From Hospitality to Hostility: A Silent Transformation اغتالوا علماء المعامل.. لا علماء الفتاوي من ينتصر في الحرب الإسرائيلية الإيرانية: ومشهد دولي معقد؟ مصر والخليج يخططان لزعامة العالم... وسينجحون‎ متى سيخدمنا الذكاء الاصطناعي؟ وفي يوم خرج مرجعش !‎ تعليم مصر في خبر ”كان” ثقيلة هي ثياب الحملان! (قصة قصيرة) (10) للحرية أسطول!! إن فسد الملح رسالة من ”ميامي” نشأة الثقة بالنفس “ Basic Trust ” بين علم النفس... وبين الرجاء المسيحي ” لأننا سنراه كما هو“ (١يوحنا ٢:٣)

دردشة…بالعربي الفصيح:

ثقيلة هي ثياب الحملان! (قصة قصيرة) (10)

ملخص ما سبق: اختار الباشمهندس صاحب الشركة المراقب الشاب أبو صلاح ليحل محله مؤقتاً خلال سفره ودربه بنفسه. لكن بعد فقدان طائرة الباشمهندس، أصبح أبو صلاح مديراً رسمياً للشركة وبدأ تغييرات في هيكلة الشركة، استقال بسببها المراقب كاظم اعتراضاً. وتجاهل أبو صلاح توسلات المراقب نزيه لإعادته لكنه رقى صديقه أكرم مراقباً جديداً على موقعين، ورقى المراقب حسني رئيساً للمراقبين، مما أثار استياء المراقبين الآخرين: بدوي ونزيه. واكتشف نزيه بعدها كذب أبو صلاح بشأن محاولته الصلح مع كاظم وواجهه بذلك؛ وليتظاهر ابو صلاح بحسن النية طلب من كاظم أن يحضر لإمضاء عقد عمل جديد! لكنه قام بتعيين أكرم نائب له قبل موعد الإمضاء، بمواجهة فرفض كاظم العرض، وتشاجر نزيه مع أبو صلاح وهدده بالطرد…فانصرف مهزوماً!

حلقة ١٠

في الحياد ثبات، وفي الانحياز انكسار!

عهد جديد ينبغي أن تُدوّن إنجازاته في ذكرى الافتتاح القادمة. سجل يا تاريخ ما حققته من نجاحات في أقل من سنة! وإن اختلف معارضي على نجاحاتي، فليصمتوا! فالنجاح ليس بكثرة المؤيدين، بل بنشوة السطوة وفرحة الانتصار رغم أنف الخاسئين! فلا بأس إن اتبعتني الأقلية ما دامت تضيف إلى سلطاني قوة ونفوذًا!

أليس تغيير الهيكلة نجاحًا؟ ألا يستحق المغمورون أن يظهروا قليلًا على السطح وكفى المتسلطون أضواءً؟ إلى متى سيظل بدوي ونزيه فوق قمة الهرم؟! فهذا الاستحقاق الزائف مصيره حتمًا إلى الانقضاء... انتهى!

ألم يكن تحجيم المعارضات المغرضة مهمًا لتثبيت قواعدي؟

وما المانع أن يشرف المراقب على أكثر من موقع؟! المراقب المتمرس المخضرم لا يقبل بالتهاون! فبدوي الآن يراقب موقعه وموقعي السابق، ونزيه موقعه وموقع كاظم، وحسني، رئيس المراقبين، يتولى شؤون موقعه وموقع نائبي أكرم، أما أكرم فمتفرغ تمامًا لمنصبه الجديد في الإدارة! هذا هو النجاح بعينه، لكن ما كان يجري قبل ذلك ما هو إلا تساهل ورفاهية!

هل تحفيظ فنون الحرفة أقل أهمية من فهمها؟ أبدًا، كلاهما مهمان! لذا يجب أن ننشر دومًا وعي الحفظ! لسنين طويلة كان فهم الكود الكهربائي هو مبدأ الشركة الوحيد، فلماذا لا يحفظ العمال أيضًا أسلوب التركيبات الكهربائية ويكون وسيلة للتمرس السريع؟! لذا تُجرى دورات تدريب إلزامية للعمال لتحفيظ الصنعة (البلدي) الأصيلة بقيادة أكرم! أنجاح؟! قطعًا!

وهل كان قراري بتخفيض أجور العمال قاسيًا؟! ألم تخسر الشركة بعض عملائها، لأسباب يطول شرحها، مما أدى إلى تراجع في الأرباح؟! من أين لي إذن أن أوفي حقهم كاملًا؟! آخرون كانوا قد أقالوا بعض العمالة لتحقيق التوازن، لكني نجحت في إبقاء الجميع... برواتب أقل!

***

"ماذا يقول الناس عني؟!" سؤال يلازمني دائمًا منذ صباي، لكنه بات يصارعني مؤخرًا في منامي ويقهرني في كوابيسي! لا أحتمل إجاباته الساحقة، لكني أتوق زاحفًا لسماعها! ملعون أيها الشيطان: استعبدتني لشهواتي كي تكون هي سبب هلاكي! ومرارًا سألت نفسي ما الذي يدفعني شغفًا لسماع آرائهم الهدامة التي لا تكف عن تحطيم الوثن الذي بنيته لنفسي؟! إن عكفت عنها، يقتلني الفضول، وإن سعيت إليها تفتك بي! وفي الحالتين، أنا مهزوم!

يأتيني أكرم يوميًا بعد ساعات العمل ليخبرني بما يقال عني، كالطبيب الذي يأتي بالمخدر لمريضه المدمن ليهدأ ويرتاح! لكن لا راحة لي تحت تأثير المخدر، بل أنغمر في الألم أكثر!

ليلتها... سألت أكرم نفس السؤال المضني... فسكت لبرهة ليمهّدني نفسيًا لما سيقال...

لا جديد... قد سمعته منه كثيرًا، وظننت أني بالتكرار سأعتاد عليه فلا يعود يمزق أحشائي! لكن هيهات... يقتلني ببطء! لذا أشتاق لسماع الجديد... وكيف له أن يأتي دون تجديد لذاتي؟! معضلة... يقودها عنادي المكابر بلا نية للتراجع!

أكاد أردد مع أكرم ما يقول بسبب التكرار: طفح كيل العمال من قلة الرواتب وابتدأوا يتركون وظائفهم؛ بدوي يتحسر على ميكانيكية وسطحية العمل اللذين أصبحا هدفًا في حد ذاتهما بدلًا من الرغبة والعمق في التعليم! نزيه متوارٍ في صمته حاملًا تحته طبقات من الغضب المدمر... عملاؤنا يشكون من انحدار كفاءة وجودة العمل، والبعض يدعي أني اهتممت بالمظاهر الفارغة وانشغلت عن الهدف ألا وهو مراقبة سير العمل...

***

هأنذا منقسم على ذاتي من الداخل مثل "جيكل والسيد هايد!" في النهار احتفل بنجاحاتي المزعومة، وبالمساء أرثي لحالي! وعلى الرغم من يقيني بازدواجيتي لا أرغب في أي تغيير!!! فما التغييرُ إلا انحيازٌ لشقٍّ من شخصيتي.، أي هزيمة و ضعف…فهل كتب عليَّ الحياد إذن؟... أجل!!

***

قاعة مهيبة في أحد الفنادق الفاخرة تحفل ببشر يحاولون جاهدين إخفاء حسدهم بابتسامات زائفة؛ خرجت كلمات الترحيب الرقيقة من ثغر سكرتيرتي في حفل ذكرى افتتاح الشركة، بينما المدعوون يعتدلون في مقاعدهم متظاهرين بالاهتمام! تقدم ذراعي اليمين، أكرم، بعد أن قدمته السكرتيرة ليلقي كلمة الحفل! وقف بهندامه ووسامته أمام الميكروفون؛ لم يحظ، للأسف، بتلقائية فطرية كبدوي، لذلك ابتدأ يقرأ من الورقة التي أمامه:

- سيداتي آنساتي سادتي…اهلاً بيكم في الذكرى العاشرة للشركة…اولاً أحب أرحب بعملائنا المحترمين وموظفينا الأعزاء…ونشكركم لقبول دعوتنا لحفلتنا المتواضعة…

النهاردة احنا بنحتفل بإنجازات شركتنا…وخصوصاً إنجازات السنة اللي فاتت اللي قام بيها مديرنا وقدوتنا أبو صلاح ربنا يخليه لينا….

أنهى جملته الأخيرة بحماسة مصفقاً بحرارة حفزت فعلاً على التصفيق بعض العابسين مثل بدوي ونزيه وآخرين فاسترسل:

- أولاً…خلونا نبتد….

قطع كلامه فجأة وتجهم وصمت كالأموات مواجهاً مؤخرة القاعة، فنظر الجميع، لا تلقائياً، إلى الوراء محاولين استيعاب سبب جمود ملامحه…أما أنا فقد تباطئ رد فعلي عنهم لشغفي بالاستماع لما كان سيقال، لكني نظرت خلفي أخيراً مثلهم…

و إذ بي أراه مرة أخرى…واقفاً، واثقاً، قوياً بشموخه المعتاد و على وجهه ابتسامة دافئة…

لم تمض ثوان معدودة حتى ابتدأ الجميع يهلل بفرح واشتياق:

- الباشمهندس….الباشمهندس!!!

يتبع في الحلقة التالية من العدد القادم!