نسرين جمعة تكتب: هجرة رغم أنفك ” عن أبناء المهاجرين أتحدث”

بما إنى من عشاق الحرية و من داعمى الديمقراطية الأسرية , رغم أحيانا أكون ديكتاتورية حسب متطلبات الوضع الأسرى , إلا إنى أمعنت فى التفكير فى أولاد المهاجرين كثيرا , هؤلاء الأبناء سواء كانوا مولودين قبل الهجرة أو بعدها لم يشاركوا فى قرار الهجرة الذى اتخذه الوالدين , مترتب على هذا الأمر تبعات مختلفة , حاولت انى أكون مكانهم , أكيد الأمر له رهبة ما , لكن حب المغامرة و الاستكشاف فى الطفولة و المراهقة عالية و الاحساس بالخطر منخفض , بالتالى الأمر بيكون مسليا , مع بعض اغراءات الوالدين لمستوى معيشى أفضل و فى عصرنا هذا لمستوى تكنولوجى أكثر تطورا , لكن من الجانب النفسى وهذا ما أود أن نفكر سويا فيه , هناك تغيير فى البيئة من كل جوانبها سواء المدرسة , و أهم شئ لهم الأصدقاء و زملاء الدراسة , الجيران , من سيكون الصديق؟ هل سيتآلف معه , كيف سيواجهون هذا المجتمع الغريب عليهم و هم غرباء؟
الأمر الآخر أننا نهاجر بكل مافينا من أفكار و عادات و معتقدات , قطعا أبنائنا يكونون بنفس الحالة دون اختيار منهم , أى أننا نحملهم مالدينا دون ادراك واضح , و الأصعب هو الاصرار على عدم التخلص منها سواء ايجابية أو سلبية , مما يزيد الأمر صعوبة على الوالدين و أبنائهم , هنا تظهر مشكلة الاحساس بالغربة و التى تؤدى لعنف أحيانا , أو إن لم تظهر على السطح يكون التجاهل و يتراكم الاحساس بالغربة .
ما أسرده ليس بالضرورة للتعميم , و لا هى قاعدة , هو مجرد تفكير بالأمر , هى دعوة لنفكر سويا , فالهجرة قطعا سببها الرئيسى ايجاد حياة أفضل لنا و لأولادنا , و نظرا لتطورات كثيرة تحدث فى العالم الذى أصبح مكشوف لكثير من الشعوب بواسطة الانترنت , علينا تأهيل و اعداد أنفسنا و أولادنا قبل حزم حقائبنا بل قبل تحضير أوراقنا , و لفكرة الأوراق التى ملأت حياتنا مقالة أخرى , فالهجرة فكرة و حلم للبعض , كى يتحقق بشكل أفضل فلنأخذه بعمق انسانى .
أود أن أوجه شكرى لمن ألهمنى بهذه المقالة و دعانى للتفكير بالأمر رغم أنى لم أتعرض لتجربة الهجرة , ابنتى التى طلبت أن أكتب عن هذه القضية و أطرحها للمناقشة و صديقى المهندس ابرام مقار , حين تجاذبنا أطراف الحديث عن الأولاد المهاجرين الجدد و انفعالاتهم ,
ظللت أفكر فيهم منذ ذلك الحين .
فلنكن أبناء الإنسانية و الحب من السماء للأرض , و لنقدر العطاءات التى منحت من الخالق للبشر جميعا , ستكون حياتنا و حياة أولادنا أفضل فى أى بقعة من الأرض.
نسرين جمعة