٢٠٠ صاروخ إيراني... والقتيل ”فلسطيني” ! تقارب بين ترامب وهاريس قبل شهر من انتخابات 5 نوفمبر القادم ”روبرتو باچيو” الرجل الذي مات واقفا ... دون داعي!‎ كما تتفاقم الأخطاء…كذلك أيضا تتوفر الفرص! اضطراب التسوق القهري... ”إدمان التسوق ” كبار السن.. بين الجنون والتقديس! ”تيتا زوزو”... وحلم الهروب من الجامعة من الخاسر في معركة لبنان‎؟! وصباح الخير يا سينا!! الخروج من القمقم أحد لم يفقد ”وتعرفون الحق...والحق يحرركم” (أنجيل يوحنا ٣٢:٨)

وانتصرت فضة المعداوي!!

مشهد من مسلسل الراية البيضا _ أسامة أنور عكاشة _ 1988

مفيد أبو الغار: حضرتك مش فاهمة يا هانم قيمة المبنى ده

فضة المعداوي: لعلمك ياخويا ..انا بفهم في كل حاجة واكتر منك كمان ، انا ربنا خلقني طبيبة اوصف الحالة، وأسأل عني كل الدنيا ..مين الدنيا ؟ معلمين شادر السمك وسوق العبور وسماسرة بيع الأراضي والعقارات وكبار تجار الرمل والأسمنت لو حبيت..

مفيد أبو الغار: طبعا يا معلمة فضة انتي بتفهمي اكتر مني في الوقار والكابوريا وخط الجمبري منزوع الورك

وبتفهمي كمان في التجارة والبيزنس والاحتكار ومشاريع المقاولات

فضة المعداوي: ايوه عشان ربنا قال لي هديكي البركة

مفيد أبو الغار: ايوه بس التاريخ! ..الفن والتراث والمعمار ..بصمة الزمن والقيمة التاريخية والحضارية والثقافية..كل دي حاجات ميعرفهاش البصمجية المتخلفين اللي زي حضرتك ..مش كل حاجة طوب وأسمنت وأبراج وعماير

فضة المعداوي: نعم يدلعدي!! أنت مين ؟ انت دارس اللي أنت بتقوله ده ؟ .. البلدوزر ده جاي يهد بالقوة الغاشمة..واللي هيقف في سكته هيدوسه.. دكتور على نفسك يلا انت نسيت نفسك يا جربوع!!

** انتهى المشهد ومن بعده جاءت الحلقة الأخيرة.. ورأينا كجمهور إن فعلا البلدوزر جاي يهد، وانطلق صوت المعلمة فضة صاحبة القوة والمال والنفوذ هادرا من خلال مكبر الصوت، تحذر من تسول له نفسه مقاومة السلطات من مصير أسود، وبجانبها مساعدها يحمل بين يديه لائحة الاتهام ، يقرأها بدلا منها لأننا نعلم أنها جاهلة بصمجية لا تقدر أن تفك الخط..ثم أمسك منها مكبر الصوت وصاح بسيل من الاتهامات ، أقلها إثارة البلبلة وتكدير السلم العام و زعزعة أمن واستقرار كورنيش اسكندرية ، وصولا لاتهامات التطرف والانضمام لجماعة محظورة.

ثم انتهى المسلسل على نهاية مفتوحة ، وقد أمسك مفيد ابو الغار بأيدي بعض الشباب ، ثم جلسوا يفترشون الأرض أمام الفيلا الأثرية التاريخية، يدعوننا جميعا للإنضمام إليهم ، وأن ننزل بعزيمة وإصرار لنتحد معهم ، لمواجهة الفساد والقبح وسيطرة رأس المال الجاهل المادي ، الذي لا يعرف شيئا عن الحضارة ، ولا تشعر نفسه ووجدانه بأي قيمة للجمال والتاريخ والفن.. انتهى المسلسل ولم يحرك أحد من المشاهدين ساكنا ، أو يجوز أن بعضهم تحرك ليدخل الحمام أو يعمل كوباية شاي ، ومنهم من تحرك تجاه الشرفة ليشعل سيجارة.

انتهى المسلسل ولم يتسنى لنا أن نعرف مصير الجالسين.. هل تراجعت فضة عن جريمتها ؟ هل تراجع البلدوزر حفظا لحياة البشر ؟ أم أكمل في طريقه وسحقهم بلا تفكير ..وقتلهم بلا أي تردد أو وازع من ضمير ؟ ..لا اعرف.. ولكن ما اعرفه يقينا أن فضة المعداوي باقية..تنتشر وتتمدد وتتوغل حتى أصبحت أسلوب حياة.

رأيتها بعدها بسنوات وقد وسعت نشاطاتها، وأشرفت بنفسها على إدارة شركة للدعاية والإعلان، تسند إليها اغلب المشروعات القومية، وقامت برعاية فنانة موهوبة...في سرقة مجهود ولوحات فنانين مصريين وأجانب وتنسبها إلى نفسها .

يقال أن أحدهم اكتشف سرقة لوحاته واتخذ ضدها الإجراءات القانونية.. رجل صفيق معدوم الذوق والمهارة الاجتماعية!! لا أعرف لماذا لم يتجه مباشرة إلى المعلمة فضة؟ كان الأمر لن يستغرق بضع دقائق ويتراضى ويتحين بقرشين، بدلا من الشوشرة والصداع وجرجرة المحاكم هذه! ..لا بأس.. فضة موجودة وتستطيع حماية أبناءها، ولسوف تخرج الفنانة الموهوبة مستقبل الوطن ورمز من رموز جيلها زي الشعرة من العجين وابقى خلي القانون ينفعك.

رأيت فضة المعداوي وقد استثمرت جزء من أموالها في مجال تجارة اللوحات الفنية والتحف والانتيكات.. حتى تنفي الشائعات المغرضة التي نُسِجت حولها وتتهمها بالجهل الفني والتراثي والحضاري.. رأيتها حين أرسلت مندوبها للأمين حاتم داخل أحد أقسام الشرطة.. كي يقنعه بتبديل اللوحة الأصلية التي تزين مكتب المأمور، بلوحة أخرى مزيفة .

رأيت حاتم _ ابن المرحلة بكل ما تحمله الكلمة من معان.. وقد استعصت عليه اللوحة أثناء نزعها ، وأصيب بالملل من توسلات المندوب بأن ينزعها بحرص ورفق.. فأخرج سكينه وقام بشقها وتقطيعها كما تقطع البيتزا ثم قام بلفها لفة فطاطري محنك.. رأيت فضة في الاثنين .. رأيتها في سارق يتهم حاتم بالجهل والغباء بعد أن أفسد لوحة ثمنها نصف مليون جنيه ، ثم رأيتها في حاتم الذي لا يعرف قيمة اللوحة التاريخية ، لكنه يعلم جيدا الفرق بين نصف مليون جنيه ، وبين خمسة آلاف جنيه فقط قيمة الرشوة التي لا تتناسب مع ما سيربحه السارق من بيعها.. انتهى العراك وانتهى الفيلم.. وبقيت فضة المعداوي تعيش وتمرح، وتنتقل بخفة الفراشة من سبوبة لأخرى.. لا أعلم على وجه اليقين هل لفضة المعداوي علاقة بعملية الترميم التي جرت لقصر البارون، وجعلته نسخة طبقة الأصل من قصر الكبير أوي بالمزاريطة أم لا! سأبحث وراء المعلومة وأعود إليكم بالخبر اليقين .

** الصورة لعملية ترميم وصيانة وتبليط الهرم بالجرانيت، فخر انتاج مصانع السيراميك في الشرق الأوسط، وقد اخترتها فقط للفت الانتباه، ولا علاقة لها بما جاء في المقال