Taxation Through the Ages: From Ancient Rome to Modern Times ”عُد إلى ديارك”.. سخط في الشارع لتزايد أعداد السياح ثورة في عالم المجوهرات... صنع أول ماسة في العالم من الورد! الحكومة تأمر ”آبل” بإزالة تطبيقي واتساب وثريدز الإعلام يتوقف تماماً احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة النظارة الشمسية تتألق بتصميم ”عين القطة” بطرق بسيطة وفعالة.. كيف تتخلص من التوتر في العمل؟ ماسك الصبار للشعر لمزيد من الترطيب والنعومة الوقت الأكثر إرهاقا من اليوم وظيفة من المنزل بـ100 ألف دولار أول مسابقة لملكة جمال الذكاء الاصطناعي في العالم سر بكاء ام كلثوم في الأطلال

الحياة قصيرة.. إما أن تعيشها محمد سلام أو بيومي فؤاد

بيومى فؤاد ومحمد سلام
بيومى فؤاد ومحمد سلام

في مناخٍ عام يسوده الحزن. وحالة مزاجية شعبية في أسوأ حالاتها على الإطلاق، تختلط بها العكننة بالقلق، الاكتئاب بالترقب، الغضب بالإحساس القاسي الخانق بالعجز، يعيش المصريون العاطفيون بطبعهم، في صدمة وشعور مؤلم بقلة الحيلة وسط مظاهر من الخذلان العربي والدولي.


ووسط التواطؤ ودعم آلة القتل الصهيونية التي تحصد أرواح عشرات الآلاف من المدنيين نصفهم من الأطفال والنساء بلا توقف.. كان الشعب المصري على موعد مع فيديو للإنسان والفنان الكوميدي محمد سلام.. في البداية تصورت انا شخصيا أنه نازل يرمي بياضه وسط هوجة الوطنية والقومية اللي مسموح بها من النظام على غير العادة.


ويقول كلمتين حنجوريتين لن يشبعوا أو يغنوا من جوع ويلحق يأخذ له اللقطة قبل حفلة العروبة وانا دمي فلسطيني دي ما تخلص.. إلا إن المفاجأة أولا، بعد مفاجأة إن فيه دولة اسمها السعودية معانا على الكوكب بعد ما نسيناها في غمرة الأحداث وهي متخذة سياسياً وضعية صرصور الحقل في التعليق على المجازر اللي بتحصل يوميا على مرأى ومسمع العالم كله.


لا.. ده كمان فيه حاجة وقعت مننا اسمها موسم الرياض الترفيهي، اللي مؤكد بلد الحرمين الشريفين وقبلة مسلمي العالم وممثل الإسلام السني في المنطقة، سوف تحذو حذو القاهرة اللي أجلت مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان الموسيقى العربية. وحتى رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، اللي أولا وأخيرا راجل بتاع بيزنس همه الأساسي الفلوس، حس إن استعراض آخر صيحات موضة الفساتين ببطانة أو بدون بطانة على الريد كاربت، شيء ملوش محل من الإعراب أنه يحصل، ولا الأمر يستحق يكون عاجل حدوثه والناس بتموت حواليه، خصوصاً وإن القضية الفلسطينية في صلبها، تاريخيا وإنسانيا وبصلات النسب والأرحام.
وحتى سياسيا، هي قضية تتماس مباشرة مع الشعب المصري، اللي بيربطه بفلسطين أكبر من أن يتم تجاهل مشاعر الغالبية العظمى من المصريين بشأنه.. لكننا اكتشفنا من كلام محمد سلام، إن موسم الرياض عادي جدا هيتم. واستعداداته تجري على قدم وساق، أو على واحدة ونص.


الملفت في كلام "هجرس" اللي تمت ترقيته في قلوب الناس لمرتبة "الكبير اوي" .. أنه وسط اعتذاره عن السفر بعد أن تأكد إن أمله في الإلغاء أو حتى التأجيل اتبخرت.. الملفت في كلامه، واللي خلاه يوصل للناس . أنه زي كل كلامنا، شكوى وألم ولوعة وخذلان، مش هيغير شيء ولا هيوقف مذابح ولا هيحرر القدس.. عشان كده لمس قلوب الناس ..كلام مواطن مجهد، محبط، عاجز، حزين.
هو قال ببساطة اللي أغلبنا بيقوله وهو متسممة عليه اللقمة، وبيجاهد لما يدخل سريره أنه ينام من غير ما تطارده مشاهد أشلاء الأطفال اللي ملهاش ذنب، أو دموع الثكالى على أسرهم اللي اتدمرت بالكامل واتحذفت من السجلات.. هو قال ببساطة: مش قادر.


فردينا عليه احنا كمان مش قادرين يا هجرس.. هو فنان ايوه . وأكل عيشه الفن، ومحدش عرفه إلا عن طريق الفن.. لكنه فنان بدرجة إنسان .. ايوه للأسف.. احنا بقى عندنا نوعين من الفنانين أو من البشر عموما ..فنان حقيقي من لحم ودم، وفنان ريبوت عبد للقرش، مخبر مستني أوامر اللي متحكم في سوق الفن.. سلام اختار أنه يكون فنان بداخله مواطن، بيوطي صوت التليفزيون لو جاره عنده مشكلة.. بيأجل فرحه لو صاحبه عنده حالة وفاة.. بيمارس حياته بشكل طبيعي وبيروح وييجي ويأكل ويشرب.. بس لو قابل مهموم أو شخص عنده مصاب جلل، بيستحي يضحك ويغني أو يستعرض نعم الله عليه قدامه.


سلام مطلعش يقول لبيك يا اقصى، ولا شخط في زمايله وفينا واتدروش صارخا: الفن حرام هتروحوا النار يا كفرة.. هو لخص كل شيء بجملة: مش هقدر أرقص وأغني واهرج لايف على الهواء مباشرة، والناس بتتدبح برضه لايف على الهواء مباشرة.. لا زايد على حد ولا استفاد من كلامه بالعكس.. الكل يعلم المتحكم في سوق الدراما مين، ومدى أذاه للي يتحداه إيه.. سلام بيشتغل عادي في مسلسل الكبير أوي، على أمل أنه يتعرض في رمضان ويكون القصف العشوائي المجنون ده انتهى.


يعني بينفذ حرفيا نظرية الفن مهنة ورسالة ومش عيب، اللي بيطالبه بيها شلة الأفاقين اللي هاجموه وعلى رأسهم مستشار الأنس والفرفشة السعودي، اللي افتكر دلوقتي بس أنه كومبارس بعد ما رمى في وشه ما يعادل الـــ 3 مليون جنيه واشترى نفسه وحب الناس المجروحة اللي طبطب على قلوبهم بكلامه، ورفض يخليهم يشوفوه بيرقص ويضحك حالا.


وتختلط ضحكات الجمهور بصراخ الأطفال والنساء والعجائز تحت القصف والصواريخ وقنابل الفوسفور المحرم دوليا.. سلام كشف وعرى أخلاق وازدواج معايير الصفوة، وفناني الأظرف والساعات والريالات، اللي لم يكتفي واحد زي بيومي فؤاد بأداء السبوبة وإضحاك بضعة مئات بمسرحية هزلية اتكلفتت في 3 ايام بيسميها فن ويقفش القرشين كعادته وهو صاحب الرقم القياسي في الأعمال الرديئة ضعيفة المستوى ويرجع من سكات.. لا.. ده وقف على المسرح لابساه روح زكي طليمات ونجيب الريحاني. وقف يهاجم صديق عمره ورفيق مشواره عشان يستجدي عطف الكفيل ويشكر احسانات الجمهور، اللي هو مش جاي يترقص ويضحكه إطلاقا، صارخا بصوت جهور: احنا جايين نقدم فن!!


وكأنه كان بيعرض مسرحية هاملت أو أوبريت الحلم العربي.. ولم ينس وسط دموعه الساخنة أنه يقول أنا بخفف عن الراجل اللي أنقذ الموقف وكان قد مسئولية الفن ورسالته العظيمة.. الراجل اللي لما وافق يكون البديل لسلام، كان أول قرار له بعد الموافقة على العرض، أنه يحذف الفيديو اللي عيط فيه على شهداء المستشفى المعمداني من الأطفال، وكأن شرط قبوله للمهمة المقدسة لإنقاذ الفن الهادف الراقي النبيل، أنه يتملص من دعمه لشهداء غزة!!!


عزيزي بيومي فؤاد، ويا عزيزي كل متملق حوارتجي.. نعم .. حقا وصدقا الفن شيء عظيم .. وانا شخصيا اشتريت بضاعتكم حاضر.. الفن مرآة للمجتمع، الفن رسالة ووسيلة التعبير عن أفراح وآلام الناس، آمال وإحباطات الناس، سعادة وأحزان الناس.. طب الناس حزينة ومحبطة وموجوعة بوجع جرح غزة اللي بينزف.. الفن اللي ميعبرش عن كل ده، ويتجاهل كل ده، ويتخلى عن كل ده، ملوش اسم غير أنه فن وضيع ومنحط.