الحرب التجارية المحتملة بين ترامب وتجمع بريكس

لا تندهش مما يفعله ترامب في النظام التجاري العالمي، حيث يتعامل مع الجميع بنظرية "الكاو بوي – راعي البقر الهجمي"، و"الرجل المجنون" ليترك الآخرون له أعلي قدر من المكاسب. يبدو أنه بعد موجات ترامب فرض رسوم جمركية حسب هواه على العديد من الدول، بدعوي حماية الاقتصاد والوظائف والمجتمع الأمريكي.
ترامب يفرض رسوما على تجمع بريكس
جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم تجارية إضافية بنسبة 10% على الدول التي تبدي دعما لسياسات مجموعة دول "بريكس"، معتبرا أنها سياسات معادية للولايات المتحدة. وقال ترامب على منصة "تروث سوشيال": سيتم فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على أي دولة تدعم السياسات المعادية لأمريكا والتي تتبناها بريكس .. مؤكدا أنه لن تجري أي استثناءات في هذا الإجراء. وأضاف أن الولايات المتحدة ستبدأ بإبلاغ الدول الأخرى، بشأن الرسوم الجمركية أو الصفقات التجارية، التي يتم فرضها ضدها، ابتداء من يوم 7 يوليو.
ويأتي هذا الإعلان بعد تصريحات رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو، الذي ذكر أن ترامب يعارض مجموعة "بريكس" لأنه يرى فيها منافسا محتملا للولايات المتحدة.
من جهته قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الجلسة العامة لقمة مجموعة بريكس: نرى جميعا أن العالم يشهد تغييرات جذرية، حيث أصبح النظام أحادي القطب للعلاقات الدولية الذي كان يخدم مصالح ما يسمى بالمليار الذهبي شيئا من الماضي.
وتضم مجموعة بريكس: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وضمت المجموعة دولا جديدة منها: مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات العربية المتحدة أعضاء، في التجمع. وهناك دولة شريكة لا تتمتع بالعضوية الكاملة منها: بيلاروسيا ونيجيريا وتايلاند وفيتنام. ولم يتضح بعد ما إذا كانت المملكة العربية السعودية قد قبلت دعوة للانضمام إلى النادي الاقتصادي. وتعمل علي تدشين نظام تبادل تجاري واقتصادي يقوم علي توزيع عادل للسلطة، دون احتكار الدولار الأمريكي للمعاملات في النظام، بحيث يكون هذا نواة لنظام عاملي متعدد الأقطاب بعيدا عن السيطرة الأمريكية تحديدا.
عبر قادة دول قمة بريكس في البرازيل عن مخاوفهم من الإجراءات الحمائية الجمركية التي تفرضها إدارة الرئيس ترامب على العالم بدعوى حماية أمريكا، والأضرار بالنظام الاقتصادي والتجاري العالمي. ويوضح رئيس الخزانة الأمريكي بيسنت أن الرسوم الجمركية، ليست رسوما جديدة، ولكنها الرسوم التي فرضت منذ أبريل الماضي، ولكن دولها لم تتوصل بعد لاتفاق عادل ومرضي –من وجهة نظر الولايات المتحدة- ليتم تخفيف هذه الرسوم أو إلغاءها. يذكر أن تهديدات ترامب باستمرار الرسوم جمركية مرتفعة تتراوح ما بين 10% - 70%.
واقترح ترامب أن تتضمن الخطابات معدلات رسوم جمركية عند نسبة الأساس الحالية البالغة 10%، أو قد تصل إلى 70%. وقال بيسنت، إن الولايات المتحدة لن تفرض معدلات رسوم جمركية بنسبة 70% على الشركاء التجاريين الرئيسيين.
الغريب في الأمر أن هناك دول حلفاء استراتيجيين للولايات المتحدة، مثل كندا، لم تتوصل بعد لاتفاق لتخفيض أو إزالة هذا الرسوم، وهو ما يسبب ضيقا كبيرا لدي الحكومة الكندية في أوتاوا برئاسة رئيس الوزراء الكندي مارك كندي، والذي هدد بأن إدارة ترامب إن لم تلغي أو تخفض هذه الرسوم الجمركية على الصادرات الكندية لأمريكا، سيكون مضطرا لاتخاذ إجراءات مشددة مناظرة للإجراءات الأمريكية.
تناقضات ترامب: اتفاق مع الصين للحرب التجاري
في سياق متصل، أعلن ترامب توصل أمريكا إلى اتفاق تجاري مع الصين بعد حرب الرسوم. وقال ترامب في وقت سابق أن البلدين اتفقا على تخفيف قيود التصدير، وفقا للاتفاق السابق المتفق عليه في جنيف في مايو. وستسمح الولايات المتحدة للطلاب الصينيين بالالتحاق بالجامعات الأمريكية بعد أن أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو الشهر الماضي عن خطة لإلغاء تأشيرات بعض الطلاب الصينيين بشكل صارم. مع الأخذ في الاعتبار أن الصين دولة فاعلة ومؤثرة في تجمع بريكس مع روسيا الاتحادية والبرازيل.
ترامب رئيس متقلب حتى مع حلفائه
هنا تجدر الإشارة إلى أن ترامب انتقد الرئيس دونالد ترامب إعلان حليفه السابق إيلون ماسك، الذي كان أحد أهم حلفاء ترامب في الإدارة الأمريكية، تأسيس حزب سياسي جديد ووصفه بأنه حزب سخيف. أعتقد أن تأسيس حزب ثالث أمر سخيف. نحن نحقق نجاحا باهرا مع الحزب الجمهوري. لقد كان النظام دائما قائما على حزبين، وأعتقد أن تأسيس حزب ثالث يزيد فقط من الارتباك. يمكنه أن يتسلى بذلك قدر ما يشاء، لكنني أعتقد أن هذا أمر سخيف.
يذكر أن إيلون ماسك أعلن عن تأسيس "حزب أمريكا"، وذلك بعد يوم من توجيهه سؤالا لمتابعيه على منصة "إكس" عما إذا كان ينبغي تأسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة، بعد خلافه مع الرئيس ترامب حول مجموعة من القضايا منها الضرائب والإدارة البيروقراطية للمؤسسات الفيدرالية، انتهت بصراع وانهيار التحالف بين ترامب وماسك. ودفع هذا الأخير تأسيس حزب سياسي جديد، بسبب شغف ماسك بالعمل السياسي. علما بأن ماسك لا يجوز له الترشح في انتخابات الرئاسة الأمريكية، لأنه حسب الدستور الأمريكي الرئيس الأمريكي يجب أن يكون مولودا على الأراضي الأمريكية، في حين أن ماسك ولد في جنوب أفريقيا.
رد فعل محتمل قوي من تجمع بريكس
نعود للحرب التجارية المحتملة بين ترامب وتجمع بريكس، على ما يبدو أن ترامب يقلل من شأن الدول الأعضاء في التجمع خاصة وأن بعضها يسيطر علي حصص يعتد بها في النظام التجاري والاقتصادي الدولي في مقدمتها الصين، علاوة علي دولة أخري قوية اقتصاديا منها البرازيل وروسيا، فضلا عن دول حلفاء لأمريكا مثل الإمارات العربية المتحدة. وبالطبع أي إجراءات عقابية من ترامب، سيقابلها موقف حاسم وتحديدا من الصين وروسيا. ومن بين الإجراءات التي يمكن أن يزيد منها بريكس، زيادة عدد الدول الأعضاء في التجمع لتنويع المنتجات المتبادلة بين الأعضاء، التأثير على قوة الدولار الأمريكي في التعاملات الدولية، خاصة وأن هذه الجزئية الأكثر "إيلاما" للإدارة الأمريكية، التي تعتبر أن بريكس "أول مسمار" يضرب في جدار هيمنة الدولار علي النظام التجاري الدولي.