ميلاد ميكائيل مرشح المحافظين الفيدرالي عن مسيسوجا – إرين ميلز.. وحديث مع ”جود نيوز” هل نضب ”المعين”؟ ” لو كنتَ ههنا لَم يمُت أخي“... لماذا تأخر الرب؟ الحوار الذي لم يُنشر عن ما حدث في تورونتو ”محمد صلاح” الدماغ قبل القدم ما بين زيارة مجلس الأعمال المصري الكندي ... والانتخابات البرلمانية الكندية 28 أبريل الزواج في مُجتمعاتنا العربيَّة.. إلى أين؟ ايها الاقباط اما الأن او سنندم هل للمرنمات dress code معين؟! شهادة الوفاة تصدر الآن‎ ثقيلة هي ثياب الحملان! (قصة قصيرة) (7) هل فعلا ابتهال أبو السعد ب 100 راجل!!

يحيي عواره يكتب: تواطؤ أولاد الحلال

  كان موسم كساد في أسواق المدينة.. عدت ذات يوم إلى داري مبكرًا.. وتركتُ أخي الأصغرَ يشرفُ على العمل بالخان الذي امتلكه وأديره بحي الحدادين. بعد أن اغتسلتُ وأكلت لقمة، انفردت بنفسي مع نارجيلتي تحت السنطة الوحيدة بفناء الدار. كعادتها، أعدت لي زوجتي شايًا، وضعتْ الصينية النحاسية على الدكة بجانبي، وأخبرتني أن الست لطيفة أتت للزيارة، وأنها ترغب في مقابلتي. استغربت.. ولم أزد عن أن أطلب من زوجتي أن تبلغ لطيفة انني رهن اشارتها. ولطيفة هي زوجة أقرب أصدقائي أمين السيوفي.. نشأتُ أنا وهو في نفس الحي، وترددنا على نفس الكُتَّاب..وارتدنا معًا نفس المقاهي والموالد وأماكن السمر، وتزاملنا في العمل بخان أبيه الذي تعلمنا علي يديه صنعةَ الحدادة وأتقنَّا فنونَها. نحيت النارجيلة جانبًا، وأنا أحاول تخمين سبب سعي لطيفة للقائي.. أخرجني وصولها مع زوجتي من أفكاري.. فوقفت ورحبت بها، وانسحبت زوجتي إلى داخل الدار بحجة اعداد قهوة.. وجدتها متحرجة فشجعتها ببعض عبارات المودة التي تناسب المقام. بعد أن اعتذرت لطيفة عن ازعاجي، قالت أن زوجها عاد من سلطنة (أبولاي) فجأة، وأنه منذ وصل من عدة أيام، لا يكلم أحدًا ولا يأكل إلا لمامًا، وانه يبدو مهمومًا بشكل لم تره عليه من قبل.. وعدتها خيرًا، فسلمت واستأذنت وأنصرفت شاكرة. منذ عدة شهور أخبرني إمين أنه قرر السفر إلى سلطنة (أبولاي) طلبًا للرزق والعلم، وقد حاولت وقتها أن أثنيه عن عزمه ولكنه أصر، فقد كان محبًا للقراءة شغوفًا بمعرفة كل جديد في صناعات تشكيل المعادن، وكانت هذه السلطنة، التي تبعد عن ولايتنا مسيرة أسبوعين بقوافل الجمال، معروفة بالغنى والتقدم في الصناعات، وبكتبخانتها الشهيرة. في اليوم التالي لزيارة لطيفة، عَرَّجت على بيت أمين السيوفي، أخبرته أنني فوجئت بخبر عودته الذي علمتُ به من بعض الجيران، واستطعت أن أقنعه بالخروج معي إلى مكان هادئ على شط الخليج، جلسنا وسألته، فحكى.. قال: "بعد وصولي إلى أكبر مدن (أبولاي) وتدبير اقامتي، بدأت في تأمل ما حولي، وجدت شعب السلطنة ينعم برغد عيش يندر أن يكون له مثيل، وأنهم على قدر كبير من المسالمة والبراءة، وينظرون إلى سلطانهم المسن باحترام يشبه التقديس، فهو سليل أسرة حكمت البلاد على مدى قرون. قضيت وقتي بين التردد على حي الحدادين وزيارة الكتبخانة العامرة، فاسترحت لقدومي إلى هذا البلد السعيد. كنت لم أقضِ بالسلطنة أكثر من شهرين، عندما نادى منادٍ بأن السلطانَ أمر بصنع بساط لقاعة عرشه يكون تحفة لا مثيل لها، وأن كل ما سيطلبه صانع هذا البساط من أموال أو خامات سيلبى، وأنه سيحصل على مكافأة تضمن رغدَ العيش له ولأحفاده من بعده إذا نجح، أما أذا فشل فسيدفع غرامة باهظة، وسينفي بلاعودة. مرت عدة أيام من الترقب العام، قبل أن يتقدم شاب اسمه شيڤا إلى ديوان القصر معلنًا استعداده للقيام بالمهمة، أعلن أنه سيقوم بكل العمل بنفسه منفردًا، وطلب كمًا وفيرًا من المجوهرات وخيوط الذهب ومبلغ ثلاثين ألف دينار ذهبي ونولًا كبيرًا. بعد ستين يومًا من غياب شيڤا في مكان عمله السري، خرج معلنًا أن البساط أصبح جاهزًا للعرض، وتم ترتيب احتفال حاشد في الساحة الكبيرة يحضره السلطان والأمراء وجمع غفير من الرعية، حضرتُ ضِمن من حضروا هذا الاحتفال الذي بدأ بعزف الموسيقى وبكلمة من ناظر الديوان، ثم تقدم شيڤا ليتكلم، قال بصوته الجهوري الواثق: هذا البساط مولاي السلطان به كل المطلوب وأكثر، فهو يحتوي رسومًا وزخرفات تمثل كل شيء يمكن لإنسان أن يتخيله، بالإضافة إلى أن له صفة لم تكن لشيء من قبله ولن تكون لشيء من بعده، وهي أنه لا يمكن لأي ابن حرام أن يراه.. سيراه فقط أولاد الحلال الذين أتوا من ظهور آبائهم حقًا وشرعًا. تم ادخال البساط من البوابة الكبرى للساحة محمولًا بواسطة ستة من الشباب الغرباء الذين لا يعرفهم أحد، يرتدون زيًا موحدًا أنيقًا، رأيتُهم يرفعون فراغًا شفافًا ولم أتمكن من تمييز أي بساط، ولكن حركات أيديهم وتعليمات شيڤا لهم أوحت لي أنهم يحملون بساطًا يحرصون على عرضه على السلطان والناس مفرودًا ومستويًا ونظيفًا، كتمت حيرتي في نفسي، ولما توسط الموكب الساحة توجه شيڤا صوب المقصورة بثبات ليقف في مواجهة كرسي السلطان ويخاطبه بصوته الجهوري الثاقب: يشرفني ويسعدني يا مولاي جلالة السلطان المعظم أن أقدم لجلالتكم هذا البساط الذي لامثيل له، وآمل أن ينال رضاكم الكريم. حبس جميع الحضور أنفاسهم، ومال السلطان إلى الإمام قليلًا ليمعن النظر في البساط، ثم وببطء وبجلال سلطاني مهيب، رفع إبهام يده اليمنى وابتسم، ففهم الجميع أن البساط حاز الرضا السامي، فزالت من على الوجوه إمارات الترقب، وبدأت همهمات الاستحسان تتعالى من المنصة، ثم سرت إلى عامة الحضور من الرعية الذين انخرطوا في أحاديث جانبية تصف روعة البساط الذي لا مثيل له. كنت موجودًا بين هذا الجمهور ولكنني كنت غريبًا ووحيدًا ومذهولًا، وأدركت ببطء وأسى، أنني ابن الحرام الوحيد في هذا الجمع من أولاد الحلال، فركبني همٌ عظيم. أمر السلطان بمنح شيڤا الجائزة الموعودة، وخرج مع حاشيته بعد أن أمر بحفظ البساط الثمين في مخزن بالقصر. أخذ الناس بالانصراف، وهم يثرثرون حول تفاصيلد ما رآه كل منهم من مظاهر جمال وجودة هذا البساط العجيب" كانت الدموع تملأ عيني صديقي الطيب وكان رأسه منكسًا، وهو يختم قصته بقوله: "ومن ساعتها وأنا أتعذبُ، وأشعرُ ببؤسٍ وهمٍ ثقيل، فقد اكتشفتُ انني غير ما كنتُ أعتقد بنفسي، وأن أمي لم تكن تلك السيدة العفيفة الطاهرة التي ظننت" وهكذا انتهى حديث صديقي أمين السيوفي، وكان لي معه بعدها حديثٌ طويل.