ترامب يعيد أمريكا للمسرح الدولي... والسيسي يسترد دور مصر الإقليمي

زخم كبير يجتاح المسرح الدولي والإقليمي حيث تنوع موضوعات السياسية، وخاصة مؤتمر قمة السلام في شرم الشيخ، برعاية الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وكلاهما أثبت نجاحه الباهر في إدارته للقضايا السياسية والدولية. وكذلك بعيدا عن الانتخابات المحلية في الكيبيك، وارتفاع الأسعار في مصر، بسبب زيادات جديدة في أسعار المحروقات ما سيترتب عليها من زيادات في كل أنواع السلع والخدمات، وعلى الأشقاء في المغرب أن يتعلموا الدرس، من دول مجاورة تعاني عدم الاستقرار بسبب الفورات التي قامت فيها.
يعتبر مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، بين إسرائيل وحماس، أهم نقطة على أجندة العلاقات الدولية والإقليمية. وأكدت أن الرئيس الأمريكي ترامب قام بإحياء أمريكا بعد بايدن الميت إكلينيكيا. كانت أمريكا في عهد الرئيس السابق جو بايدن، دولة ضعيفة دوليا، لا يعتد بدورها، وكانت غائبة بصورة ملفتة للنظر. لكن من أن عاد ترامب للسلطة والبيت الأبيض من جديد، وهناك حراك دولي وسياسي كبير، لا أحد يستطيع أن ينكره.
قد تتفق أو تختلف مع ترامب، ولكن لا أحد ينكر أنه زعيم سياسي، لتيار أنصاره بالملايين في أمريكا. ونجحت شوفانيته في أن تجعل منه بطلا قوميا أمريكيا. بدأ الحضور الدولي بقضية فرض أمريكا لرسوم جمركية تقريبا على كل دول العالم، من أجل فرض سياسيات حمائية لمصلحة الاقتصاد الأمريكي. وبالفعل نجح ترامب في أن يحقق قفزات وطفرات قوية لنمو الاقتصاد الأمريكي، وهو ما يعبر عنه رضاء غالبية الناخبين في المجتمع الأمريكي.
أما مطمع ترامب الرئيسي، يتمثل في أن يمجده العالم بمنحه جائزة نوبل للسلام، التي ذهبت لزعيمة المعارضة في فنزويلا وهي مقربة ومدعومة من ترامب. لكن على ما يبدو أن ترامب يخطط لأن يحصل على الجائزة العام المقبل.
نجحت جهود إنهاء الحرب في غزة بعد عامين من الخراب والدمار، دفع الأبرياء من الشعب الفلسطيني في غزة الثمن غاليا جدا. وكانت هذه الجهود ثمرة خبرة وحنكة سياسية وعسكرية ومخابراتية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأجهزة الأمنية المصرية وفي مقدمتها جهاز المخابرات المصري الذي يحظى بكل تقدير ومكانة. يضاف إلى ذلك ضغوط الرئيس ترامب علي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتوصل إلي اتفاق لإنهاء الحرب بعودة الأسري الإسرائيليين والفلسطينيين معا.
وهناك يجب أن تكون هناك وقفة لتقدير وتحية الدور المصري الذي رفض الرضوخ للضغوط الأمريكية وترامب في بداية حكمه، عندما أعلن ترامب عن خطة لتهجير الفلسطينيين من غزة لمصر، وباركتها دولة خليجية، مما مثل صدمة للكثيرين، خاصة وأن ترامب ذهب إليها وعاد منها محملا بالمليارات دون أن يقدم لها أي شيء سوي خيال مريض بأن أمريكا تقوم بحمايتهم علي خير وجه. وبعد كل هذا يقوم الطيران الإسرائيلي بضرب قيادات حماس في قطر، دون أن تتحرك قطر قيد أنملة، حتى لو كانت فيها قاعدة أمريكية في منطقة العديد.
اعترف ترامب برشادة القيادة السياسية المصرية ممثلا في الرئيس السيسي، الذي يستحق كل تقدير وتحية مع الأجهزة الأمنية المصرية، التي تدعو للفخر، بعد دورهم المحوري في انهاء الحرب. لقد اجتمع قادة العالم في ضيافة مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو اعتراف دولي بمكانة ودور مصر في الشرق الأوسط، التي حاولت بعض الدول الحديثة النشأة أن تؤثر عليه بالسلب، وتوهم الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب بأن صنع القرار في الشرق الأوسط والعالم العربي انتقل من القاهرة إلى عواصم عربية أخري حديثة النشأة، تستخدم المال والنفوذ الإعلامي لتحقيق هذه الأهداف.
عاد السلام، ولو بصورة مؤقتة بين فلسطين وغزة، بعد أن وافقت حماس علي ترك المسرح السياسي واختطاف السلطة في غزة. ولكن الأهم هو أن الأسري من الجانبين عادوا إلى عائلاتهم. وبدأ الأبرياء من المدنيين في غزة يشعرون بالهدوء، دون تجاهل ما فقدوه من استقرار وراحة بال ومن مات كذلك من عائلاتهم وبيوتهم التي تهدمت والتهجير الذي عانوا منه ما بين شمال وجنوب قطاع غزة. عاد السلام، وعادت هتافات الفلسطينيين باسم مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي من جديد.
نجاح مصر في تحقيق السلام مع الرئيس ترامب وبشراكة إعلامية من قطر وتركيا، أثار حفيظة وحقد بعد الدول العربية، التي حاولت اختطاف دور مصر الإقليمي الشرق أوسطي والعربي. ولكن على ما يبدو أن الرئيس ترامب بدأ يعي جيدا كيف يستفيد من توزيع الأدوار بين الدول العربية. وهذه خطوة على طريق السلام، سيعقبها تحديات وعراقيل، وهذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
توقيع إسرائيل ورئيس وزراءها الذي لم يحضر مؤتمر شرم الشيخ للسلام، يؤكد أن كل ما تقوم به إسرائيل لا يتم إلا بموافقة أو ضغوط أمريكية، حيث كان نتينياهو رافضا لهذا الاتفاق، حتى لا يظهر في صورة المهزوم أو الذي صافح قادة حماس في مصر وأمام قادة دول العالم التي شاركت في مؤتمر شرم الشيخ للسلام، وهذا يؤكد أن الإدارة الأمريكية إذا رغبت في تحقيق السلام في الشرق الأوسط فهي قادرة علي تحقيق السلام، كما فعل الرئيس ترامب بدعم من الرئيس السيسي.

