سميرة عبد القادر تكتب: لماذا نحتاج إلى العلمانية؟

تطبيق العلمانية في الدول العربية أصبح ضرورة حتمية ليس فقط لإقامة العدالة الإجتماعية و المساواة بين جميع أطياف المجتمع بصرف النظر عن الدين أو النوع أو الشكل، و ليس فقط لإبعاد سلطة رجال الدين عن السياسة و إستخدام مكانتهم لدى جموع الشعب البسطاء لتوجيه الرأي العام حسبما يكون توجه رجل الدين.
و لكن العلمانية أصبحت ضرورة لإنقاذ بسطاء الشعب من أنفسهم.
لقد أصبح الدين يستخدم لتخدير الناس و إيهامهم أن الغلاء و الفقر ماهم إلا غضب من الرب بسبب إبتعاد الناس عن دينهم و قلة أخلاقهم! و ليس بسبب الفساد و سوء الإدارة و عدم محاسبة المسئولين.
أصبح الدين وسيلة إحتقار المرأة لذاتها و مطالبتها بقوانين تستخدم في قمعها فما من مناضلة نسوية نادت بحرية المرأة إلا و انهالت عليها خطابت السب و اللعن و التكفير.
أصبح الهوس الديني لا يفسد الحياة السياسية فقط بل يفسد العقل البشري أحياناً و يجعل حجاب بينه و بين التفكير المنطقي و السليم، فكم مرة رأيت نساءً تردد أحاديث نقصان العقل مدافعة عنها بشراسة و سعادة لأنها صدقت أن الحديث تكريم لها على زيادة عاطفتها و عدم رجاحة تفكيرها!
كم مرة رأيت إمرأة تدافع عن قوانين تعدد الزوجات و قوانين الوصاية على سفر المرأة و زواجها و طلاقها بحجة أن كل ذلك تكريم للمرأة و حماية لها؟
حماية لها؟
من من؟
من نفسها؟
من عقلها؟
هل كل الأولياء أمناء على من يتولو؟
هل الأباء الذين يزوجون بناتهم قاصرات أمناء على بناتهم؟
أيهما أحق أن يتبع؟ إمرأة بالغة راشدة تزوج نفسها لمن تحب و ترتضي أم أب يتحكم في مصير إبنته و يعطيها لمن يدفع أكثر؟
متى ستعامل النساء كأنسان بالغ عاقل في مجتمعاتنا؟ و متى ستفيق و تحرر نفسها من أفكار غرست في عقلها منذ نعومة أظافرها و أصبحت تعتنقها و تدافع عنها بشراسة كأنها من المسلمات الكونية و العلمية و ماهي في الأصل إلا هراءات من تأليف رجال الدين.
لماّذا يخشى الجميع العلمانية الى هذا الحد؟ هل لأنها ستجبرهم على احترام المختلف معهم و اعطاء المرأة حقوقها؟ أم لأنها ستيسر اصدار القوانين التي تتماشى مع العصر و تعطي الكل حقه بدون الحاجة الى أخذ الاذن من رجال الدين؟ اليس هذا جوهر الدين؟ العدل و التعايش في سلام!
لماذا لا يخشون الحرية و يربطونها بالأنحلال و المجون؟ فالبشر سواء في أي مكان لا يمنعهم أن يفعلون ما يشائون شيئا، الفارق فقط أن هناك من يفعله في الخفاء و هناك من يفعله في العلن فلم يمنعنا تديننا الظاهري في أن نتصدر العالم في التحرش و الادمان و متابعة المواقع الاباحية و الفساد و غيرهم.
العلمانية كانت ومازالت الحل الأخير للبلاد التي عانت الحروب و الصراعات الدينية و الطائفية والتي عانت تحكم و تسلط رجال الدين لذلك فهي آتية لمجتمعاتنا لا محالة.