيع والشراء في العباد بدون ثمن وبدون أي وجه حق.. في “جلعاد” لم يكن هناك فضيلة بقدر ما كان هناك انتهاك وطمع فى الإنجاب وتحقيق ثروة المال والبنون باسم الدين.. لكن أي دين بتتكلم عنه دولة “جلعاد” أو “داعش”.. أي دين؟؟!!!!
بعد مشاهدة المسلسل مش هتخرج غير بجملة حقيقية واحدة للرد على نماذج الدول الي بيسعى المتعصبين والمستبدين لإقامتها:
“…The future is a F***** nightmare”
لن يكون هناك أى مستقبل أو تطور علمي لمثل تلك الدول – لن يكون هناك حرية – لن يكون هناك اختلاف – ستكون هناك فقط ثلاث طبقات عبيد وسادة وإماء… فقط لا غير..