جود نيوز الكندية

ايليا مقار يكتب: الهلوكوست

-
طلبت مني أبنتي أن اصطحبها الي متحف الهولوكوست بمدينة لوس أنجلوس لتستكمل مشروع مدرسي عن جرائم النازية، كان المطلوب أن تذهب الي هناك وتلتقط بعض الصور التي تثبت أنها زارت المتحف. لا أخفي أننى إضطررت لأن أستجمع فكرتى عن نفسي كشخص متحضر يميل الى الليبرالية والعلمانية، كما إستجمعت كل أفكار قبول الأخر ووجوب إحترام كرامة الإنسان بصرف النظر عن دينه وعرقة وجنسه حتى أتمكن من مقاومة ميراث طويل من التحقير لليهود والأنكار لمذابحهم- والشماتة فيها في نفس الوقت- حتي أستطيع أن أصحب أبنتي الي متحف الهلوكوست، وصلنا الي المتحف وإتفقت مع إبنتي ان الزيارة لن ستغرق أكثر من 10 دقائق، كان هذا قبل أن أقضي في المتحف قرابة الساعتين وبعد أن فشل الحاح إبنتي في أخراجي من المتحف في وقت أقصر. وفي المتحف، يتم إعطاءك جهاز يشبه جهاز ال iphone وتقوم بنفسك بالمرور من حجرة لحجرة، وتزدان الحجرات بصور ذات حجم كبير، وتحت كل منها رقم، وبمجرد ان تضغط علي رقم الصورة علي الجهاز، يقوم الجهاز بعرض صوتي لقصة الصورة وتاريخها والموقف الذي صاحبها. والحقيقة أنه –وعلي غير توقعي- لا تحتوى الصور علي مشاهد مفزعة وفظيعة لجثث محترقة أو أطفال يتم تصفيتهم بالرغم من أن كل هذا قد حدث بطريقة فظيعة خارج نطاق الحضارة، ولكن الصور المعتدلة كانت كافية لأن تدفعك للإستماع الي قصة أصحابها وأن تتخيل بنفسك فظاعة ما حدث لهم دون أن تتولي الصورة المنفرة ذلك. وكلمة "هولوكوست" تعني "الحرق الكامل للقرابين المقدمة للخالق" وتم إستخدام الكلمة فيما بعد للإشارة لحملات التصفية العرقية التي قامت بها حكومة المانية النازية في أربعينيات القرن الماضي ليس ضد اليهود فقط، بل ضد عدد من الشيوعيين والبروتستانت والكاثوليك وشهود يهوة. ففي أحد الأركان، كانت هناك صورة لمجموعة من البشر تقف صفا واحدا، وتكتشف أن الصورة لأحد المعسكرات التي كان يتم فيها تجريب طرق سريعة لقتل المعتقلين، ففي هذه التجربة، تم صف بعض المعتقلين صفا واحداً وراء بعظهم البعض وإطلاق طلقة واحدة لقتل أكثر من شخص، ولكن هذه التجربة لم تنجح، ثم تلتها تجربة إلقاء قنبلة على حشد من المعتقلين و لم تكن هذه التجربة ناجحة أيضا لأن أعداد الجرحى كان أكبر من القتلى، ثم تلتها تجربة استعمال دخان السيارات في غرف مغلقة. يرى معظم المؤرخين أن الهولوكوست كانت حملة منظمة على نطاق واسع استهدفت من تم اعتبارهم دون البشر في عموم أوربا التي كانت تحت الهيمنة النازية، وبالرغم أن أرقام الضحايا تحتمل الكثير من الجدل، الأ ان الثابت تاريخياً ان الهلوكوست كان حقيقة واقعة تجردت فيه الأنسانية من كل معان الحضارة، والمذهل أن تعرف أن كل هذه المأسي لم تتم في عصر الإنسان الأول، او حتى في العصور الوسطى، ولكن حدثت منذ عشرات السنين فقط في عصر الإعلام والسيارة والطائرة والسفن العابرة للمحيطات، وهو أمر –وأن دل،- يدل علي أن كل مظاهر الحضارة والرقى والتقدم، أنما هي مظاهر هشة لإنسان قد يتحول الي حيوان في لحظة، وينكر كل إرث الأنسانية وقيمها، لتنتصر قيم الشر والكراهية، ولنا في داعش وإخوتها خير مثال.