Taxation Through the Ages: From Ancient Rome to Modern Times ”عُد إلى ديارك”.. سخط في الشارع لتزايد أعداد السياح ثورة في عالم المجوهرات... صنع أول ماسة في العالم من الورد! الحكومة تأمر ”آبل” بإزالة تطبيقي واتساب وثريدز الإعلام يتوقف تماماً احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة النظارة الشمسية تتألق بتصميم ”عين القطة” بطرق بسيطة وفعالة.. كيف تتخلص من التوتر في العمل؟ ماسك الصبار للشعر لمزيد من الترطيب والنعومة الوقت الأكثر إرهاقا من اليوم وظيفة من المنزل بـ100 ألف دولار أول مسابقة لملكة جمال الذكاء الاصطناعي في العالم سر بكاء ام كلثوم في الأطلال

هل مات عصرُ تأثير الثقافة؟

يبدو من بعض المؤشِّرات المؤسفة أننا نجتاز عصر احتضار الثقافة لا سيما في عالمنا العربي، وما تبقّى الآن من رمقها الآخير يُجاهد للبقاء برعاية آخر الأجيال التي كانت تؤمن بقيمة الكلمة المؤثِّرة وسطوتها على الروح والعقل والوجدان، لن يمضي وقتٌ طويلٌ حتى ينهار هذا الصريح الجميل لصالح هيمنة الرأسمالية العالمية التي ترى في كُل انسان مشروع "سلعة" أو عنصر مُستهدف لـ "شراء سلعة"، تلك المنظومة التي تستهدف تخدير مشاعر هذا المخلوق وتعطيل عقله وتبطئة تفاعلات خلايا دماغه ليغدو مُنقادًا لرغباتها ومُنفذًا طلباتها، والتسريع من تلف تلك الخلايا وشيخوختها ومن ثم انطفاء وجوده المحسوس على الأرض بعد تحوُّله إلى نفايات فائضة عن حاجة مُخططاتها.

أسعار الكتب ترتفع، المجلات والصحف الورقية التي كانت زواياها وأبوابها الثقافية أكبر داعم معنوي لقلم المثقف تكاد تنقرض، مجلات الأطفال العربية تتناقص، قنوات تلفازية ثقافية مُتخصصة أغلقت أبوابها وقنواتٌ شامِلة حذفت البرامج الثقافية من جداول عرضها، المشاريع الثقافية في ذيل قائمة التنفيذ دائمًا لأن ميزانيتها بمقاييس هذه الأيام لا يمكن اعتبارها "رأس مال" يُستثمر في إدرار المزيد من الأموال على الجهة المنفذة عكس البرامج الترفيهية الأخرى، لذا يتم حذفها أو تقليصها إلى الحد الأدنى تحت عنوان "تجنب الهدر المالي"، ولم يعُد من الممكن مُناقشة تلك الأزمة في ظل التضخم الاقتصادي العالمي الذي صار فيه الناس أسرى الكفاح في سبيل توفير احتياجاتهم البشرية الأساسية بأقل قدرٍ من الديون وبالحرص على الاستفادة من كُل فرصة مجَّانية لا تُكلفهم دفع فلس مع خوفهم من تلك اللحظة التي يخسرون فيها أعمالهم أو يُفصلون من وظائفهم فيُحرمون من أجورهم التي يعتاشون عليها، ولا شك أن نداء الغريزة المتمثل بتلبية الاحتياجات الأساسية أهم من نداء العقل الذي يتطلب اهتمامًا مبما صار يُعتبر هذه الأيام "رفاهية معنوية زائدة" كالثقافة.

قبل عشر سنوات كُنا نسمع عن مثقفين لا يقبلون كتابة كلمة إلا في الصحف الكُبرى والمجلات واسعة الانتشار مُقابل مُكافآت مالية يعتبرونها "تليق بقلمهم وقيمتهم الثقافية"، ويرفضون أن تُجري معهم إحدى المطبوعات الصاعدة حوارًا، ويتهربون إن توسّل إليهم صحفي شاب من إجراء حديث باعتبارهم "أكبر من إضاعة أوقاتهم دون مُقابِل"!، الآن مع أزمة إغلاق تلك الصحف والمجلات والبرامج التلفازية صرنا نرى بعض هؤلاء يبحثون بحثًا عن مطبوعة على قيد الحياة تنشر لهم ولو مجانًا لئلا ينسى الناس وجودهم في زمنٍ لم يعُد يسأل فيه عنهم أحد أو يذكر وجودهم إلا قليلٌ من غير المُتأكدين إن كان هؤلاء مازالوا على قيد الحياة أم انتقلوا إلى جوار ربهم!

لا يمكن إنقاذ الثقافة بمقاييس العصر وتحدياته إلا بإعادة التسويق لها عن طريق لُغة العصر المُتمثلة بالوسائط الرقمية أو مواقع التواصُل الاجتماعي وتقنياتها الإبهارية، تسويقٌ جاد بطريقة قادرة على استثمار تلك المادة الثقافية وتحويلها إلى وسيلة قادرة على العطاء المادي أو الترفيهي – دون إسفاف بطبيعة الحال- وليس المعنوي وحسب، ومن المهم في هذه المرحلة تذكير ما تبقى من المثقفين بضرورة التحرر من الأنانية لأنها ستؤدي إلى غرق السفينة الثقافية وغرقهم معها، فسياسة الأخذ دون عطاء التي ينتهج البعض سبيلها لم تعُد مجدية في وقتٍ صار يتطلب من المثقف تضحياتٍ أكبر لانتشار اسمه ولمعان نجمه.