Taxation Through the Ages: From Ancient Rome to Modern Times ”عُد إلى ديارك”.. سخط في الشارع لتزايد أعداد السياح ثورة في عالم المجوهرات... صنع أول ماسة في العالم من الورد! الحكومة تأمر ”آبل” بإزالة تطبيقي واتساب وثريدز الإعلام يتوقف تماماً احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة النظارة الشمسية تتألق بتصميم ”عين القطة” بطرق بسيطة وفعالة.. كيف تتخلص من التوتر في العمل؟ ماسك الصبار للشعر لمزيد من الترطيب والنعومة الوقت الأكثر إرهاقا من اليوم وظيفة من المنزل بـ100 ألف دولار أول مسابقة لملكة جمال الذكاء الاصطناعي في العالم سر بكاء ام كلثوم في الأطلال

زينب علي البحراني تكتب: الغباء الاصطناعي ومصير البشريَّة

ينطلق العلم بتقديم ابتكاراته واكتشافاته على أمل أن تؤدي دورًا فاعِلاً في خدمة البشريَّة، فتأتي الرأسمالية لاختطافها وتجنيدها لمصالحها التي تعتبر الكائن البشري مُجرد وسيلة يجب استغلالها لتحقيق أهدافها، يبدأ تجنيد هذا الاختطاف في بدايته خفيًا؛ ثم يظهر للعلن بصورةٍ تدريجيَّة يتم خلالها غسل أدمغة الناس بالأوهام وإقناعهم أن ما يحدث يستهدف الصالح العام وراحة البشرية! ولعل من أبرز الابتكارات المُعاصرة التي يتم العمل على تحويلها إلى وحش يفترس مُستقبل البشر ما يُسمى "الذكاء الاصطناعي".

انطلق "الذكاء الاصطناعي" انطلاقته الأولى من أبواب العلم الطامح لتحرير البشر من أغلال العَناء في بعض المهام وتقليل جهودهم لعلَّه يكون خادمًا مُخلِصًا لهم؛ وإذا بالرأسمالية تختطف هذا المُنجز العظيم وتُعيد كتابة دوره في الحياة ليستعبد البشر ويُساهم في التقليل من قيمتهم شيئًا فشيئًا. بدأت مراحل هذا الاستعباد تتجلى بحرمان بعض كبار السن أو غير المُتعلمين من فُرصهم في الوصول إلى بعض خدمات القطاعات العامة إلا من خلال تطبيقات "الغباء الاصطناعي" التي لا يستطيعون التعامل معها، لا سيما في تلك البلدان التي لا تُراعي الفوارق بين الأجيال وبين القدرات المعرفية للبشر، ثم بدأ هذا الغباء يستلل شيئًا فشيئًا إلى تفاصيل دقيقة؛ منها التقاط صورهم في الشوارع بهدف تحديد أماكن تواجدهم، والتجسس على خط سيرهم اليومي عبر هواتفهم المحمولة، وإجبار موظفي بعض القطاعات على الرضوخ لما تُمليه تطبيقات الغباء الصناعي في عملهم بصورة تُضاعف عليهم اعباء العمل ووقته بدل تقليله، وتحولهم إلى "عبيد" لهذا "الغباء" الذي يُرسل تقاريره التجسسية الإلكترونية للإدارات العُليا فيشعر الموظف أنه مُحاصر في سجنٍ يسجِّل أنفاسه طوال الوقت بدءً من لحظة تسجيل الدخول تلقائيًا بمجرد اجتيازه باب جهة العمل عبر الغباء الصناعي لهاتفه المحمول، وصولاً إلى تسجيل الخروج تلقائيًا بخروجه من الباب ذاته! واقعٌ مُرعبٌ يستلب حُريَّة الإنسان ويركض حثيثًا في تنفيذ المُخطط العالمي للتقليل من عدد البشر وصولاً إلى ما يسمى "المليار الذهبي"، واستبدال أولئك البشر الذين يتم القضاء عليهم بالمياه والأغذية الملوثة والأدوية السامَّة واللقاحات المميتة بالروبوتات.

من الذين سيتم استبدالهم؟ بالتأكيد ليس الأثرياء ولا نُخب المُجتمعات العُليا في العالم، بل ابناء الطبقة المسحوقة والطبقات المتوسطة المُنبثقة عن طبقة مسحوقة تمكنت من الصعود درجة بسبب فُرص التعليم المجَّاني، وإذا كُنتَ رجُلاً ذكيًا تجاوز الخمسين من عُمره ولك ابناء لن يكون من الصعب عليك مُلاحظة الفرق بين الماضي والحاضر، وكيف أن ابناءك اليوم وأقرانهم لم يعُد بإمكانهم تحقيق ما تمكن ابناء جيلك من تحقيقه عن طريق التعليم والاجتهاد في العمل ومحاولات البروز في المُجتمع عن طريق التمسك بطريق الثقافة والإبداع.

اليوم يتم التعامل مع الجميع باعتبارهم "أرقام"، والخريجون الجامعيون مُجرد "فوائض عن الحاجة"، وهي أزمةٌ ستتضخم مُستقبلاً عندما يحلُّ الغباء الاصطناعي مكان مُعظم الوظائف التي يعتبرها ابناء الطبقة المتوسطة اليوم "مرموقة" وتنقلهم من "حالٍ إلى حال"، وعلى رأسها مهنة الطب الذي مازال الناس يتهالكون عليها رغم أن واقع خريجيها يُنذر ببطالة لا شك فيها لأي طالبٍ جديد! 

لقد تمت تهيئة الغباء الصناعي لا لمساعدة الأطباء وحسب؛ بل لإزاحة معظمهم من خريطة المهنة، إذ تمت تجربته في تشخيص الأمراض، ووصف الأدوية، والتقاط الأشعة وقراءتها، وإجراء العمليات الجراحية، وفي كُل الحالات كان يتفوق على الطبيب البشري بصورة تجعل من احتلاله مكانه أمرًا مُتوقعًا.

وعلى صعيدٍ آخر لن يعود العالم بحاجةٍ إلى سائقين مادامت السيارة التي تقود نفسها بنفسها عن طريق تقنيات الغباء الاصطناعي تم اختراعها فعليًا، ولا إلى طباخين في المطاعم بعد اختراع الروبوت الطباخ، ولا لمن يأخذون طلبات زبائن تلك المطاعم بعد اختراع الروبوت النادِل، ولا إلى عُمال نظافة بعد اختراع الروبوت الخادِم.

الأخطاء البرمجيَّة الطفيفة مسألة وقت، والتكاليف المُرتفعة أيضًا أمام مسألة وقت لانخفاضها، عندها هل هُناك شركة ستقبل توظيف كائن بشري يطلب أجرًا شهريًا، وإجازات سنوية، وربما إجازات مرضيَّة، بينما يستطيع الغباء الصناعي تحميل مناهج السنوات الجامعية كاملة لأي تخصص، والعمل 24 ساعة دون أن يتعب أو يمرض أو يُطالب براتب أي أي مما يتعبره البشر حقوقًا؟!