جود نيوز الكندية

رسالة من ”ميامي”

-

كنت أشاهد مباراة الأهلي وانتر ميامي في بطولة كأس العالم للأندية مستمتعا بالأداء الراقي للنادي الأهلي خاصة في الشوط الأول من المباراة. أثناء المباراة أصيب أحد اللاعبين إصابة بالغة، على إثرها خرج من الملعب متجها إلى المستشفى لتلقي العلاج.

حينما أصيب اللاعب، انزعج الجمهور وانزعج مذيع المباراة ولكنه حاول طمأنة المشاهدين ببعض العبارات المسكنة والمهدئة. وكانت إحدى هذه الجمل عبارة قالها المذيع بمعنى "انه خير وان الإصابة من الله".

وهنا سرحت بعض الشيء فيما قاله المذيع. هل الإصابة حقا من الله كما يقول؟ هل الألم من عند الله؟ هل الضرر من السماء؟ وهنا أخذت هذه الفكرة وقمت بتعميدها أي وضعتها في قالبها المسيحي ونطقت بما يفكر فيه الكثيرون هامسا: "هل المرض والألم من الرب؟ هل يوجد ما هو صليب المرض الذي يحمله الإنسان بسرور؟ هل من المعقول أن يطلب أحد المرض لكي يتزكى أمام الرب ويحصل على مرتبة الشهيد؟" للآسف عزيزي القارئ إنني احكي لك عن أفكار وخواطر حقيقية تدور في عقول الكثيرين. فما علاقة الصليب بالمرض أو الكارثة؟

المرض شر ووجع والم للمريض ولذويه. المرض مكروه جدا ولو كان مرضا مزمنا أو ألما دائما، ففي الأغلب سيصاب المريض بإحدى الأمراض النفسية. أما الصليب فهو فخر ومجد ونصرة في معركة ضد إبليس، فيها رفع الرب رأس البشرية منتصرة على الشر والخطية في المسيح، فلا أملك إلا أن أترنم فرحا قائلا مع بولس الرسول: "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ " الرسالة إلى غلاطية14:6.

أما فكرة حمل الصليب التي قالها الرب يسوع "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" )متى24:16(، فلا تمت بصلة إلى حمل صليب مرض أو علاقات متوترة أو عمل بدون تقدير فيلجأ البعض بكبرياء الرثاء للنفس قائلا : "هذا صليبي وسأحمله بشكر"... لا يا صديقي هذا لا علاقة له بالصليب ولا ما قصده الرب يسوع.

فالرب يسوع يقصد فقط الموت عن الذات أي الخضوع الكامل له ولوصيته لأن الصليب في ذلك الوقت كان أداة للموت والتعذيب. فمن اخضع وأمات ذاته من أجل المسيح فله إكليل ومجد عظيم، وهذا يتضح من سياق النص فيكمل المسيح كلامه: "25 فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. 26 لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 27 فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ". إنجيل متى27-25:16.

عزيزي القارئ أدعوك أن تقبل الدعوة لكي نراجع معتقداتنا وإيماننا. فمن أين نستقي أفكارنا ومبادئنا الروحية؟ من قال إن الله يجرب الإنسان بالمرض؟ من علمنا أن الله يجلب شرورا على الإنسان؟

الله لا يعرف الشر مطلقا وليس هذا في طبيعته. كما أن الله لا يجرب الإنسان أبدا والكتاب المقدس واضح جدا وضوح الشمس: "لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا. وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. (رسالة يعقوب14-13:1). بل والأعجب أن الرب نفسه قد أعطانا سلطانا على هذا المرض فيقول الكتاب: " كَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْب" إنجيل متى23:4.

المسيح كان يشفي المرضى لأنه يعلم صعوبة المرض بل كان يعلم أن إبليس كان يقف وراء أغلب هذه الأمراض. فالرب يشفي المرض أو في بعض الأوقات يستخدم المرض ويحوله لصالح الإنسان ولمجده كما فعل مع أيوب. وهو يحترم قوانين الطبيعة التي وضعها في هذا الكون ولن يغيرها لأنه عادل وحق. كذلك يحترم الرب قانون الزرع والحصاد، فما يزرعه الإنسان إياه يحصد. أما أن الله هو من يجرب بالمرض فــ"لا" وألف "لا" . فكيف يجلب الرب المرض وهو اسمه "يهوه رفا " أي الرب الشافي؟

من فضلك عزيزي القارئ إنني أود أن أبشرك، صدق في سلطان كلمة الله، صدق في السلطان المعطي لك من الآب في المسيح بالروح القدس. صدق فيمن قال لك: "هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ." (إنجيل لوقا19:10). نعم تستطيع أن تنتهر المرض وتدوسه وتنال شفاء من آلامك إن آمنت فقط. إن الرب يطمئنك حينما يعلن: " أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ". (رسالة يوحنا الثالثة2:1). فهو يريدك سليما وصحيحا.

لن أمل أبدا عن دعوتك للمرة الثانية والثالثة على أن نرجع ونتمسك بكلمة الله، ونصدق ونتمسك بالحق الكتابي فهو الأساس الوحيد والمرجع الوحيد لنا. في هذا الحق نستمد فكرنا ونتحسس أنفاس الله ويستعلن لنا الرب يسوع الكلمة المتجسد وبالكلمة نستطيع أن نميز كل تعاليم منحرفة وغريبة عن العقل والمنطق حتى لو كان أصحابها يحتلون مناصب مرموقة كنسيا، فأريوس كان قسا وأوطاخي كان رئيسا لديرا.

وهنا توقف تدفق هذه الأفكار في عقلي بسبب صفارة الحكم الذي أطلقها معلنا نهاية الشوط الأول والانتقال إلى الاستراحة القصيرة، فاستراح عقلي أيضا من التفكير في هذه المعضلة الروحية واطمأن قلبي لأن الرب صالح، صالح جدا جدا ... وإن إلى الأبد رحمته.