Taxation Through the Ages: From Ancient Rome to Modern Times ”عُد إلى ديارك”.. سخط في الشارع لتزايد أعداد السياح ثورة في عالم المجوهرات... صنع أول ماسة في العالم من الورد! الحكومة تأمر ”آبل” بإزالة تطبيقي واتساب وثريدز الإعلام يتوقف تماماً احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة النظارة الشمسية تتألق بتصميم ”عين القطة” بطرق بسيطة وفعالة.. كيف تتخلص من التوتر في العمل؟ ماسك الصبار للشعر لمزيد من الترطيب والنعومة الوقت الأكثر إرهاقا من اليوم وظيفة من المنزل بـ100 ألف دولار أول مسابقة لملكة جمال الذكاء الاصطناعي في العالم سر بكاء ام كلثوم في الأطلال

مينا ماهر يكتب: دردشة…بالعربي الفصيح: انا المصري!!

 في مرة من المرات أخذت معي وجبة غداء من منزلي إلى مكان عملي، وبالمصادفة كانت قلقاس مع أرز! وحين صار وقت الغداء ذهبت إلى مطبخ مكتب الشركة لتسخين طعامي، فلمحني أحد زملائي الكنديين وأنا أحمل علبة الطعام الشفافة في يدي وأخذه الفضول ليسألني بلطف ما عسى أن تكون هذه الوجبة (ذات اللون الأخضر)! وبروح وطنية وحماسة لا توصف ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهي وأجبت بالإنجليزية: -This is an authentic Egyptian dish called ‘Ol  Aas’! فابتسم بدوره على التو وقال باستحياء: -‘All Ass?’ Is this how you guys name your food? أما انا فانتابتني غيرة وطنية بعد أن أدركت صدى الاسم بالعامية المصرية على مسمعه، وأجبت سريعاً محاولاً إنقاذ الموقف: -No, no, no…’olas’…one word…no break in the middle! ومن وقتها أصبحت حذراً جداً لما أجلب معي من طعام إلى العمل! وبالرغم من طرافة القصة، إلا أنها تستحق منا المناقشة! فالعالم اليوم أعتاد على الأكلات الصينية، والهندية، واليابانية، والكورية، واللبنانية (والسورية مؤخراً) وغيرهم! فأين المأكولات المصرية اليوم من كل هذا الانفتاح الثقافي؟ ليس من الشائع إطلاقا أن تقول لأحد زملائك "هيا نذهب لنتناول طعاماً مصرياً" دون أن ترى منه علامات تعجب أو فضول؟! للأسف، مصر تعرف فقط اليوم بأهراماتها الخالدة (ومحمد صلاح)! لكن يجهل العالم عن ثقافتها الحالية الكثير! والغريب أن الرجل المصري، رغم انزعاجه، لا يشعر على الإطلاق بأي تقصير أو تقاعس من جهته في هذه القضية؛ بل يظن أنه ضحية تكاسل وجهل شعوب العالم؛ وكأن العالم ملزم (رغم أنفه) بتثقيف نفسه عن مصر وشعبها!  ولانعدام شعور الشعب المصري بالمسؤولية تجاه نشر ثقافته عالمياً، تولدت تدريجياً لامبالاة بالغة، ولم يعد يمثل الأمر مصدر إزعاج له! والموضوع بالطبع لا يقتصر فقط على الثقافة والأكلات المصرية الشعبية؛ ومن السذاجة أن نحصر المناقشة في هذه النقطة الفرعية فقط! فإن درسنا ظاهرة الاغتراب عن الوطن واتخذنا نموذج مقارنة واقعي بين المغترب المصري والمغترب اللبناني (أو السوري)، نستطيع أن نسجل العديد من الملاحظات! فالمصري، بشكل عام يخرج من وطنه بعقلية الموظف! أما اللبناني فيخرج بعقلية المدير (او رجل الأعمال)! ولا أقصد الإهانة مطلقاً بلفظ "موظف" لأني انا نفسي موظف! لكن هذه العقلية تعكس طموح الشخص بل وتملي عليه أسلوب معيشته! فإن هاجر المصري فسيعيش غالباً كموظف، وإن ذهب إلى الخليج، فسيعيش "كموظف على كف عفريت"! ما معنى هذا؟ فحينما يسافر المصري إلى دولة خليجية، يخرج وهو مقتنع أنه سيقيم هناك لبضعة سنوات فقط، يجمع فيها الثروة المطلوبة، ثم يعود بعدها أدراجه إلى مصر ليعيش فيها بقية عمره! لكنه يدرك بعد حين من الغربة أن هذه السنوات القليلة لا تكفي لتحقيق أحلامه، فيزيد عليها بضعة سنوات أخرى، ثم أخرى، وأخرى وهلم جرَّ! والنتيجة انه يقضي عمره كله بالخارج، لكن على أمل (لا ينقطع) في الرجوع! هذه الرغبة الملحة غير المفهومة في العودة إلى الوطن، سببها كم العواطف المفرطة الحالمة التي تحركه أكثر من الواقع العملي المحيط به. فهو يفكر في الرجوع قبل حتى أن يرحل، كمن يطلب مقدماً قسطاً من الراحة قبل بدء العمل! الخطورة في ذلك أنه يعيش لسنوات كثيرة دون الإحساس بالاستقرار! فلا يتمتع بفرش بيته كما ينبغي، بل يشحن كل ما هو أنيق وجميل من عفش ومفروشات إلى مصر، حيث معيشته المستقبلية! بالضبط كما فعل أجداده الفراعنة عندما وضعوا كل ممتلكاتهم النفيسة في قبورهم، حتى متى عادوا إلى الحياة، يتمتعون بها! وفي الواقع، يعود المصري بعد سنين عديدة من الاغتراب، ليكتشف أن الموضة قد تغيرت والأذواق قد اختلفت، وما قام بإنفاقه على بيته المصري كان مضيعة للوقت، وللأسف لم تعد لديه قدرة ولا رغبة أخرى في التجديد! منطق التركيز في الرجوع، قبل الشروع في الرحيل، يعتبر سوء تخطيط بكل تأكيد؛ فهو يشير إلى استعجال النهايات دون الخوض الناضج في الوسائل المؤدية إلى الهدف! وفوق هذا، حتى خطة رجوعه غير محكمة بمواعيد ثابتة ومدروسة، بل هي على فيض الكريم (أي رهن الظروف)! وهذه هي أزمة المصريين المزمنة! فعامل الوقت ملغي تماماً من حساباتهم، وبالتالي كل قراراتهم تتسم بالمرونة، والفوضى، والقابلية للتأجيل! وبسبب خضوعه لسلطان الظروف، حكم على نفسه أن يعيش كضيف أينما ذهب؛ فانعكس هذا الإحساس على تعاملاته اليومية! فنراه مع الأسف يتعامل مع غيره بتردد وعدم ثقة بالنفس، من أجل الحفاظ على لقمة عيشه! أما اللبناني (أو السوري)، فيترك بلاده بروح المغامر الذي يعلم تماماً ما يجب تحقيقه، مترقباً ومستعداً لكل العقبات ولأية عواقب! ولأنه غير منقاد بالعواطف، هو مدرك تماماً أنه لن يعود إلى وطنه إلا للزيارة فقط! فاتسمت شخصيته بالثبات الاجتماعي والنفسي على الرغم من اتخاذ المخاطر! وهذا الاستقرار يدفعه دائماً نحو المثابرة لتحقيق ذاته وصعود سلم النجاح! فيحتل أكبر المناصب، أو يفتتح شركة خاصة فيصبح مالكاً أمر نفسه! ولهذا هو يستمتع بكل لحظة من حياته في الغربة! فيقوم بفرش بيته على أحدث طراز، ويهتم بمظهره وهندامه؛ بل ويتعامل مع من حوله بثقة بالغة وكرامة وشموخ! ولا يشعر بالخزي من أصله، بل ويفتخر ويرغمك على احترامه! على الرغم من عظمة وفخامة الحضارة الفرعونية، إلا أننا لم نرث منها غير الجانب الديني والغيبي فقط! فاهتمام الفراعنة الزائد بالدين وفكرة الخلود جعلتهم يبدعون في بناء المعابد والأهرامات، أكثر من المنشآت المدنية والرياضية الأخرى ولذلك لا نرى منها شيئاً اليوم!  وهذه هي مشكلة المصريين اليوم! انحصروا ما بين الدين والغيبيات فقط، فغدوا بلا طموح ولا إنجازات تذكر! لذا نعيش حاضرنا مهللين ومكتفين بإنجازات الماضي، غير مبالين بالمستقبل، (متواكلين) ظاهرياً على فيض الكريم سبحانه وتعالى، لكن بإيمان متزعزع، متشكك، يهاب غدر الظروف المضنية! فلا تتعجب عزيزي القارئ إن صار "القلقاس" يشعرني بعدم الأمان!