أشرف حنا يكتب: العمل في مصر و الخليج و كندا

-
في مصر اتيحت لي الفرصه ان اعمل بأحدي مصانع الصناعات الثقيلة و كان مصنعا حديثاً ذو تكنولوجيا متقدمه مما دفع إدارته لاستقدام بعض العماله و الخبرات الأجنبية لتدريب و دعم العماله المصريه. بعد فتره تعلم المصريون بل تفوقوا علي الأجانب. و كنت دائما اسمع شكوى من المصريين حينما يقارنوا مرتباتهم و امتيازاتهم الوظيفية بالأجانب الذين يعملون معهم في نفس الشركه و في وظائف مماثله و لكن بمرتبات و امتيازات اعلي بكثير. كانت اجابتي انهم اجانب و علينا ان ندفع لهم ثمن غربتهم. شاءت الاقدار ان اعمل بنفس الصناعه في احدي دول الخليج و قمت باستقدام العماله المصريه الي هذه الدوله و بالفعل كانوا ماهرين جدا بالقدر الذي يفوق ما كنا نستعين به من عماله اجنبيه. و كانت هناك لائحة للمرتبات و الامتيازات الوظيفية في هذه الشركه كما هو شائع في بعض دول الخليج تصنف العاملين علي حسب جنسياتهم. فالمواطن المحلي الذي يعمل بنفس الوظيفة حتى و لو اقل كفاءة في المرتبه الاولي يليه مواطن الدول الغربيه ثم مواطن الدول العربية و اخيراً العماله الأسيويه. و عندما علم المصريون هذا الفارق سألوني "الان نحن الخبراء فلماذا المواطن المحلي و الذي يجهل الصناعه هو اعلي منا بمراحل في الراتب و الامتيازات" لم استطع الأجابه. و لكن الأجابه هي التمييز و عدم المساواة. كان احساسي ان المصري يعاني من التمييز السلبي ليس فقط في بلد اغترابه بل و في موطنه الأصلي. و لكن الظلم الأكبر كان يقع علي الجنسيات من بعض الدول الأسيويه التي كانت تعمل في وظائف متدنية للغاية و في ظروف عمل غير ادميه. في اول يوم دخولي الي كندا كمهاجر جديد مع اسرتي و في مطار تورنتو كان علي ان اتحدث مع ضابط الجوازات و مهمته هي فحص اوراقي و اعتماد موافقة الحكومة الكنديه علي الدخول الي كندا كمهاجر جديد. و اشد ما اثر في نفسياً ان هذا الضابط كان من الجنسيه الأسيويه. كانت هذه رسالة واضحة تعرفني معني المساواة في كندا. و ان من كان يعاني من عدم المساواة و النظره الدونية في بعض الدول هو من في يده سلطه دخولي كندا. منذ التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، عملت كندا علي جعل حقوق الإنسان جزءًا من القانون الكندي. وتم اصدار الميثاق الكندي للحقوق والحريات. و هو أكثر من مجرد ميثاق حقوق, فهو رمزاً للقيم الوطنية. لقد فتحت كندا باب الهجرة لكل سكان الأرض منذ بداية الستينات من القرن الماضي بعد أن كانت هذه الهجرة مقصورة لزمن طويل على الأوروبيين. و الغرض من الميثاق هو ان يكون رمزاً لكل الكنديين وعنواناً لهويتهم. وأن يكون تعريف كندا نفسها على أنها مجتمع يتساوى فيه الجميع ويتشاركون بمجموعة من القيم الأساسية المرتكزة على الحرية, وبالتالي يصبح بإمكان الكنديون أن يحددوا هويتهم بالانتماء إلى هذه القيم المشتركة بالحرية والمساواة وبالاعتزاز بتعددية ثقافة وطنهم.