معضلة الشر والألم
يعتبر فيلم الإرهاب والكباب من أجرأ وأنجح الأفلام التي قام بها الفنان عادل إمام ومعه مجموعة رائعة من الأبطال الذين استطاعوا أن يجسدوا أدوارا لأناس يعانون من الآلام والمعاناة، وقفت كثيرا أمام شخصية شلبي ماسح الأحذية والتي جسدها ببراعة الفنان أحمد راتب. فقد كان من أوائل الذين انضموا إلي احمد (عادل إمام)، فقد باع أرضه ليدفع ثمنها كخلو لمكان يقيم فيه داخل مجمع التحرير. وقد ظل شلبي يعاني من ظلم المحكمة التي دق أبوابها لسنوات للحصول على حقه ولكن دون فائدة.
لقد اختلف الكثيرون من الفلاسفة في تعريف الشر، ولكني أجد نفسي متجها إلى أحد التعريفات التي تقول إن الشر هو كل ما يؤذي. فقد ظلم شلبي ظلما كبيرا بانتظاره أكثر من ستة عشر عاما دون جدوى. فلم يكن مجرد ألما بسيطا بل تحول هذا الألم إلى معاناة لأنه استمر مدة طويلة. ولعل من اهم مصادر أو أسباب هذا الشر الحادث له انه شرا أخلاقيا لأنه اعتمد على أشخاص وهؤلاء الأشخاص هم المنوط بهم العمل في المحكمة، وهم من تسببوا في هذا الشر والأذى الذي أصاب شلبي. إن سقوط الإنسان وسقوط البشرية في آدم كان له تأثيرا مباشرا على العلاقة بين الأفراد. فالظلم الواقع بين الناس يعتبر مظهرا ونتيجة لهذا السقوط. كما أنه بمثابة أحد اهم مصادر الشر.
نقطة أخرى وهي في رأيي تعد أحد أسباب معاناة شلبي لهذا الألم والشر وهي طريقة تعامله مع هذا الشر. فقد كان أسلوبه في مواجهة الشر عبارة عن مزيجا من الفكر الإلحادي والفكر القدري. فقد حاول شلبي أن يهرب أو يشتت هذا الألم حينما هرب من هذا الشر واختفى في القاهرة داخل مجمع التحرير. كذلك تبني شلبي الفكر القدري حينما هرب منتظرا الموت دون الاعتراض أو السؤال مظهرا الخضوع الضمني لهذه المعاناة.
إذا سقوط البشرية أدى بدوره إلى وجود الشر الأخلاقي الحادث من القائمين على العمل القضائي، كذلك فكر شلبي الإلحادي والقدري لمواجهة هذا الظلم يعتبروا من اهم مصادر وأسباب معاناة شلبي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا الألم؟ لماذا لا تخلو الحياة من المعاناة؟ أين الله من هذه الآلام وهذا الظلم الواقع على الإنسان؟ من المسؤول الأول عن هذا الألم هل هو الله؟ وإن كانت الإجابة بنعم فلماذا؟ أليس الله بصالحا؟ وإن كانت الإجابة بالنفي إذا من هو المسؤول؟ وهل الله وقف بعيدا واختبأ؟
هذه مجرد أمثلة لبعض الأسئلة التي يفكر فيها اغلب الناس ... ولذلك سنحاول أن نناقش معضلة الشر والألم واختباء الله في المقالات القادمة إن أحبت نعمة الرب وعشنا.
