لم تدركه الظلمة
هل تلمست عزيزي طريقك في يوم ما بالظلام؟ كم هو شيء مخيف ومزعج علي عكس النور الذي يبث في النفس الطمأنينة والسكون والسلام، فالظلام دائما ما يرتبط بالموت والقبر. فمن الضربات العشر علي ارض مصر في القديم كانت ضربة الظلام (خروج 10: 21).
ويصف الكتاب المقدس الحالة قائلا: حتى يلمس الظلام. كما انها من مجموعة اللعنات التي وردت في (تثنية 28: 29) فتتلمس في الظهر كما يتلمس الاعمى في الظلام ولا تنجح في طرقك بل لا تكون الا مظلوما مغصوبا كل الأيام وليس مخلص.
وفي يشوع (24: 7) يذكرهم يشوع القائد الذي استلم المسؤولية من موسي انهم صرخوا الى الرب فجعل ظلاما بينهم وبين المصريين وجلب عليهم البحر فغطاهم. اما ايوب البار فقد ذكر الظلام في غالبية حديثه مع من هم حوله وكيف وضح لهم ان الظلام يشل كيان الانسان ويجمد حواسه ومدركاته وعقله.
أما الرب يكشف العمائق من الظلام ويخرج ظل الموت الى النور. فانه هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره الذي يجعل الفجر ظلاما ويمشي على مشارف الأرض يهوه إله الجنود اسمه. فالسكران والاشرار والسارق والقاتل هم الذين يعملون في الظلام.
فاشعياء النبي يقول: ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما الجاعلين المر حلوا والحلو مرا (اشعياء 5: 20). كما يذكرنا بصوم يقبله الرب فيقول: إذا أنفقت نفسك للجائع واشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر، لأنه من اجل ذلك ابتعد الحق عنا ولم يدركنا العدل. ننتظر نورا فاذا ظلام، ضياء فنسير في ظلام دامس، لأنه ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم. اما عليكم يا طالبي الرب الاله ويا شعبه فيشرق الرب ومجده عليكم يرى. أنتم أيها الجيل انظروا كلمة الرب. هل صرت برية لإسرائيل او ارض ظلام دامس. لماذا قال شعبي قد شردنا لا نجيء اليك بعد. اعطوا الرب إلهكم مجدا قبل ان يجعل ظلاما وقبلما تعثر ارجلكم على جبال العتمة فتنتظرون نورا فيجعله ظل موت ويجعله ظلاما دامسا.
وفي حزقيال (8: 12) يُشهد الرب حزقيال على الشعب مصرحا انه قال لي أرأيت يا ابن ادم ما تفعله شيوخ بيت اسرائيل في الظلام كل واحد في مخادع تصاويره. لأنهم يقولون الرب لا يرانا. الرب قد ترك الأرض. فكانت ضربة الجراد في يوئيل 2: 2 يوم ظلام وقتام يوم غيم وضباب مثل الفجر ممتدا على الجبال. شعب كثير وقوي لم يكن نظيره منذ الازل ولا يكون ايضا بعده الى سني دور فدور. 2 بطرس 2: 4لانه ان كان الرب الاله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا، بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلمهم محروسين للقضاء، كما يصف الأشرار بقوله: هؤلاء هم ابار بلا ماء، غيوم يسوقها النوء. الذين قد حفظ لهم قتام الظلام إلى الأبد.
وهذا ما أكده يهوذا أيضا في رسالته وعدد 6، 13 عن الملائكة والاشرار فيقول: الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم، بل تركوا مسكنهم حفظهم الى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام. امواج بحر هائجة مزبدة بخزيهم. نجوم تائهة محفوظ لها قتام الظلام الى الابد.
كما يصف عاموس وصفنيا يوم الرب: ويل للذين يشتهون يوم الرب قائلا: لماذا لكم يوم الرب، هو ظلام لا نور. اليس يوم الرب ظلاما لا نورا وقتاما لا نور له، ذلك اليوم يوم سخط يوم ضيق وشدة يوم خراب ودمار يوم ظلام وقتام يوم سحاب وضباب. لان الرب في وقته كما ينصحنا بولس في (1 كورنثوس 4: 5) إذا لا تحكموا في شيء قبل الوقت، حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر آراء القلوب.
وحينئذ يكون المدح لكل واحد من الرب الاله. وذات التعبير (ظلام) استخدمه الرب يسوع المسيح عندما وصف العين في متي 6: 23 ان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما فان كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون! النور معكم زمانا قليلا بعد، فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام. والذي يسير في الظلام لا يعلم الى اين يذهب. لذلك شهد يوحنا عنه: والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه (يوحنا 1: 5).