جود نيوز الكندية

الغش الحلال!!

-

طالبة إعدادية تصرخ أمام الميكروفون "امتحان الجبر جاي صعب وحرام عليهم ما ادوناش فرصة نغش"!!، طالب ثانوي متعجب من أن المراقبين لم يسمحوا له بالنقل من ورقة زميله وتبادل المعلومات معه، ثم يبرر في النهاية "ما هو أنا مش خارق عشان أحل لوحدي"، أمهات يهجمن على مدرسة مسيحية ويشتمونها بأقذع الألفاظ والسباب الطائفي لأنها جعلت اللجنة صعبة ولم تسمح بالغش، ولولا تدخل الشرطة لمزقوها إرباً.

ما كل تلك البجاحة؟!، وكيف تشكل هذا الجيل؟!، وهل أصبح الغش حلالاً؟، الغش صار فريضة ومن يستنكره يصبح شاذاً وملفوظاً، وليس الفقر هو المبرر أو التفسير، فقد خرجت علينا مذيعة شهيرة ثرية جداً، وطليقة فنان شهير تتحدث عن آخر لوحاتها وإبداعاتها الفنية، والمذيعة التي استضافتها منبهرة بخطوطها وألوانها وظلالها وتعبيراتها...الخ، وفي النهاية اتضح أنها لوحة فنانة دنماركية !!، حتى أنت يا بروتس؟؟!، صار الغش فيروساً أخطر من الأنفلونزا والكورونا، هذا الفيروس يدمر أي مناعة لأي وطن، إنه إيدز مخرب للعقل والروح والهوية، من سيغش في الامتحان ويعتبر هذا الغش حقاً مكتسباً، سيغش الأسمنت وتسقط العمارات، سيغش في الأسفلت ويحول الطرق إلى طرق موت، سيغش في الدواء وجرعاته وتخزينه ويقتل المرضى، سيغش في التدريس ويسرب الامتحانات، سيغش في أصوات الناخبين، سيغش في صندوق الزكاة والنذور والتبرعات ويسرقها…الخ

سلسلة جهنمية دراكولية لن تنتهي إلا بأطلال بلد، الأمهات اللاتي طاردن المدرسة المسيحية لأنهم يريدون لبناتهم أن يغشوا لينجحوا ويدخلوا كليات القمة، استخدموا فزاعة الطائفية معها، لكنها لو كانت مسلمة كانوا سيستخدمون سلاحاً أيضاً لكن بأسلوب آخر، لكن هدفهم واحد وهو الغش حتى أخر نفس.

كتب نجيب محفوظ في قصة الجريمة حواراً بين الضابط ووكيل النيابة، وهذه هي نهاية حوارهما:

- إنكم لا تؤدون واجبكم!

- الناس لا يتكلمون

- اعلم ان أرزاق البعض بيد البعض الأخر و لكن الغضب يتجمع في الأعماق وللصبر حدود

- ما واجبنا في رأيك ؟

- أن تحققوا العدالة

- كلا

- كلا ؟! - واجبنا هو المحافظة على الأمن

- وهل يحفظ الأمن بإهدار العدالة؟

- وربما بإهدار جميع القيم!

- تفكيرك هو اللعنة

- هل تخيلت ما يمكن أن يقع لو حققنا العدالة؟

- سيقع عاجلا أو آجلا

- فكر طويلا بلا مثالية كاذبة ، قبل أن تكتب تقريرك ، ماذا ستكتب؟

فقلت بامتعاض: سأكتب أن جميع القيم مهدرة ولكن الأمن مستتب ! “