جود نيوز الكندية

بصيص من النور وف وسط العتمة... دورات لتعليم اللغة المصرية القديمة

ازمة الهوية المصرية بين المكون الاوحد... والمكنونات المصرية المتعددة (2)

-

تحقيق: إيهاب أدونيا

“الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تنتمي إلى القارة الأفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوي، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية”. هكذا نصت (المادة رقم 1 من الدستور المصري 2014)

كما نصت المادة 47. ان تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة. وهنا اعترف الدستور بان الهوية المصرية متعددة الروافد.

فلم تكن أزمة الهوية المصرية وليدة أزمات العقد الفائت، فقد دارت جدالات فكرية بين مفكري ومثقفي مصر، وعلي رأسهم طه حسين، والعقاد، وسلامة موسي، ولطفي السيد، والرافعي، بين من يؤيد مصر الفرعونية وآخر يراها عربية وثالث يرها شرق أوسطية وتشترك مع دول البحر المتوسط في الثقافة والتاريخ. لقد شكلت هذه الجدالات بين كبار المثقفين والأدباء وجها أدبيًا وإبداعيًا أضاف لمصر ولم ينل منها، وساهم في تحديد ملامح الشخصية المصرية ورفع وعيها بتاريخها وحضارتها وبالاعتزاز القومي الذي ينبغي أن تنظر به إلي ذاتها.

إن أزمة الهوية الوطنية ليست بجديدة عهد ولا تقتصر علي بلد بعينه، بل إن أغلب الدول إن لم يكن كل الدول عليها أن تخوض في هذا الجدال الكبير حول هوية الأمة، الذي يختلف في شكله ووحدته وجوهره من بلد لآخر، حيث تطرح الشعوب سؤال "من نحن" و"ما الذي يميزنا عن سائر الأمم الأخرى" لتعيد التأكيد علي ثوابتها وتجد طريقها نحو الخروج، ولقد فعلت الأمة المصرية هذا في أوقات الأزمات الكبرى.

ولقد حازت قضية الوعي في خطاب الرئيس السيسي ما لم تحزه في خطابات أي رئيس آخر في تاريخ مصر، فلا يمل الرئيس من أن يستغل كل مناسبة ليعلن أن قضية مصر الأولي هي قضية الوعي، معلنا أن الدولة مستعدة لتقديم كل الدعم لكل ما من شأنه رفع وعي الإنسان المصري الذي يشكل الجدار الأول أمام استهداف الدولة الذي يمهد للعبث بمقدرات ومستقبل الدول، فالأيام تمر وتتعاقب السنوات وتتبدل الأفكار وتتغير أشكال الصراعات والحروب التقليدية التي اعتدتنا عليها في الماضي، حيث إنها تحولت اليوم إلى حروب غير نمطية تستهدف تدمير الأوطان من داخلها.

تجلي الهوية المصرية القديمة في الجمهورية الجديدة

تتبنى الدولة المصرية الهوية المصرية القديمة في مشروعاتها القومية، وحفلاتها التي تقيمها مثل حفل المومياوات الملكية، وحفل طريق الكباش، والحفل المنتظر لإفتتاح المتحف المصري الكبير وما يتضمنه من مشاهد إحياء الهوية المصرية القديمة ورموزها.

وتتجلى بكل وضوح رموز مصر القديمة في المشروعات الحديثة، ففي العاصمة الإدارية يتم بناء المنشئات على الطراز المصري القديم، وأشهر الرموز المستخدمة هي:

• مفتاح الحياة “العنخ”:الذي يمثل الحياة والخلود في العقيدة المصرية القديمة، وهو يرمز إلى آلة النفخ في الأنف لنفخ الروح في الجسد، ويرتبط قديماً بـ الحياة والموت والبعث والخلود.

• زهرة اللوتس: تتميز ببتلاتها الدائرية الكاملة، وهي نبات مائي، حيث يغمر نفسه في الليل بداخل المياه، ثم يعود ويطفو على السطح في الصباح مع الشمس، وقد ربطه المصريين القدماء بالمعبود “رع” إله الشمس، بمعنى التجدد والإستمرار في الحياة.

ويظهر الطابع المصري جلياً على كل شئ، بداية من الوثائق والمستندات الرسمية مثل شهادات الميلادة والوفاة والقيد العائلي وشهادة الزواج أو الطلاق، إلى المشروعات الحديثة والمنشئات والحفلات الرسمية، حيث يتم كتابة بعض الكلمات بالخط الهيروغليفي للغة المصرية القديمة في كل وثيقة حسب إختصاصها.

ولكن هذا غير كافي مامت الدولة لا تبني المواطن المصري محبا لتاريخه المصري القديم بل ان كثير من المصريين يرون عبادة للاوثان وان الفراعغنة كفروا و غيره من الفتاوى التى تهدم ما تتبناه الدولة في الجمهورية الجديدة، فكيف نفعل الشيء وعكسه في ذات الوقت.

ومن الفتاوى المثيرة ما أفتى به أحد شيوخ السلفيين ويدعى مرجان الجوهري منذ عدة اعوام، حيث أفتى بإباحة تدمير الأهرامات وأبو الهول والمعابد الأثرية، لأنها أصنام وتماثيل من زمن الجاهلية، مضيفا أنهم كمسلمين لابد لهم من تحطيم تلك التماثيل.

واعترف الشيخ خلال لقاء له على إحدى الفضائيات المصرية بأنه من حطم تمثال بوذا في أفغانستان خلال وجوده مع أعضاء تنظيم القاعدة هناك.

بصيص من النور وف وسط العتمة... دورات لتعليم اللغة المصرية القديمة

في إطار الجهود المستمرة للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز الوعي بالحضارة المصرية القديمة، أطلقت مؤسسة زاهي حواس للآثار والتراث، بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية، أولى دوراتها المتخصصة لتعليم اللغة المصرية القديمة، وذلك بقصر الأمير طاز، وبحضور نحو 500 مشارك من المهتمين بالكتابة الهيروغليفية واللغة المصرية القديمة.

وشهدت المحاضرة الافتتاحية للدورة إقبالًا واسعًا، وتناول فيها نشأة الحضارة المصرية القديمة وتطور خطوط اللغة، مع استعراض مبادئ القواعد الصوتية والكتابية، وأسس فهم النصوص الهيروغليفية.

وأمام هذا الحدث التاريخي الغير مسبوق .. تصل المواجهة بين المصريين وأعدائهم الذين حاولوا طمس الهوية المصرية .. وابعاد المصريين عن حضارتهم وسلخهم من جذورهم .. خوفا من عودة أمجاد الامبراطورية المصرية التي حكمت العالم اربعة آلاف سنة .

هيثم الحاج: تتكون هوية مصر إذن من عناصر تم امتصاصها على مدار التاريخ من كل ما مر عليها من حضارات منذ فجر التاريخ

من جانبه اكد هيثم الحاج أستاذ النقد بجامعة حلوان ورئيس هيئة الكتاب السابق

ان الهوية ليست عنصرا أحادي التكوين يمكن تعريفه في كلمة واحدة أو حتى جملة، لكنها تلك العناصر المتراكمة عبر سنوات وقرون، والتي تعبر عن اختيار ما لهذه الأمة من كل ما مر عليها من مؤثرات، فهي تشبه الطبقات الجيولوجية التي تتراص بعضها فوق بعض لتكون كلا متماسكا لا يمكن فصله لكن يتم التعامل معه بوصفه تركيبا واحدا.

تتكون هوية مصر إذن من عناصر تم امتصاصها على مدار التاريخ من كل ما مر عليها من حضارات منذ فجر التاريخ، ولا يمكن اختزالها في حضارة واحدة او ثقافة واحدة فالهوية هي العناصر التي تأسست على أرضية صلبة ثابتة تألفت منذ مصر القديمة من العناصر الفرعونية، في ثبات ربما لا يتكرر بالنسبة إلى أمة أخرى، هو الثبات نفسه الذي جعلها أمة قادرة حتى في أقسى فترات ضعفها قادرة على الاحتفاظ بهذه الأرضية الصلبة والأساس الثابت، وهو خط الدفاع الأهم الذي حماها من الذوبان في هويات من احتلوها على مدار التاريخ، بل هو كذلك الأمر الذي خلق في مصر تلك الهوية الصلبة والمرنة في آن واحد، فهي صلبة لأنها تحافظ دائما عل عناصرها الأساسية، وهي مرنة لأنها تمتص ما تراه مفيدا من كل من مروا عليها، فحتى الهواء فيها يتمصر، كما قال الجواهري الشاعر العراقي المعروف.

القس اندريا زكي: الكنيسة جزء من الهوية المصرية كما هو المسجد

قال القس أندريا زكى رئيس الطائفة الإنجيلية، إن الكنيسة جزء من الهوية المصرية كما هو المسجد، مضيفا أنه لابد أن تنتمى للكنيسة كأقباط لأن الكنيسة جزء من الهوية المصرية.

ولفت رئيس الطائفة الإنجيلية إلى أهمية الكنيسة لأنها تسعى لبناء مجتمع العدالة فهى مثل المسجد يساهم فى بناء المجتمع وجزء من ضمير الأمة، مضيفًا أن الكنيسة ليست فقط مكان نتعبد فيه ولكن لكى مبنى جسور مع المجتمع والآخر.

البابا تواضروس الثاني: نرفض بشدة تحويل هوية مصر لـ«غير مدنية»

وحسب تصريح قديم للبابا تواضروس يعود لعام حكم الاخوان وتحديدا عامن 2013 عبر البابا تواضروس الثانيعن رفضه أي محاولة لتغيير هوية «مصر المدنية»، حسب تعبيره، موضحًا: «مصر مدنية طول عمرها ماشية بالصورة المدنية، والدين له قنواته الخاصة، وتحويلها لغير مدنية أمر مرفوض تمامًا ونرفضه بشدة».

وتابع: «الدين لو دخل في السياسة تلوث ويفقد قيمته الروحية والكلام ده عام على أي دين».

الهوية الوطنية هي أحد العناصر الأساسية للدولة الحديثة، لأن انتماء الناس للوطن يقوم على انتمائهم إلى هويتهم الوطنية، وتشكل قضية الوعي بهذه الهوية أحد أهم ملامح تعزيز هذا الانتماء، فتحديد الهوية الوطنية وبناء الانتماء أمر حاسم بشكل خاص للاستقرار الاجتماعي والتنمية الاجتماعية.

نحن نتخيل هوية مصر منظومة مكتملة المكونات ثابتة الملامح عبر الزمن ، وهذا غير صحيح ، هوية مصر متحركة متغيرة بتغير العصور ، في كل عصر لها مكوناتها وملامحها النابعة من سياق العصر ذاته والتي تختلف عما قبله وبعده

فالدعوة لعودة اسم مصر بدون التحاقها بـــ"العربية" ليس دعوة للتخلى عن جوارها العربي، ولكنها دعوة للحفاظ على هوية مصر كما هي"مصر" والعودة للأصل ما قبل الناصرية وما قبل عام 1958، مصر تفتخر بتاريخها كله، مصر القديمة/البطلمية/المسيحية/الاسلامية وحتى المملوكية واي عصر كانت مصر فيه متاثرة ومؤثرة .