جود نيوز الكندية

متلازمة استوكهولم

-

في عام 1933، كانت مدينة كانساس الأميركية مسرحًا لواحدة من أغرب الحوادث التي ما زالت تثير الجدل حتى اليوم. ضحيتها فتاة شابة تدعى ماري ماك إيلروي، ابنة أحد كبار المسؤولين في المدينة، والتي تحولت من رهينة مختطفة إلى نموذج مبكر لظاهرة سيُطلق عليها لاحقًا اسم متلازمة استوكهولم.

كانت ماري في الرابعة والعشرين من عمرها عندما اقتحم أربعة رجال مسلحين منزل العائلة. خطفوها تحت تهديد السلاح، وقادوها إلى منزل مهجور في مزرعة نائية، حيث قيدوها بسلسلة حديدية إلى جدار قبو بارد ورطب. طالبوا في البداية بفدية ضخمة قدرها 60 ألف دولار، لكن المفاوضات انتهت عند 30 ألف دولار. وبعد 29 ساعة فقط من الاحتجاز، أُفرج عنها سالمة، دون أن تتعرض لأي أذى جسدي.

لكن الغرابة لم تكن في عملية الخطف نفسها، بل فيما تبعها.

إذ صرحت ماري أمام المحكمة بأن خاطفيها عاملوها باحترام وشيء من اللطف، وأنها لم تشعر بالكراهية تجاههم. لم تكتفِ بذلك، بل زارتهم في السجن، وقدمت لهم الهدايا، ودافعت عنهم علنًا، حتى أنها توسلت لتخفيف الحكم عن اثنين منهم كانا يواجهان الإعدام.

هذا الموقف غير المتوقع جلب عليها سخرية واسعة من الصحافة والناس. وبدلًا من التعاطف معها كضحية، وُصمت بأنها ساذجة أو مختلة. ومع مرور السنوات، أثقلتها هذه الضغوط النفسية والشعور بالذنب. وفي عام 1940، أقدمت على إنهاء حياتها بجرعة من المورفين. تركت رسالة موجعة كتبت فيها:

"خاطفوني الأربعة هم على الأرجح الأشخاص الوحيدون على وجه الأرض الذين لا يظنون أنني غبية."

بعد عقود من هذه الحادثة، وبالتحديد عام 1973، وقع حادث سرقة بنك في العاصمة السويدية استوكهولم، حيث أبدى الرهائن مشاعر تعاطف وارتباط عاطفي تجاه خاطفيهم. عندها ظهر مصطلح "متلازمة استوكهولم" ليصف هذه الظاهرة النفسية المعقدة: عندما يطوّر الضحية شعورًا بالارتباط بخاطفيه، مزيجًا من الخوف، والشكر للبقاء على قيد الحياة، والرغبة في تجنب الأذى.

لكن قبل ذلك بسنوات طويلة، كانت قصة ماري ماك إيلروي قد قدّمت للعالم مثالًا حيًا على هذا السلوك الغامض. قصتها لا تكشف فقط هشاشة النفس البشرية أمام الخطر، بل تذكّرنا أيضًا بأن الجراح النفسية قد تكون أعمق وأكثر قسوة من أي قيود مادية.