
كسابقة لم تتحقق لفيلم مصري من قبل، وصل الفيلم المصري الوثائقي الطويل (102 دقيقة) "الميدان ....... - The Square"
للمخرجة المصرية الأمريكية الشابة چيهان نجيم إلى المرحلة النهائية في ترشيحات جوائز الأوسكار (مارس 2014) لأحسن فيلم وثائقي.
كانت النسخة الأولى للفيلم قد حصلت من قبل، على الجائزة الأولى لمهرجان تورنتو السينمائي، كما حصلت نسخته الأخيرة على جائزة أفضل فيلم من الرابطة الدولية للأفلام الوثائقية.
و قد أثار الفيلم إهتمام المشاهدين و النقاد و تباينت أراؤهم في تقييمه تباينًا كبيرًا، فبينما ذهب البعض إلى أن الفيلم يعتبر من أفضل الأفلام الوثائقية التي صنعت عن الثورة المصرية و أشادوا بما وصفوه به من موضوعية وحياد، رأى البعض أن الفيلم "إستشراقي" و أنه يغازل الغرب و يستهدف تقديره و جوائزه.
و يبدو أن التوتر الناتج عن سوء الأوضاع الأمنية بمصر جعل من عرض الفيلم لمشاهد بعض الممارسات القمعية أثناء حكم المجلس العسكري في أحداث محمد محمود وماسبيرو، أمرًا مثيرًا للريبة و مسيئًا للقوات المسلحة في نظر بعض المشاهدين كما رأى البعض أيضًا أن الفيلم كان متسامحًا أكثر مما يجب في الطريقة التي قدم بها الشاب المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
يعرض الفيلم من خلال يوميات مجموعة من الشباب الذين ينتمون لتيارات و طبقات مختلفة، أبرز الأحداث التي شهدتها مصر منذ خلع مبارك وحتى عزل مرسي.
هناك ثلاث شخصيات محورية و عدد من الشخصيات الأخرى أقل بروزًا، تقدم مخرجة الفيلم من خلال يومياتهم رؤيتها في أسلوب أراه متسمًا بكثير من التوازن و عدم التورط في الإفتعال أو المبالغة في إثارة العواطف أو الحماس.
أول هذه الشخصيات هي لأحمد حسن، الشاب البسيط ابن الطبقة الفقيرة الذي شارك في الثورة دون ثقافة سياسية مسبقة و الذي يرفض نظام مبارك و جماعة الإخوان كما يرفض الحكم العسكري، إنه يحلم فقط بأن يرى في مصر نظاما يحقق العدالة الاجتماعية ويحترم الإنسان الفرد، لا مكان فيه للفساد والمفسدين، انه الثوري الطوباوي الذي يرى أن كل ما يحدث ما هو إلا مجرد مراحل سيعقبها مزيد من الموجات الثورية المتتالية إلى أن تتحقق أهداف الثورة.
الشخصية المحورية الثانية هي لخالد عبد الله الذي يحترف التمثيل و القادم للمشاركة في أحداث الثورة من مجتمع مفتوح ديمقراطي عريق حيث انه ينتمي لأسرة يسارية تاريخيا و ابن للطبيب المصري اليساري حسام عبد الله المقيم في بريطانيا .
أما الثالثة فهي لمجدي عاشور، الشاب الإخواني الذي يبدو أحيانًا مترددًا و أحيانًا غاضبًا على قيادات الجماعة لتخليهم عن الثورة ومبادئها من أجل السلطة، و الذي لا يرضى عن توجيه الاتهامات إلى زملائه من رفاق الميدان على اختلاف فرقهم ويرفض اعتقالهم.
و إذا كان من طبيعة الأفلام الوثائقية أن تعبر بالإنتقاء فأعتقد إن إنتقاءات المخرجة الشابة قد كونت عملًا يتسم بالإعتدال و التوازن، كما أعتقد انه إذا كان يجوز لمن يصنفون الفيلم سياسيًا أن يختلفوا حوله، نظرًا لأجواء الارتباك والتخبط، فإن التركيز على الجانب الإنساني فيه قد يساعد على شيئ من التطهر من أدران السياسة و التعالي على تحزباتها المقيتة.