ليلة غزوة صناديق الشيخ ”مارك بن كارنى”

أسدل الستار على ليلة غزوة صناديق وانتخابات العارف بالله الشيخ مارك كارنى شيخ الطريقة الليبرالية في أعظم بلاد العالم وأجملها كندا الحبيبة الحالمة والمسالمة، وعندما أصفها بــ "غزوة"، فهي كانت كذلك وبلا أدنى شك، فكانت التوجهات على أساس إيديولوجي بحت دون مراعاة لمصلحة هذا البلد الجميل والطيب، الكل نظر إلى مصلحته إلا الأقباط كانت رؤيتهم لهذه الانتخابات كسابقتها ببلاهة وجهل وانعدام تام لرؤية مستقبلية لوضعهم السياسي والمجتمعي في بلدهم الجديد كندا.
ولكن في البداية أحب أن أهنئ السيد دونالد ترامب على نجاح السيد مارك كارنى في الانتخابات الكندية كمًا أرادها أن تكون لأنه ببساطة بعد أول أسبوع من تولى السيد مارك كارنى رئاسة الوزراء كانت شعبية حزب الليبرالي ٢٢٪ في حين كانت شعبية المحافظين ٤٦٪ ولكن ولرغبة السيد دونالد ترامب في فوز السيد مارك كارنى بالانتخابات الكندية لتكملة خطته الخبيثة لكندا، أشاد بالسيد مارك كارنى وخاطبة بلقب رئيس وزراء كندا وليس حاكم ولاية كندا كما كان يلقب السيد جاستن ترودو.
وصرح انه سيتعاون وسيتلقى بالسيد مارك كارنى يوم ٢٨ إبريل وهو نفس يوم الانتخابات وعندها ارتفعت شعبية الليبرالي إلى ٣٩٪ وابتداء الحزب الليبرالي بنشر دعاية سوداء كاذبة على لسان زعيمة السيد كارنى بان الحزب الليبرالي يعتبر ما يحدث في فلسطين ولأهلنا في غزة إبادة جماعية وأنه سيؤيد القضية الفلسطينية وحقنا الفلسطيني بغير حدود، كما أنه أوقف صفقات تسليح الجيش الإسرائيلي لارتكابه مجازر ضد الفلسطينيين العزل.
أما تصريحات السيد بوليفارد فكانت عكس ذلك وأنه سوف يدعم إسرائيل إلى النهاية، وسوف يرحل كل من دعم قضيتنا الفلسطينية وهنا بدأت "الغزوة" وصدرت التعليمات بان تكون انتخابات حمراء وان دعم ومساندة الشيخ كارنى واجب وحق على كل ناخب كندى نصرة لله.
وكانت الكارثة أن توجهات الكنديين أصبحت عكس مصلحة كندا ولكنها لمصلحة طائفية بحتة لأنه عندما تسأل منتخبي السيد كارنى على أي أساس انتخبته؟! سيقول لك أنه رجل اقتصاد وسيحل مشكلة كندا الاقتصادية ولكن هؤلاء المغيبين كيف لمن كان هو جزء من المشكلة الاقتصادية لكندا أن يحل مشكلة كندا الاقتصادية؟!
وتناسوا أساسا أن مشكلة كندا بالأساس ليست اقتصادية بل هي مشكلة سياسية بحتة فكندا لديها اقتصاد قوى يستطيع أن يواجه التحديات ولكن خلال ١٠ سنوات ماضية لم يكن لديها قط زعامة سياسية حقيقية، والأدهى من ذلك أن كل الكنديين يعلمون ويثقون أن السيد كارنى ليس لدية أي كاريزما سياسية على الإطلاق، وأنه غير صالح لقيادة كندا سياسيا وهذا ما أراده السيد دونالد ترامب لتنفيذ خطته نحو كندا.
بغض النظر عن فوز الليبرالي فان اكثر المستفيدين من هذه الانتخابات هم الجالية المسلمة عامة، فقد فازوا بـــ ١٣ مقعد في البرلمان، كما انهم كانوا قريبين جدا من الفوز في ٢٢ دائرة انتخابية أخرى، ولحقيقة الأمر -اللهم لا حسد- هم يستحقون ذلك بل يستحقون الـــ ٢٢ مقعد الذين خسروهم بفارق ضئيل جدا لانهم أناس طموحين يعضدون بعضهم مرتبين الأفكار والتوجهات، يعرفون أولوياتهم، ومخلصون جدا في تحقيق أهدافهم، اخذوا من الحزب الليبرالي ما يريدون، ولم يعطوا للحزب ما يريد، يحق لكم حتى تكوين حزب يمثلهم في البرلمان الكندي، ولهم منى كل تحية، ومبروك على ما حققوه.
الخاسر الأعظم والفاشل المثالي في هذه الانتخابات هم الأقباط الذين بسذاجتهم المعهودة لم يستطيعوا التفرقة بين من يجب أن يعطون له صوتهم، ومن لا يجب كما فعل غيرهم، ليس لديهم انتماء أو وازع قومي، لم يتعلموا الدرس كما يفعل اليهود، لأنه بالرغم من تصريحات السيد مارك كارنى ضد إسرائيل إلا أن تقريبا كل اليهود الذين ترشحوا وكسبوا الانتخابات كانوا مرشحين ليبراليين ومع أن أخوتنا المسلمين يدركون جيدا أن تصريحات السيد مارك كارنى عن تأييده لفلسطين وشعب غزة ومعاداته لليهود كانت "مزحة انتخابية" ليس اكثر، وتراجع عنها في أول تصريحاته بعد الانتخابات إلا أن كل المرشحين المسلمين والذين فازوا بالانتخابات كانوا ليبراليين.
حتى الآن لم يستوعب الأقباط ولا الكنديين الدرس كاملا ولكنهم سيفهمون فيما بعد، وسؤالي الأخير: ألم يحين الوقت لنستفيق كالأقباط من غفلتنا؟! ألم تنكسر فينا روح العبودية حتى الآن هذه الروح الملعونة التي ورثناها من مجتمعاتنا القديمة مازالت سائدة علينا حتى الآن كأنها لعنة ولذلك سأطلق قريبا على اليوتيوب قناة وسأسميها "روح عبودية الأقباط"... فانتظرونا.