٢٠٠ صاروخ إيراني... والقتيل ”فلسطيني” ! تقارب بين ترامب وهاريس قبل شهر من انتخابات 5 نوفمبر القادم ”روبرتو باچيو” الرجل الذي مات واقفا ... دون داعي!‎ كما تتفاقم الأخطاء…كذلك أيضا تتوفر الفرص! اضطراب التسوق القهري... ”إدمان التسوق ” كبار السن.. بين الجنون والتقديس! ”تيتا زوزو”... وحلم الهروب من الجامعة من الخاسر في معركة لبنان‎؟! وصباح الخير يا سينا!! الخروج من القمقم أحد لم يفقد ”وتعرفون الحق...والحق يحرركم” (أنجيل يوحنا ٣٢:٨)

«الإصلاح الكنسي».. من أين نبدأ؟

تمر كنيستنا القبطية العريقة صاحبة الجذور الراسخة والتاريخ العريق، بظروف ضبابية، لم تعرف لها مثيل على مر العصور والأزمنة.
تعرضت الكنيسة خلال السنوات الأخيرة لعدت كوارث مزمنة، لتدق ناقوس خطر، يهدد بزول واندثار أقدم تجمع مسيحيي عرفه العالم،
ولن أذكر هنا في كلماتي البسيطة الإنحرافات المالية والإدارية التي يعجز القلم عن حصرها، فهي منتشرة في كل أبرشية، وكل كنيسة في مصر أو بلاد المهجر أو أفريقيا،
ولكنني أريد أن أتطرق لموضوع مختلف تماماً فالفساد المالي والإداري أهون بكثير، مما وصل إليه وضع الكنيسة المزري، الذي عَلاَ عَلَى السَطْحِ بعد حادث تسمم كاهن كنيسة الحواتكة القس دانيال،
وكنت أراه أنه حادث عارض، ولكني اعترف أنه كان بداية فترة قاسية لا نعلم متي تنتهي غير الله وحده.
ثم توالت الأحداث بعد ذلك، مقتل كاهن برصاص حارس داخل كنيسة شبرا الخيمة، فنحر الأنبا ابيفانيوس، أسقف ورئيس دير الأنبا مقار، علي يد بعض رهبان الدير، وكانت الفاجعة الأضخم عندما وقعت المذبحة الكبري عندما قام طالب رهبنة بذبح ثلاثة رهبان في مجزرة جماعية بأحد الأديرة القبطية بجنوب أفريقيا،
ومجمل الشواهد تؤكد أن الأسوأ لم يأت بعد، في ظل تصدع البناء الإداري للكنيسة.
وأعتقد أن جريمة دير جنوب أفريقيا، هي فرصة أخيرة للإصلاح الكنسي الحقيقي، دُونَ مُخَادَعَةٍ أو مُوَارَبَةٌ، للالتفاف على الأزمة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من يقوم بـ«الإصلاح الكنسي.. ومن أين نبدأ؟»، في ظل حالة الإنحدار والانحطاط الفكري والثقافي والإداري والرعوي والكنسي الذي أصبح واقع مؤلم نعيش فيه.
الإصلاح الديني أو الكنسي، ليس بالمهمة العسيرة، بشرط وجود إرداة حقيقة للإصلاح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان،
وكلي ثقة ويقين أن من وسط الظلام يظهر النور، من وسط الخراب يأتي التعمير، ومن وسط اليأس، يشرق الأمل.
أعتقد أننا بحاجة لإصلاح كبير حتي نلحق بالكنائس العالمية، إصلاح يبدأ من تعديل الخطاب والتعليم الديني، وخلق جيل واعظ قوي، متعلم لديه القدرة التفكير والنقد، وإصلاح لنظام الأصوام ومدته ومواعيده وأوقاته،
فغالبية الأصوام لم تعرفها الكنيسة إلا في العصور المتأخرة والوسطي الظلامية.
نحتاج إلي وقفة حقيقة لشكل الرهبنة الحالي، بلا شك أن الرهبنة فكرة نبيلة فهي العمود الفقري لكنيستنا، ولكنها تحتاج إلى تعديل جوهري وكبير،
لاسيما أن أخر تحديث لها كان منذ عقود طويلة، نحتاج لفتح مساحات أكبر لدور للعلمانيين.
كما نحتاج إلى قانون يضع قواعد محددة وواضحة لمحاسبة رجال الدين فهم بشر يخطؤون ويصيبون، والتاريخ ملئ ببطاركة تم عزلهم كـ«نسطور بطريرك القسطنطينية»،
ووضع نظام وقواعد للتقاعد للأساقفة والأباء البطاركة، عند العجز عند القيام بالمهام الرعوية، أو حتي التقدم بالعمر.
ولكن السؤال الصعب، من قادر علي الإصلاح، في ظل حالة الانحطاط الفكري والثقافي؟!.
أظن أن هناك بعض الأساقفة، في بلاد المهجر، الذين اندمجوا في المجتمعات الغربية الحضارية التي قطعت أشواط طويلة في التمدن والحداثة، ولقوا قسط وافر من التعليم والدراسة في المجتمعات المتقدمة والمتطورة والرائدة،
هذا مع ضرورة الاستعانة ببعض الشخصيات القبطية صاحبة العلم والفكر والخبرات الوفيرة، فنستطيع دمج كل هذه المكونات وتشكيل لجنة تكون مهمتها وضع نظام إداري وقانوني وكنسي قابل للطبيق علي أرض الواقع، ينهض بكنيستنا، ويعدها إلى سابق مجدها، في قيادة الكنائس العالمية.
ولكن السؤال المهم هل البابا تواضروس الثاني قادر علي إتخاذ هذا القرار الشجاع؟،
لا أعلم ماذا يدور في عقل الجالس علي الكرسي المرقسي، ولكنني مدرك بأن البابا أصبح أمامه فرصة ذهبية ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه،
ويكون بابا التنوير والإصلاح، أو يكون أخر بابا للكنيسة الواحدة قبل الانقسام والانشقاق، لاسيما مع توسع الكنيسة وإنطلاقها نحو العالمية، وضمها للعديد من الأفكار والثقافات المختلفة، التي لن تقبل هذه الأوضاع.