سميرة عبد القادر تكتب: الأعتراف هو الحل

كنت دائماً أهب للدفاع عن ديني في كل مرة يشير اليه أحد بالتطرف و الارهاب، كنت أهم فوراً بعدها للبحث عن جرائم تم ارتكابها باسم الأديان الأخرى لأشعر نفسي و أشعر من أمامي أن الرؤس متساوية مثلما يقول المثل المتداول “لا تعايرني و لا اعايرك” كنت أبحث في مواقع مكافحة الشبهات و الفتاوى عن اراء الشيوخ و أرددها كالبغباء حتى و لم أكن مقتنعة بها في باطن عقلي.
و لكن لابد و أن يأت علينا الوقت الذي نواجه أنفسنا فيه بحقيقة مشاكلنا و نحاول أن نجد حلول لها.
فماذا يهمني في الجرائم التي تم ارتكباها باسم الديانة المسيحية مثلاً و هي لا تدمر بلدي أو مجتمعي الآن.
بالطبع الارهاب مرفوض من الجميع و لكن على الأقل هناك بلاداً تداركت أخطاءها و فصلت الدين تماماً عن الدولة وبذلك أصبحت أغلب البلاد ذات الغالبية المسيحية بلاداً علمانية وفي نفس الوقت ينتاب الهلع الى الآن أغلب المسلمون اذا سمعو كلمة “علمانية” بعد أن أوهمهم الشيوخ و رجال الدين أنها تعني العداء لدينهم.
تعودنا أن نرد على أي غربي يتحدث عن التفجيرات التي تتبناها الجماعات الاسلامية بأن هناك جماعات متطرفة مسيحية أيضاً مثل جماعات “كو كلوكس كلان” و هي منظمات أخوية تؤمن بالتفوق الأبيض و معاداة السامية و العنصرية و معاداة الكاثوليكية و لكن اذا عقدنا مقارنة بين أعداد تلك المنظمات و بين أعداد المنظمات الجهادية الإسلامية بدءاً من جماعة الأخوان المسلمين و جناحهم العسكري وصولاً الى منظمات القاعدة و داعش فسنلاحظ حتماً التفوق العددي للجماعات الإسلامية بل و تفوق عدد جرائمها أيضاً مع الأخذ في الأعتبار أن أعداد المسيحيين حول العالم يعادل ضعف أعداد المسلمين تقريباً. و تلك الملاحظات لا تعني أننا نشير بالأتهام للدين الأسلامي نفسه و لكننا نشير الى أهمية تدارك أسباب تزايد معدلات التطرف في العالم الأسلامي فمثلاً مازال رجال الدين القاءمون على رؤس المؤسسات الدينية يصرون على دراسة التراث الاسلامي و أعتباره جزء لا يتجزء عن الدين الاسلامي فأصبحت كل الأحداث التاريخية و مواقف الخلفاء و الفقهاء و آراءهم و أجتهاداتهم الشخصية بأختلاف أماكنهم و عصورهم من أهم المواد التي تدرس لطلاب المدارس و الجامعات الدينية بما فيها من مواقف و قصصاً متطرفة و شاذة عن المألوف بل و أنها تناقض أحياناً النصوص و الآيات القرءانية، من بينها (على سبيل المثال لا الحصر) كتب الفقيه الملقب بشيخ الاسلام ” أبن تيمية”. و قد يصبح هذا اشكالاً كبيراً عندما يتم تدريس هذه المناهج لأعداد كبيرة من التلاميذ في بلاد تفضل نسب كبيرة منها التحاق ابناءهم بالمدارس الدينية مقارنة بالبلاد ذات الغالبية المسيحيةالتي فيها الاقبال على المدارس الدينية ليس بهذا الحجم فأستراليا مثلاً تعد من أعلى البلاد التي يلتحق طلابها بمدارس كاثوليكية و بلغت نسبة طلاب تلك المدارس 11% في حين أن بلد مثل مصر يتعدى طلاب المدارس الأزهرية بها 12% مع الأخذ في الأعتبار الأختلاف في تدريس المناهج فقد تم الغاء حقبة الصراعات الدينية بين الطوائف المسيحية في العصور الوسطى و لا يتم تقديمها كجزء من الدين المسيحي هذا بالأضافة الى اعتذار بابا الفاتيكان عن تلك الحقبة عدة مرات وهو ما ننتظره الى الآن من رجال الدين الأسلامي أن يبرأو ساحة دينهم من مجازر و جرائم أرتكبت تاريخياً باسم الدين الاسلامي لعل من أبرزها مذابح الأرمن التي ترفض تركيا الأعتراف بها الى الآن مع العلم أن هذا العناد و الكبر ليس في صالح صورة ديننا بل أن التمسك بالدفاع عنها يلصقها بالدين و هوما ليس صحيحاً أبداً و ليس كل ما تم ارتكابه على يد أحد الملوك و الخلفاء المسلمون سابقاً هو ركن من أركان الشريعة الاسلامية.
ففي النهاية يبقى أعترافنا بأخطاء الماضي و الحالي حلاً لا مفر منه لأنقاذ مجتمعاتنا و بلادنا.