جود نيوز الكندية

من ينتصر في الحرب الإسرائيلية الإيرانية: ومشهد دولي معقد؟

-

لا تكن متسرعا عزيزي القارئ، وتقل "إسرائيل" والغرب المتحالف معها، لأن هذه الإيجابية لا تعبر عن مكنون القوة الشاملة. من المهم الأخذ في الاعتبار أن هناك اتفاق غربي من سنوات على إعادة صياغة الشرق الأوسط، بما يتناسب مع مصالح دولة معينة في المنطقة. وكانت البداية بثورات الربيع العربي، أو الخراب العربي، التي كانت في ظاهرها ديمقراطية شعبوية، لكن جوهرها يقوم على استغلال ووصولية الحركات الإسلامية ممثلة في الإخوان المسلمين وأذرعها المتنوعة. وهذا ما نراه في سورية اليوم. أحمد الشرع القيادي في تنظيم الدولة الإسلامية، يصبح ذراعا وصديقا للغرب ودول الخليج. ما هي السياسة؟ إنها ما تحدث عنها بالضبط نيكولو ميكيافيلي في أن الغاية تبرر الوسيلة، وكل الوسائل مباحة ومتاحة في السياسة: الدين، الشعوب، السلاح، الأيديولوجيا، وغيرها.

  • قلم السبق "إسرائيلي في ظل سبات واختراق إيراني غريب"

لا أحد ينكر أن إسرائيل نجحت في تحقيق ضربات مخابرات وعسكرية ضد إيران وحلفاءها في لبنان حيث حزب الله، وحركة حماس في غزة بفلسطين، لكنها لم تستطع أن تفعل الكثير ضد الحوثيين في اليمن.

على ما يبدو أن إسرائيل نجحت في توظيف 3 أمور حققت لها السبق العسكري والمخابراتي تمثلت في استخدام سلاح النساء والتكنولوجيا والتنسيق مع الغرب. كانت ضربات إسرائيل المخابراتية والعسكرية مؤلمة وموجعة منذ عدة شهر، ولكن الضربات الأخيرة، هزت بصورة راديكالية صورة العملاق الفارسي الصفوي الإيراني، وهو ما يعني عدم رده أنه تحول إلى ظاهرة صوتيه، لا يخاف منها، خاصة وأن الضربات الإسرائيلية المرة الأخيرة، جعلت إيران تترنح سياسيا وعسكريا ومخابراتيا.

وما فعلته إسرائيل مع حماس وحزب الله، تفعله حاليا مع إيران الدولة الراعية لكل هذه الجماعات وقبلها سورية، التي سقط فيها بشار الأسد، وأصبحت لقمة سائغة في يد الإسلاميين وتنظيم الدولة الإسلامية سابقا، وفي النهاية نري سورية والجماعات الإسلامية وتركيا الإخوان وأردوغان، يسهلون للطيران الإسرائيلي استخدام الأجواء السورية والعراقية دون أي تواحد للدفاع الجوي. كما أن تركيا ترفض أي قطع للعلاقات مع إسرائيل، وهذا كله من وجهة النظر التحليلية.

  • ترامب محرك الأحداث والغرب يدعمه رغم تحالف الصين وباكستان مع إيران

إيران تشعر بأنها الرجل القوي الذي جرحت كرامته بشدة، ومن ثم يجب أن ترد الصاع، ليس بصاعين ولكن بصاع نظير له، وهذا ما يبدو ما تصريحات إيران بأن إسرائيل لن تعود قابلة للسكن مرة أخرى. يبدو أن الإسلاميين والدول القائمة على توظيف الدين لا تتوقف عن استخدام الخطاب الصوتي، دون فعل. وهذا ما جعل الولايات المتحدة تعيد ترتيب الأوراق على المستوى الدولي.

ترامب أعلنها أكثر من مرة بأنه سيمد صديقه نتنياهو بكل ما يحتاجه من أحد الأسلحة الأمريكية. كما لا يتوقف تنسيقه مع الغرب وتحديدا فرنسا وبريطانيا، لتشكيل جبهة غربية قوية تدعم ترامب وإسرائيل. كما يواصل ترامب جهوده لإنهاء الحرب في أوكرانيا لاستقطاب صديقه القديم فلاديمير بوتين رئيس روسيا، حتى يأمن موقفه من الصراع بين إيران وإسرائيل.

ويأتي هذا في وقت تترقب العديد من الدول تطورات هذا الصراع العسكري الإسرائيلي الإيراني، خاصة بعد أن أعلنت الصين وهي قوة قطبية لا يستهان بها، ومعها باكستان وهي قوة نووية يعتد بها، مساندتهما لإيران.

  • هل يقود الصراع لحرب عالمية جديدة؟ الجميع فيها خاسر؟

الصراع لم يتطور بصورة مدمرة لجميع الأطراف حتى الآن، خاصة وأن بوتين لم يعلن موقفه صراحة، وهو الهدية الأمريكية لبوتين في أوكرانيا بالتوقف عن دعم زلينسكي، تعادل تنازل بوتين عن تحالفه الاستراتيجي والتاريخي مع إيران؟ لا أحد يملك الإجابة عن هذا السؤال إلا بوتين.

أما الدول الخليجية، فعلي الرغم من تصريحات الشجب والإدانة، إلا أنها سعيدة بما يحدث، بسبب عداءها التاريخي مع إيران. ولكن على ما يبدو أن هذه الدول تنظر تحت أقدامها، ولم تتعظ من تغير الإدارات الأمريكية ومن ثم تغير التوجيهات، حيث كان أيام أوباما وبايدن دعم كامل وصريح للحركات الإسلامية في المنطقة ضد كل نظم الحكم والعائلات الحاكمة في المنطقة بما فيها دول الخليج. لكن ترامب يمتلك عقلية مختلفة عن سابقيه أوباما وبايدن، إذ أن ترامب تاجر وقرر أن "يقلب" دول الخليج في عدة مليارات مقابل توفير الأمن السيكولوجي للعائلات الحاكمة قبل أن يكون الأمن بالمعني الواقعي والعسكري.

  • هل تقدم إيران على احتلال أراضي عربية وتنقل الحرب للأراضي الإسرائيلية؟

إيران إذ أرادت أن تحقق خطوات حقيقية للأمام في طريقها للصراع والحرب مع إسرائيل عليها أن تستوعب أن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية شأن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، إذ أن كل منهما تعمل على خوض الحروب بعيدا عن أراضيها، وبالذات إسرائيل لأنه ليس لديها عمق استراتيجي يمكنها من استرداد ما قد تخسره من أراضي في الحروب. كما أن إسرائيل تميل في استراتيجيتها العسكرية كذلك على الحرب الخاطفة، لأن شعبيا واقتصاديا لا تستطيع تحمل الحروب الطويلة، مع دول مناظرة مثلما هو الحال في الحرب الروسية الأوكرانية.

على ما يبدو فإن كل من إسرائيل وإيران تفكران كثيرا قبل توريط العالم في حرب عالمية جديدة تأكل الأخضر واليابس، خاصة وأن هناك قوي مثل كوريا الشمالية كذلك لم تعلن موقفها بعد وهي قوة عسكرية وسكانية ونووية يعتد بها بجانب روسيا والصين وباكستان، وبالطبع دول أخري لم تعلن صراحة موقفها.

  • ترامب التاجر: مشهد دولي معقد وهل هو قادر علي إسقاط إيران؟

تطور الأحداث يكشف لنا أن ترامب الذي يقدم نفسه على أنه تاجر ورجل يسعي لنشر الاستقرار والرخاء الاقتصادي، سيحاول أن يجني عدد من المزايا جراء هذه الحرب. ولكن السؤال كيف سيتصرف ترامب ومعه نتنياهو إذا قررت إيران أن تضرب كلا منهما في صميم استراتيجية العسكرية بأن تخوض حربا برية، كأن تحتل صراحة المزيد من الأراضي في السعودية عبر الحوثيين في اليمن، وأن تعلن كذلك عن غزو العراق والكويت وغيرها من دول الخليج للهيمنة على الثروات البترولية، فضلا عن غلق مضيق هرمز شريان التجارة الدولية للنفط.

هل سيعلن بعدها ترامب الحرب علي إيران بتحالف مع فرنسا وبريطانيا، وغيرهما من الدول الغربية؟ المشهد غامض للغاية، والدعاء بالرشادة لهؤلاء الزعماء لن يؤتي ثماره سريعا، لأن الموقف تأزم بصورة كبيرة خاصة وأننا إمام أحد سيناريوهين: إما إسقاط النظام الإيراني وفرض نظام موالي في طهران، وهذا أمر عسير في المنظور الحالي؟ وإما تراجع إسرائيل، وقيام إيران بمجموعة من الضربات للأراضي والدولة الإسرائيلية من أجل حفظ ماء الوجه.

المشهد الدولي والإقليمي معقد للغاية، ولا يمتلك أحد عصا سحرية لحل هذا الصراع، بما في هذا مجموعة السبع الصناعية الكبرى الذين اجتمعوا في ألبرتا في كندا 16 يونية.

طبعا بجانب دعواتنا بالسلام والاستقرار للجميع، إلا أننا نحاول تحليل مشهد معقد سياسيا وعسكريا، من الواضح منه أنه خطوة في رؤية وإصرار الغرب على إعداد تشكيل الشرق الأوسط بما يحقق مصالح دولة واحدة، خاصة وأن مخططهم في إسقاط مصر عام 2011- 2013 لم ينجح. كما أنه بعد إيران لا يمكن استبعاد أن المخطط تم إعلان نهايته، لأنه ستكون هناك مراحل جديدة، هدفها التخلص من الفلسطينيين في غزة وتهجيرهم إلي دولة مجاورة مثل مصر أو الأردن أو دول عربية أخري، المهم أن يتم تفريغ غزة والتخلص منها لتصبح لقمة صائغة.