إلغاء الفلسفة وعودة الكتاتيب شكرا ... لمن ماتوا عن العالم ... ليمنحونا الحياة (1) السيد المسيح … صديقي الذي أحببته كما أحبه التلاميذ‎ قصة ”غير المولود أعمى”! لسنا عربا... ولسنا قبائل عُمر خورشيد.. ملِك الجيتار الخالِد هل سيتخلى ”اليهود” عن دعمهم التاريخي للحزب الديمقراطي‎؟! سمع هُس!! بين منهج الروحانية المسيحية وبين الصوم في المسيحية سياحة في فكر طبيب العطايا ... وأسئلة محيرة استريحوا قليلا

رامز ارمانيوس يكتب: صمت البشرية!

مع كل ما يمر به العالم من ضيق واضطراب وحزن بسبب جائحة الكورونا، أردت أن أقدم لك عزيزي القارئ شمعة مضيئة وسط هذا الظلام الحالك. حينما خلق الله الإنسان، وضعه في جنه عدن (تكوين ٢). فكلمة عدن تعني "مسرة". فالله خلق الإنسان ووضعه في جنة المسرة وكما جاء في سفر التكوين، إن دور الإنسان في الجنة، هو أن يعمل هذه المسرة ويحفظها. (وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها) (تك ٢: ١٥). ولكن لم تستمر هذه المسرة، فسقط آدم وسقطت البشرية معه وطرد آدم حاملا البشرية فيه خارج جنة عدن اي خارج المسرة. ولما ولد يسوع، الذي هو آدم الثاني كما نسميه في التسبحة، اعلنت السماء رجوع المسرة مرة أخرى للبشرية، وذلك حينما هتفت الملائكة قائلة "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة" فرجعت المسرة مره اخري للبشرية. و لكن هذه المرة  تختلف عن مسرة آدم !! فآدم كان في وسط الجنة، اي ان المسرة حوله وهو في وسطها ولكن هذه المسرة كانت خارج آدم، أما بولادة المسيح أصبحت المسرة "في الناس" أي داخل الإنسان. وكما اوضحنا في مقالات سابقة أن المسيح جاء ليؤله الإنسان، اي ليعطيه حياته، بل ويعطيه كل ما له، وكأن عمق مسرة الإنسان هو ان يصير مسيحا تتحقق فيه عبارة بولس الرسول (لي الحياة هي المسيح) (في ١ :٢١). يحمل يسوع المسيح البشرية فيه، ويذهب بها الي يوحنا المعمدان لكي تعتمد البشرية فيه من يوحنا!! فهو لم يعتمد فقط بل اعتمدت ايضا كل البشرية فيه بل ونالت الميلاد الجديد. إن الإنسان قد خلق على صورة الله، وكان هذا الإنسان مالكا للصورة الإلهية بالروح القدس الساكن فيه، ولكن بعد السقوط أصبحت صوره الله باهتة، وسادت الخطية، ونزعت النعمة من الإنسان بل وفارق الروح القدس الإنسان. حتى كان الروح القدس يحل حلولا وقتيا في العهد القديم، فالإنسان لا يستحق ان يسكن فيه الروح القدس بصفه دائمة!! لذلك اعتمد يسوع من يوحنا واعتمدت فيه البشرية، لكي تتجدد الطبيعة البشرية، ويحل الروح القدس علي المسيح، فقبول المسيح للروح القدس من الآب هو قبوله لنا وكواحد منا لكي يحفظ الروح القدس لطبيعة الإنسان، اي لكي يسكن الروح القدس في الإنسان بدون سبب للمفارقة او الإنسحاب. يشرح القديس كيرلس الكبير هذا المعني في تفسيره لإنجيل يوحنا الإصحاح الأول فيقول: [لما صار كلمة الله إنسانًا، واقتبل الروح القدس من الآب كواحد منّا، ليس كمن يقبل شيئًا لذاته، إذ أنه هو نفسه الذي يُوزِّع الروح، بل لكي بقبوله الروح كإنسان يحفظه لطبيعتنا، ويجعل النعمة التي فارقتنا تتأصَّل من جديد فينا. إذن، فهو يقبل الروح لحسابنا نحن بواسطة نفسه لكي يستعيد لطبيعتنا ذلك الخير الأصليّ، ولذلك أيضًا قيل عنه إنه افتقر لأجلنا. فمع كونه غنيًا كإله ولا يُعوزه شيء من الخيرات، جعل نفسه إنسانًا مفتقرًا لكل شيء. فكما أنه مع كونه الحياة بطبعه قد مات بالجسد لأجلنا لكي يغلب الموت عنا ويُقيم طبيعتنا كلها معه -لأننا جميعا كنّا فيه لكونه قد صار إنسانًا- هكذا أيضًا هو يقبل الروح لأجلنا لكي يُقدِّس به طبيعتنا كلها. لأنه لم يأتِ لكونه محتاجًا شيئًا لنفسه، بل قد جاء ليصير لنا جميعًا بابًا وبدايةً وطريقًا للخيرات السمائيَّة]. وتأتي اللحظه التي يعلن فيها الآب مسرته من إبنه الحبيب بل ومسرته ايضا من الإنسان، الذي يراه في إبنه الحبيب، هذا الإنسان المتجدد والمؤهل لسكني الروح القدس فيه. إن الآب يري ابنه الحبيب فينا!! لقد أصبحنا في المسيح موضع سرور الآب!! لقد أصبح الروح القدس يسكن فينا ولا يفارقنا!! ما أعظمها مسرة! لقد تجسد الإله لكي يؤلهني. لقد تجسد ابن الإنسان لكي استرد انسانيتي. وتجسد في جسد منظور لكي يخبرني عن غير المنظور. وتجسد خالق الزمن مخضعا ذاته للزمن لكي يصير فيه الزمن خاضعا لي. لقد تجسد وأخذ كياني لكي يسمح لي بعلاقة كيانية معه. لقد تجسد العجيب فاختار اسمه وأمه وزمان ومكان ميلاده قبل أن يولد، فيستمر العجب فأصلب فيه وأقوم فيه، ليس هذا فقط بل إنني اصعد واجلس فيه عن يمين الآب. وها هو يعتمد فأعتمد فيه ويقبل الروح القدس فأقبله فيه وأصبح انا فيه موضع سرور ابيه. لقد تجسد واعتمد المسيح فلم أجد إلا منطقا واحدا وهو إنني احبك أيها الكلمة المتجسد. وهنا تقف الإنسانية حائرة وصامتة امام هذا الحب اللامحدود.