إن فسد الملح

الملح من العناصر المهمة في حياة الكائنات الحية، فهو ليس فقط يعطي مذاق طيب للطعام لكنه أيضا يستخدم كمادة مطهرة، كما في حزقيال 16: 4 يقول الرب الإله لشعبه: "أما ميلادك يوم ولدت فلم تقطع سرتك ولم تغسلي بالماء للتنظف ولم تملحي تمليحا ولم تقمطي تقميطا".
فعضلات وأعصاب الكائن الحي تحتاج يوميا إلى جرعة من كلوريد الصوديوم أو ملح الطعام. الحيوانات تحتاج من أن لأخر إلى لعق الملح لتعويض نقص الصوديوم في أجسادهم ويمص الماء الزائد إلى الخارج. كما ذكر النبي اشعياء في 30: 24 "إن الأبقار والحمير التي تعمل الأرض تأكل علفا مملحا مذرى بالمنسف والمذراة".
كذلك يستخدم أيضا في تذويب الجليد، ودباغة الجلود حيث يقضي على بكتريا التعفن والتحلل، كما يستخدم في صناعة الصبغات والبلاستك والورق والصابون، وتنظيف الأسنان، بجانب إن المهاتما غاندي استخدمه كسلاح ضد الاحتلال الانجليزي من خلال تبخير ماء البحر وبيعه للناس مما أنعش اقتصاد الهند آنذاك. كما ينتشر في عاداتنا الشرقية القول: عيش وملح؛ مما يعني الإخوة وإقامة العهد.
استخدمه الفراعنة في التحنيط كذلك في حفظ الأطعمة. كما ايضا يستخدم في تنظيف المنزل من السيراميك إلى تنظيف النحاس .... الخ. كما يلعب دورا هاما في العبادة اليهودية وتوراة موسي التي كتبها وقت جلسته مع الرب الإله وعلمها بدوره للكهنة قائلا: "وكل قربان من تقادمك بالملح تملحه ولا تخل تقدمتك من ملح عهد إلهك. على جميع قرابينك تقرب ملحا" (لاويين 2: 13).
جميع رفائع الأقداس التي يرفعها بنو إسرائيل للرب اعطيتها لك ولبنيك وبناتك معك حقا دهريا. ميثاق ملح دهريا أمام الرب لك ولزرعك معك (عدد 18: 19). وما يحتاجون إليه من الثيران والكباش والخراف محرقة لإله السماء وحنطة وملح وخمر وزيت حسب قول الكهنة الذين في أورشليم لتعط لهم يوما فيوما حتى لا يهدئوا (عزرا 6: 9) إلى مئة وزنة من الفضة ومئة كر من الحنطة ومئة بث من الخمر ومئة بث من الزيت والملح من دون تقييد (عز 7: 22).
قصة زوجة لوط حيث حوِّلت إلى عمود ملح عندما التفتت إلى قريتي سدوم وعمورة عند تدميرهما (تكوين19: 26). كما استخدمه الملك ابيمالك في تدمير مدينة في سفر القضاة (9: 45) وحارب ابيمالك المدينة كل ذلك اليوم واخذ المدينة وقتل الشعب الذي بها وهدم المدينة وزرعها ملحا. أما اليشع صرخ إليه الناس قائلين الماء مر. فقال ايتوني بصحن جديد وضعوا فيه ملحا فأتوه به. فخرج إلى نبع الماء وطرح فيه الملح وقال هكذا قال الرب قد ابرات هذه المياه لا يكون فيها أيضا موت ولا جدب (2 ملوك 2: 20، 21).
مما سبق سرده وجدنا أهمية الملح ودوره في حياتنا. وهذا ما ذكره الرب يسوع المسيح عندما سأل من حوله في (متي 5: 13) أنتم ملح الأرض ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يطرح خارجا ويداس من الناس.
أي نوع من الملح انت؟ ويذكرنا الرسول قائلا: ليكن كلامكم كل حين بنعمة، مصلحا بملح، لتعلموا كيف يجب ان تجاوبوا كل واحد (كولوسي 4: 6). فالملح الفاسد هو الذي فقد الهدف منه اي ملوحته والتفاعل الكيمائي الذي يحفظ الأطعمة فيسمح الفاسد بتزايد البكتريا وبالتالي الطعام الذي يطرح خارجا في القمامة فيداس من الناس. فإن كانت أفكارنا وأقوالنا ممزوجة بلعنة ومرار أي نوع ملح يخرج منها. يساعدنا الرب أن نكون ملح للأرض.