جود نيوز الكندية

تيلي كليمك.. الأرملة السوداء

-

في بدايات القرن العشرين، عاشت مدينة شيكاغو على وقع قصة تقشعر لها الأبدان، بطلتها امرأة عادية في المظهر، لكن روحها كانت مسكونة بالظلام. اسمها تيلي كليمك، وُلدت عام 1876 في بولندا ثم هاجرت إلى أمريكا، حيث بدت حياتها للوهلة الأولى كأي مهاجر يبحث عن بداية جديدة. لكن خلف ابتسامتها الباردة، كان يختبئ سر مرعب.

بدأ كل شيء حين راحت تخبر من حولها عن أحلام غامضة تراها في الليل: موت جار، أو طفل، أو حتى حيوان أليف… ثم لا تمر أيام حتى يتحقق ما قالته بالحرف. أهل الحي أصابهم الهلع، واعتقدوا أن المرأة تملك قدرة خارقة على التنبؤ بالموت.

لكن تلك “النبوءات” لم تكن سوى ستار يخفي جريمة أشد ظلامًا.

فقد مات زوجها الأول في اليوم الذي توقعت فيه نهايته. ثم رحل الزوج الثاني بعد أشهر قليلة من الزواج. أما الزوج الثالث، فقد اشترت له نعشًا قبل وفاته وكأنها كانت متأكدة أن أيامه معدودة! الرعب بلغ ذروته حين بدأ زوجها الرابع يعاني آلامًا مميتة، ليكتشف الأطباء أن جسده مثقل بمادة الزرنيخ. عندها فقط سقط القناع: تيلي لم تكن تتنبأ بالموت… بل كانت تزرعه بنفسها.

التحقيقات كشفت النقاب عن واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ المدينة. تيلي لم تتوقف عند أزواجها، بل طالت سمومها أقاربها وجيرانها، بل حتى أطفالًا أبرياء. التقديرات اختلفت: بعضهم قال 14 ضحية، آخرون قالوا أكثر من 20، وهناك من اعتقد أن الرقم قد يصل إلى 30 قتيلًا.

وأمام المحكمة، لم تُظهر تيلي أي ندم. كانت تجلس ببرود مروّع، وأحيانًا بابتسامة ساخرة، وكأنها لا ترى نفسها مجرمة بل لاعبة شطرنج تُحرّك قطعها بمهارة. هذا السلوك جعلها أكثر رعبًا في نظر الرأي العام، حتى أطلق عليها الصحفيون لقب "الأرملة السوداء".

في النهاية، صدر الحكم: السجن المؤبد دون أي فرصة للحرية. وهناك، خلف جدران سجن النساء في جولييت – إلينوي، أنهت تيلي أيامها عام 1936، لتُدفن ومعها أسرار ربما لم تُكشف كلها أبدًا.

وهكذا بقي اسمها محفورًا في ذاكرة الجرائم، ليس كـ"المرأة التي ترى الموت قبل وقوعه"، بل كمن صنعت الموت بيديها، وسقته لمن حولها قطرةً بعد قطرة.