بقعة مارغريت شيلينغ

في شهر ديسمبر عام 1978، اختفت فجأة إحدى نزيلات مستشفى "آثينز للأمراض العقلية" بولاية أوهايو… اسمها كان مارغريت شيلينغ. كانت امرأة هادئة، تعاني من اضطراب عقلي، لكنها لم تكن خطرة أو عنيفة، بل تميل للعزلة والسكون.
في ذلك اليوم، خرجت مارغريت تتجوّل داخل أحد الأجنحة القديمة والمهجورة من المستشفى—جناح لم يعد يُستخدم منذ سنوات، وكان مغلقًا أمام العامة… لكنها لم تعد.
مرت أسابيع كاملة، وبدأ الجميع يظن أنها قد هربت أو ضاعت في أحد أروقة المستشفى العملاقة. لم يجدها أحد… حتى حدث ما لم يتوقعه أحد.
في منتصف يناير، وأثناء أعمال تنظيف عرضية في الطابق العلوي من الجناح المهجور، فتح أحد العاملين باب غرفة صغيرة، ليصطدم برائحة عفنة ثقيلة تخترق الأنفاس… وهناك، في زاوية الغرفة، وُجدت مارغريت شيلينغ ممددة على الأرض، جثة هامدة، في حالة تحلل متقدمة.
لكن المروع لم يكن الجسد فحسب… بل ما تركته خلفها.
جسد مارغريت، الذي ظل على الأرض لأسابيع دون أن يكتشفه أحد، بدأ يتحلل ببطء في تلك الغرفة الباردة المغلقة. ومع مرور الوقت، تسربت سوائل التحلل—الدم، البلازما، والدهون—إلى أرضية الخرسانة.
تشكلت بقعة بشرية واضحة، أشبه بطباعة جسدية دقيقة: يمكن تمييز شكل الذراعين، الرأس، والجذع… وكأنها صورة باهتة لما كانت عليه مارغريت في لحظاتها الأخيرة.
حاول عمال التنظيف مرات ومرات إزالة هذه البقعة… استخدموا مواد كيميائية، حكّوا الأرض، أعادوا الطلاء، لكن لا فائدة. البقعة لا تزول.
التفسير العلمي وراء "بقعة مارغريت شيلينغ" قد يبدو الأمر للوهلة الأولى شيئًا خارقًا، أو علامة من عالم الأرواح، لكن العلم يقدّم تفسيرًا أكثر من منطقي:
خلال التحلل، وخصوصًا في الأماكن الرطبة والباردة، تبدأ الدهون في الجسم بالتحوّل إلى مادة تُسمى الأديبوسير (Adipocere)، وهي مادة شمعية ذات تركيب معقّد تلتصق بالأسطح.
الخرسانة، بكونها مادة مسامية، تمتص هذه السوائل بسهولة، مما يجعلها ترتبط كيميائيًا بالأرضية.
ولهذا السبب، لم تنجح أي محاولة في محو البقعة، التي أصبحت اليوم تُعرف باسم:
"بقعة مارغريت شيلينغ – The Stain of Margaret Schilling"
على مر السنين، تحولت هذه البقعة إلى أسطورة محلية. يقول البعض إنهم يسمعون همسات في الجناح المهجور، أو يرون طيف امرأة تقف في نفس الغرفة، تنظر نحو الأرض في صمت…
لكن بعيدًا عن القصص، تبقى الحقيقة واحدة: إنها واحدة من أكثر الظواهر الغريبة والمؤثرة التي خلفها الموت… بقعة جسدٍ، وذكرى لن تُمحى.