Taxation Through the Ages: From Ancient Rome to Modern Times ”عُد إلى ديارك”.. سخط في الشارع لتزايد أعداد السياح ثورة في عالم المجوهرات... صنع أول ماسة في العالم من الورد! الحكومة تأمر ”آبل” بإزالة تطبيقي واتساب وثريدز الإعلام يتوقف تماماً احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة النظارة الشمسية تتألق بتصميم ”عين القطة” بطرق بسيطة وفعالة.. كيف تتخلص من التوتر في العمل؟ ماسك الصبار للشعر لمزيد من الترطيب والنعومة الوقت الأكثر إرهاقا من اليوم وظيفة من المنزل بـ100 ألف دولار أول مسابقة لملكة جمال الذكاء الاصطناعي في العالم سر بكاء ام كلثوم في الأطلال

في ذكرى رحيل عبد الحليم حافظ ... لم ولن ننساك

بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لرحيل العندليب الأسمر حليم، الأسطورة الغنائية الخالدة (21 يونيو 1929 إلى 30 مارس 1977)

تمر الأيام وتتعاقب السنوات علي رحيل العندليب الغائب الحاضر دائما والذي نستشعر ذكراه حتي الآن .. ننطق بكلماته، نطرب لفنه، نشعر بأحاسيسه، ونبكي لحزنه، ونحزن لرحيله بعد كل هذه العقود الزمنية الطويلة.

يعتبر عبد الحليم حافظ أو العندليب الأسمر أحد أشهر المطربين علي الساحة الغنائية المصرية في النصف الأول من القرن العشرين، والذين تركوا بصمات واضحة في عالم الموسيقى والغناء العربي ليس فقط لصوته المخملي وإحساسه العميق وحضوره المتميز، بل لكونه ظاهرة موسيقية وجدانية أسطورية فريدة يندر أن تتكرر في هذا الزمان.

ولد "عبد الحليم علي شبانة" في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية في 21 يونيو 1929، وكان الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية، توفيت والدته بعد ولادته بأيام، وقبل أن يتم عبد الحليم عامه الأول توفي والده ليصبح يتيم الأبوين ويعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة مما دفعه أن يطلق على نفسه لقب "ابن القدر"

كان حليم يلعب مع أولاد عمه وخاله في ترعة القرية ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمر كبده وعليه حياته ولقد كان من سوء حظه أيضا أن القدر لم يترك له الفرصة ليلحق بعمليات زراعة الكبد والتي بدأت بعد وقت قصير من رحيله.

التحق حليم بمعهد الموسيقى العربية 1943 حيث التقى بالفنان كمال الطويل حيث كان عبد الحليم طالبا في قسم الغناء والأصوات وكمال في قسم التلحين ، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام 1948، ورشح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا بالقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفا على آلة "الأبواه" عام 1950 ، قبل أن يلتقي مع صديق ورفيق العمر الأستاذ مجدي العمروسي في 1951 في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي فهمي عمر ، وقد كان لقبه الشهير "عبد الحليم حافظ بعد أن منح الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب العندليب الأسمر اسمه "حافظ" بدلا من شبانة بعد إعجابه بموهبته ..

وكان أول ظهور فني لحليم بأغنية "صافيني مرة" ألحان محمد الموجي في أغسطس 1952 ورفضتها الجماهير من أول وهلة حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقى هذا النوع من الغناء الجديد، ولكنه أعاد غناءها في يونيو 1953 يوم إعلان الجمهورية وحققت نجاحاً كبيراً.

تعاون العندليب علي مدار ربع قرن مع نخبة من الملحنين العباقرة والشعراء المبدعين:

وكان من أبرزهم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي.

وترك حليم أيضا ضمن تراثه الغنائي أغنيتين من أجمل أغانيه للشاعر الكبير نزار قباني: "رسالة من تحت الماء وقارئة الفنجان" والتي كانت آخر ما غني على المسرح في حفل شم النسيم 1976.

وتعتبر الأغاني الوطنية والقومية من أبرز ما قدم العندليب في تاريخه الفني العظيم حيث تصادف ظهوره مع ثورة يوليو 1952 فكان بمثابة أيقونة الثورة الشهيرة، وقدم العديد من الأغنيات القومية من أبرزها "العهد الجديد 1952، إحنا الشعب 1956، الوطن الأكبر 1960، حكاية شعب 1960 احتفالا بوضع حجر الأساس لبناء السد العالي، الجزائر 1962، صورة 1966، عدي النهار 1967، البندقية اتكلمت 1968، خللي السلاح صاحي، وعاش اللي قال" بعد نصر أكتوبر 1973.

وقد عرف عن حليم وطنيته الشديدة وحبه الجارف لوطنه فكان من بين كبار الفنانين الذين شاركوا في دعم الجيش بعد حرب 1967، عندما قام بالغناء في حفلته التاريخية أمام 8 آلاف شخص في قاعة "ألبرت هول" بلندن لصالح المجهود الحربي لإزالة آثار العدوان.

قدم العندليب الأسمر 16 فيلما من أجمل كلاسيكيات السينما المصرية كان بطلها جميعاً، وشاركته البطولة نخبة من جميلات السينما في خمسينات وستينات القرن الماضي، وغلب عليها الطابع الرومانسي الحالم والذي كان يتناسب مع ملامح وشخصية وشجن العندليب.

وقد كان عام 1955 هو العام الذهبي لحليم حيث انطلق بأربعة أفلام رائعة وكان أخر أفلامه هو فيلم "أبي فوق الشجرة" 1969 أمام نادية لطفي وميرفت أمين وعماد حمدي

أصيب حليم بتليف في الكبد بسبب مرض البلهارسيا وكانت أول مرة يعرف فيها العندليب بهذا المرض عام 1956 عندما أصيب بأول نزيف من الفم وكان وقتها مدعواً على الإفطار بشهر رمضان، ومنذ هذا التاريخ بدأت رحلته المأساوية مع المرض اللعين على مدار عشرين عاما أجري فيها ما يقارب من ستين عملية جراحية وتنقل فيها بين عشرات المستشفيات وكان أخرها كنجز كولدج (المستشفى الذي شهد وفاته).

وفي يوم الأربعاء 30 مارس 1977 وأثناء إحدى رحلاته العلاجية بمستشفى كنجز كولدج بلندن أصيب العندليب بنزيف حاد، والذي يقال إنه كان نتيجة إلتهاب كبدي بفيروس سي والذي تعذر علاجه في ذلك الوقت مع وجود تليف الكبد المزمن الذي يعاني منه، ولم يتمكن الأطباء في النهاية من السيطرة عليه لتصعد روحه إلى بارئها وتنهي رحلة العذاب المريرة.

وخيمت حالة نادرة من الحزن الشديد على جموع الشعب المصري والعربي لوفاة العندليب، وتم تشييع جثمان أسطورة الغناء الخالدة في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والفنانة الراحلة أم كلثوم حيث بلغ عدد المشاركين في الجنازة أكثر من 2.5 مليون شخصا، ليسدل الستار عن حياة نجم كبير ورمز قدير من رموز الفن المصري والعربي.

سيبقي حليم دائما أسطورة الرومانسية وسفير المشاعر ورمز الوطنية في زمن الرقي والجمال الرائع، تاركاً ورائه كنزاً موسيقياً هائلاً لا ينضب.

رحمة الله على الفنان الخالد أيقونة الزمن الجميل الذي لم يتبقى منه في زماننا هذا سوى الأطلال.