Taxation Through the Ages: From Ancient Rome to Modern Times ”عُد إلى ديارك”.. سخط في الشارع لتزايد أعداد السياح ثورة في عالم المجوهرات... صنع أول ماسة في العالم من الورد! الحكومة تأمر ”آبل” بإزالة تطبيقي واتساب وثريدز الإعلام يتوقف تماماً احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة النظارة الشمسية تتألق بتصميم ”عين القطة” بطرق بسيطة وفعالة.. كيف تتخلص من التوتر في العمل؟ ماسك الصبار للشعر لمزيد من الترطيب والنعومة الوقت الأكثر إرهاقا من اليوم وظيفة من المنزل بـ100 ألف دولار أول مسابقة لملكة جمال الذكاء الاصطناعي في العالم سر بكاء ام كلثوم في الأطلال

مينا ماهر يكتب: دردشة بالعربي الفصيح... رواية ”إلى متى تجوع الضباع؟” (5)

مقدمة: بدأت في كتابة هذه الرواية في مايو ٢٠١١ وانتهيت منها في نوفمبر ٢٠١١! تدور أحداث الرواية في أول ستة أيام من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، لذلك يجب أن تقرأ في السياق الزمني والسياسي المناسب لهذه الفترة!   في الحلقة السابقة: انضم المحاسب شريف جلال، خريج الجامعة الامريكية، الى حشود المتظاهرين أخيراً ونزحوا سوياً الى ميدان التحرير صباح عيد الشرطة ٢٠١١؛ بينما لم تؤثر وقفة الاحتجاج هذه في الجانب العشوائي من القاهرة، فلا زال جمعة وخميس أخوه منشغلَين بالانتقام من ابو دومه فتوة المنطقة!     

حلقة ٥: "حكم ملكي!"

بدى شريف وسط جموع المتظاھرين متوتراً، ومشتت الذھن، رغم ائتلافه ميدان التحرير بحكم تخرجه من الجامعة الأمريكية؛ و مع ھذا كان لايزال يردد معھم، ولكن بلا روح، الھتافات المختلفة مثل ”عيش، حرية، عدالة اجتماعية“، ”مصر مصر تحيا مصر“، ”الشعب يريد اسقاط النظام“، ”يا جمال قول لأبوك كل الشعب بيكرھوك“...وعلى غرار ذلك. قد حاول الاتصال بصديقه على مراراً كثيرة على محموله، ولكن بلا جدوى! فقد قطعت خدمة المحمول في ميدان التحرير وقتھا بأمر من وزارة الداخلية! كان شريف يشعر بالوحدة، رغم تواجده بين آلاف المتظاھرين؛ وكلما ازدادت الھتافات من حوله حماساً وسخونة، إزداد هو يأساً وفتوراً. لذا كان يبحث عن علي وسط تلك الجماھير الغفيرة للحصول على بعض من التعضيد المعنوي؛ ھو واثق من وجوده في مكان ما وسط هذا الزحام. ومن شدة توتره، بدأ يعيد النظر في حساباته مرة اخرى بناءً على الھتافات المختلفة التي يسمعھا فقال في نفسه: - انا ليه اشتركت في المظاھرة دي؟! ما احنا يا ما اعترضنا قبل كدة...كسبنا ايه؟ ولا حاجة؟.. وبعدين احنا أهدافنا ايه بالظبط!؟ عايزين فلوس، ولا نحس بكرامتنا، ولا نحقق ديموقراطية، ولا نسقط الحكم.. ولا ايه؟ انا نفسي ابتديت اتلخبط! خلاص...انا اتخنقت و حامشي! "ظھرت، في السنين الأخيرة، شائعات (مؤكدة) ان جمال مبارك، نجل الرئيس الفاسد حسني مبارك، سيتولى الحكم من بعد ابيه. من المعروف ان نظام توريث السلطة ھو نظام ملكي صرف، لا يطبق على النظام الجمهوري، مما يعكس بوضوح كم الفساد العلني الذي تعاني منه الدولة. وليس مصر فقط، فقد حدث نفس موقف التوريث في سوريا الشقيقة في أوائل القرن الحادي والعشرين، ولم يتم الاعتراض عليه من قبل المواطنين السوريين رغم منافاته للدستور! فھل تتكرر المأساة مع الشعب المصري؟  كانت مصر في القدم مملكة كبيرة، وكان يورث فيھا الحكم بشكل دستوري، ثم قام انقلاب ١٩٥٢ المعروف بثورة ٥٢ مندداً بالفساد والطبقية ومعلناً قيام الجمھورية. ومع مرور السنين تمكن منا الزمن، فعدنا نعاني من الطبقية والفساد بل وصرنا نتقبل مبدأ توريث السلطة ايضاً، تحت اسم الجمھورية! لذا وجب علينا تطھير البلاد من الخونة والفاسدين...لتعود لنا مصر نقية طاھرة.. ارحل ارحل مبارك ارحل." ھكذا ھتف أحد الثوار في الميكروفون وسط الميدان لمجموعة من الشباب الذي مر من بينھم شريف، فتوقف برهة متٔاملا الشباب وهو يردد بحماس "ارحل ارحل مبارك ارحل"، ثم ما لبث ان اكمل طريقه عبر الزحام مغادراً الميدان، الى ان اصطدم به شخص مسرع اطاحه ارضاً، فنظر نحوه شريف بغضب ثم قال مبتسما: - علي!

"خالد شبراوي"

لم يستغرق خالد وقتاً طويلاً ليقرر إلغاء وعده لأسرته بالتنزه في عطلة عيد الشرطة؛ فسرعان ما نزل لتشغيل سيارته استعداداً للذھاب، حتى شاھد وفود المتظاھرين الضخمة متجهة إلى ميدان التحرير والذي يقع في نهاية شارع طلعت حرب حيث يسكن، فعاد ادراجه الى شقته معلناً تغيير خطة الخروج لأسرته التي كادت ان تلحق به. وھكذا انتھى به الأمر بالجلوس ھو وزوجته متابعين الأحداث على التلفاز، بينما واصل ولداھما اللعب في الداخل! قد حصل خالد شبراوي على بكالوريوس الھندسة المعمارية من جامعة عين شمس عام ٢٠٠٠ م؛ يمتاز خالد بالنظام والرزانة بشكل عام؛ أب متفاھم وزوج مخلص، رغم انه - كٔاي رجل - لا يجد ضرراً في اختلاس بعض النظرات السريعة على الجميلات من حوله. أما زوجته فتتسم بروح رياضية، مع انھا حادة المزاج في بعض الأحيان. علاقتھما تتمتع بديناميكية صحية من جھة الصراحة والثقة، ومع ھذا لا يخلو الأمر من بعض الخلافات الزوجية الطبيعية، أو اختلاف في في أسلوب تربية الأطفال أو تقصير في إتباع سلوكيات وآداب المنزل. قد يقتنص الزوجان الفرص احياناً ليلعبا معاً بعض الألعاب المتوفرة على شبكة الإنترنت بعد نوم الأولاد، ويختمان سھرتھما بممارسة الحب وكأنهما يوثقان دليل استمتاعهما بالوقت الذي قضياه سوياً. ان ما كان يميز تلك المظاهرات عن غيرھا، ھو حدوثها في أكثر من محافظة من محافظات مصر في نفس التوقيت تقريباً. وعلى الرغم من وجود دليل على تنظيم موعد التظاھر، الا ان خالد كان يعتقد أن تنظيم ھدف التظاھر ھو الأكثر اھمية، فقال لزوجته وھما يتابعان الأخبار: - مشكلتنا اننا بنبص تحت رجلينا بس! عارفة يا نسرين، اراھنك ما حدش من دول عارف ھو عايز ايه؟ - ليه بتقول كدة؟ ما ھو واضح انھم متفقين! - وماله...! بس مصر للأسف بقى فيھا اكتر من تيار سياسي وديني واخلاقي كمان! لو فرضنا ان كل الثوار منتميين لفكر واحد، يبقى الحكاية فيھا إنَّ...انما لو كانوا بيؤمنوا باكتر من فكر...فلو اتفقوا النھاردة...بكرة حايقطعوا بعض! وما ان انھى عبارته حتى صرخت نسرين زوجته فجٔاة وھي تتابع الأخبار: - يا خبر اسود! الحق يا خالد.  

"يوسف عطاالله جرجس"

 أصبح من النادر جدا مؤخراً أن يرتبط شخص ما ببنت جيرانه! كنا نرى العديد من هذه الأمثلة في الماضي، حين كانت الجيرة عزيزة؛ فكان الجار يحتل المرتبة الثانية بعد القريب، إن لم تكن الأولى. اما الآن فمع تزايد تعداد السكان، وتفاقم ٔازمة الإسكان، أصبحت العمارات تجمع نماذجاً مختلفة من التركيبات السكانية، والتي لا تستطيع التعايش معاً مطلقاً الا اذا اقتصرت تعاملاتھم اليومية على السلامات فقط؛ و في معظم الأحيان يفضل انعدام السلامات ايضاً. أما الحال مع يوسف عطا الله جرجس، الشھير بـ"چو"، فمختلف تماماً! فقد أعجب چو ببنت جيرانه "انچي" حين جاوروهم في عمارتھم في شبرا منذ ١٠ سنوات مضت؛ ولكونھم أقباطا من نفس المستوى الإجتماعي، تم تعارف العائلتين بسرعة؛ بدأت علاقتھما بشكل رسمي عندما سعى چو في محاولة توظيف انچي في احدى شركات الإتصالات اللاسلكية في قسم خدمة المستهلك، حيث كان يعمل هو الآخر كمطور لقائمة البيانات لنفس الشركة، و قد تم تعينھا فعلاً؛ و كان يقوم بتوصيلھا في النھار والمساء يومياً، بعلم الأھالي بالطبع. فتطورت العلاقة تدريجياً من مجرد جيرة الى صداقة، ثم إلى مشاعر عاطفية. وكانت العائلتين مباركتين للفكرة ومشجعتين لھا، فتمت خطبتھما منذ حوالي عام ونصف، واتفقا على موعد اكليلھما في صيف ٢٠١١. طبقاً للموسوعة العالمية "ويكيبيديا"، كلمة أقباط أو قبط مشتقة من الاسم اللاتيني لمصر Aegyptus؛ ولذا مصر تدعى Egypt بالانجليزية! وهذا يدل تاريخياً ان كلمة أقباط تعني ببساطة أهل مصر، أي المصريين؛ كان معظم سكان مصر، قبل الفتوحات الإسلامية، يدينون بالمسيحية! ومع مرور السنين، أشهرت الاغلبية اسلامها، واقتصر اجتماعيا لقب الأقباط على الاقلية المصرية المسيحية. وكأي اقلية مرئية، ھم يعانون من ضغوط نفسية وسياسية واجتماعية شتى، تنعكس على ردود افعالھم للظروف المحيطة. قد يُنظر لهم كسلبيين احياناً، أو متزمتين من وجھة نظر اخرى، او خونة استناداً لبعض الآراء...الخ! لكن في الواقع، قد تتباين آراء الأقباط انفسھم، في السياسة والاقتصاد وخلافه، ولكن اتفق الكل على مرجعية الكنيسة وصحة الكتاب المقدس. ورغم تآخي كل من المسلمين والمسيحيين على مدار العصور في مصر، إلا أن ھناك منطقة شائكة تسبب عائقاً كبيرا بينھما، الا وھي  "الدين!" ومع اختلاف طبيعة مناخ البيت المسيحي عن نظيره المسلم كما ذكرنا، لم يختلف حال المنزل المصري المسيحي عن غيره من البيوت المصرية في التمركز حول التلفاز لمتابعة الأخبار في يوم عيد الشرطة عام ٢٠١١؛ اجتمع أھل چو واصھاره يشاھدون ما يجري في غاية التركيز والاهتمام. فقال والد انچي باعتزاز وحماس معلقاً على شباب مصر الثائر: - صدقوني جدعان!! على الله بس يكملوا. رد عليه چو: - يكملوا ايه يا عمي؟ واحنا حيكون مصيرنا ايه؟ - مصيرنا كٔاقباط يعني؟ - آه طبعا كاقباط! - طب ھو يعني سي حسني كان حامينا كاقباط قوي بسلامته، اديك شفت الكنايس واللي بيحصل فيھا وسيادته لسه في الحكم. - اديك انت قولتھا، تفتكر بعد ما يمشي بقى حيحصل ايه؟ أصل كل اللي بيحصل لنا لغاية دلوقتي دا لسة تحت السيطرة...! عربون محبة يعني! - يعني ايه عربون محبة؟ تدخل والد چو في الحوار فقال: - يوسف عايز يقولك، ان الحكومة بتسمح من وقت للتاني بتفجيرات الكنايس وقتل الأقباط، عشان ترضي الجماعات اللي بتحاول توصل للحكم. وبالتالي تفضل الحكومة في السلطة! انزعج صھره جداً وقال: - طيب يعني الحكومة فاسدة، وعاملانا دروع بشرية، أحب فيھا ايه دي بقى؟  اجابه چو موضحاً: - ما حدش قال نحبھا، إنما الأيام دي، كل اللي بيحصل حوالينا، يدل على وجود اتجاه ديني معين ما بينصفش غير نفسه. فللأسف ما بقاش عندي خيار غير انى اقبل ان يحكمني واحد يحطني كدرع بشري من وقت للتاني، ولا يحكمني واحد غيره، ربنا يعلم منين، ويخلص عليا انا وكل اھلي دفعة واحدة! "عيد الشرطة"  منذ حوالي ستين عامٍ، رفض رجال الشرطة المصرية ٕاخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية لقوات الإحتلال الإنجليزي انذاك، فاندلعت النيران بين الفرقتين، وراح ضحيتھا حوالي خمسون شھيداً من الشرطة! وتشييداً لھذه الموقعة، تم تحديد ٢٥ يناير كعيد للشرطة نحتفل فيه ببسالة رجال الشرطة وصمودھم امام العدو، حين كان وقتھا العدو واضحاً و ٔاجنبياً، فھل يا ترى قد اختلف أعداء الشرطة حالياً عن ستين عام مضى؟ ھل اختلط علينا الأمر الآن فما عدنا نفرق بين العدو والحبيب؟  قد يعجز اللسان على إجابة تلك الأسئلة بعدما حاول الثوار في ٢٥ يناير٢٠١١ اختراق الحاجز الأمني في ميدان التحرير مما أدى الى اندلاع حالة عنف شديد بينھم وبين الأمن؛ وفابتدأ الضرب بالعصي من قبل قوات الأمن والرد عليه بالحجارة من جھة المتظاھرين، واستخدم الأمن المركزي القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لفض التجمھر! انعدمت الرٔوية مٔوقتاً لدى بعض المتظاھرين، وانفرط بعض منهم في سعال ھستيري، وما لبث ان جرح بعض آخر وتشتت كثيرون؛ ثم قامت الشرطة بعدها بإعلان حالة الطوارئ واعتقلت العديد من الثوار؛ أما البقية فاستمرت تشجب وتھاجم وتواصل الاعتصام في الميدان بصمود!  وھكذا في يوم عيد الشرطة ٢٠١١ انتزع التاريخ عصراً كانت الشرطة فيه تخدم الوطن والشعب بكل اخلاص، وأسدل محله مشهداً تقاتلت فيه بوحشية نفس الشرطة مع أبناء وطنھا!  

يتبع في الحلقة التالية من العدد القادم!