الاستقواء بقوانين الازدراء

كتبت يوم صلاة الخسوف أقول من يريد الصلاة لظاهرة طبيعية كالخسوف والكسوف ومقتنع ومريحة له نفسياً فليصلي، ولكن ما اعترض عليه هو أن تكون هذه الصلاة قرار وزاري عام من وزارة الأوقاف لكل المساجد وليست قراراً فردياً.
شرحت أن تفسير الظاهرة الطبيعية في زمن الرسول كان صعباً بالأدوات المتوافرة فقيل أنها تخويف من الله لعباده، والآن فسرناها، وظهر أن الخسوف ناتج عن ترتيب بشكل معين للأرض والشمس والقمر ومعه تشتيت للضوء بألوان معينة ...الخ، إذن لم يعد هناك داعي للخوف وطلب الغوث والفزع.
وطلبت أن ننشر التفكير العلمي بين الناس حتى ننهض، وإن الدولة حين تصر على التعامل مع الظاهرة الطبيعية بهذا الفهم فهي ترسخ أن الله يخيف عباده ولا يطبطب عليهم، وأن الفهم القديم الماضوي هو دائماً الصحيح الذي يجب اتباعه!، كان الرد من عشرات المشايخ هستيرياً بلغة عنيفة فجة، وكلهم يطالبون المحامين بتقديم بلاغات لمحاكمتي بتهمة ازدراء الأديان، الغريب إنه لو فكرتي تافهة إذن لا تستحق عناء الرد من المشايخ الأفاضل، ولا داعي للخوف منها وستسقط لوحدها من فرط لامنطقيتها، واذا كان لديكم منطق مفحم فلتردوا على ما كتبته بشيء غير جملة" هي كده" ولازم نسمع الكلام !!
إنه الاستقواء على كل شخص تجرأ على السؤال أو التفكير خارج الصندوق أو التحليق خارج السرب والسير خارج القطيع، الاستقواء بمادة قانونية لابد من إلغائها حتى نصبح دولة مدنية حديثة، جرجرة المفكرين للمحاكم واستنزاف قواهم وجهدهم في دفاعات وتوكيل محامين وتقديم مذكرات قانونية، هي خطة محكمة لإلهائهم عن مهمتهم الحقيقية وهي حرث الأرض الفكرية وتقليب التربة.
قديماً قال المبدع عبد الرحمن الخميسي أنا لا أعزف على قيثارتي لأنني مشغول بالدفاع عنها، وحديثاً أقول لكل المبدعين اعزفوا على قيثاراتكم ولا تنشغلوا بالدفاع عنها، قدموا أنغاماً وألحاناً فكرية جديدة، فهكذا يصنع الحلم ويتشكل المستقبل.