هل يتسبب الجنس البشري في الانقراض السادس للحياة علي كوكب الأرض؟!
حدث تكوين الكرة الأرضية منذ حوالي 4.5 بليون عاما وذلك بعد مئة مليون عاما فقط من تكوين الشمس.
هوامش: تحتوي مجرة درب اللبانة والتي ينتمي إليها كوكب الأرض والشمس على حوالي 400 بليون نجم ويقدر عدد المجرات في الكون المعروف بحوالي 200 بليون مجرة.
بدأ أول ظهور للحياة على كوكبنا بعد حوالي نصف بليون عاما من تكوين الأرض. وبدأ ذلك في شكل خلايا بدائية. ثم تطورت تلك الخلايا بالتدريج إلى أنماط أكثر تعقيدا من أشكال الحياة إلى أن انتهت بظهور تنوع هائل لأشكال الحياة بعد 4 بلايين عاما من تكون كوكب الأرض: أي مع بداية الخمسمائة مليون عاما الأخيرة.
والمهم التنبه أنه وبرغم اختلاف كل تلك الأنماط لأشكال الحياة اختلافاً عميقا فيما بينها، إلا أن الله قد خلقها جميعها من تركيب أساسي واحد وهو شريط الحمض النووي والذي يختلف فقط في عدد وحداته من القواعد النيتروجينية تبعا لتعقد أشكال الحياة، ولكنها تشترك جميعها في فكرة واحدة وذلك في أن كل ثلاثة منها وفي جميع الأحياء تدل علي حمض أميني معين، وعليه يدل كل جزء من شريط الحمض النووي علي الشفرة اللازمة لتصنيع مجموعة معينة من الأحماض الأمينية والتي بحسب اختلاف عددها ونوعها وترتيبها يتم تصنيع البروتينات المختلفة. وهذه البروتينات هي البنية الأساسية للخلايا الحية.
ويدل هذا التصميم الواحد المشترك في كل الخلائق وعلى اختلاف تعقيداتها على شيئين:
١- وحدة التصميم تدل على وحدانية الخالق المصمم.
٢- التعقيد المذهل في التصميمات واختلافها تبعا للخلائق المختلفة، والذي يخدم في كل حالة أهداف هذه الخليقة ويسمح بتكاثرها بين أفراد النوع الواحد فقط يدل التصميم الذكي لخالق حكيم وقادر مقتدر.
وعلى قمة كل هذه الخلائق الحية الإنسان العاقل والتي أكّدت الأدلة العلمية ظهوره منذ حوالي 30 ألف - 40 ألف عاما فقط وذلك في قارة أفريقيا وانتشر منها لكل أرجاء العالم، وسبق هذا الإنسان العاقل إنسان النياندرتال في أوروبا منذ 300 ألف عاما والذي انقرض ولكنه ترك حفريات تدل على كل ما يختص بشكله وخصائصه وبطريقة حياته وترك أيضا 3% من جيناته في الحمض النووي للإنسان العاقل مما يؤكد على حدوث التزاوج بين هذين النوعين من البشر، أما لماذا انقرض إنسان النياندتال؟ فلذلك مقال آخر
وفي العموم فانه في خلال 500 مليون عاما الأخيرة والتي تنوعت فيها أشكال الحياة حدثت خمسة انقراضات أساسية أدت كل منها إلى اختفاء معظم أشكال الحياة علي كوكب الأرض مع كل انقراض
وفي كل مرة كانت الحياة تعاود الظهور ولكن وبترتيب إلهي مرتب ومقصود بسيادة لشكل أرقي من أنماط الخلائق الحية في المرحلة التالية عن المرحلة التي تسبقها، إلى أن أدي هذا التدبير الإلهي المحكم والمقدر سلفا إلي اختفاء الديناصورات منذ 66 مليون عاما والذي افسح المجال لظهور الثدييات، وقد تميزت الثدييات بتكاثرها عن طريق الولادة - وليس وضع البيض كما الديناصورات - وإطعام صغارها بالرضاعة، والاهم أن الثدييات تميزت بامتلاكها لمخ أكثر تطورا وعليه قدرتها علي التعامل مع المشاكل وإيجاد الحل المناسب. ووصل هذا التعقيد في تركيب المخ إلى أرقي درجاته في الإنسان.
وأصبح الإنسان هو أول خليقة استطاعت أن تغير من نمط الحياة علي كوكب الأرض؛ وذلك بابتكاره لفنون الزراعة والتي أدت إلى استقرار الإنسان - وقد بدأ ذلك منذ 10 الأف عاما - ليكون ذلك بديلا عن الترحال بحثا عن صيد الفرائس كمصدر للطعام. فقامت الحضارات الإنسانية ومعها بدأ الإنسان في تسجيل الأحداث والتاريخ كتابة وذلك منذ 8 الأف عاما.
ونأتي للجزء الأهم في عنوان الدراسة وهو: أن الإنسان العاقل ولأول مرة في تاريخ الكرة الأرضية سيكون هو المتسبب بسوء تصرفه وليست العوامل الطبيعية في الانقراض السادس والذي يعتقد أنه سيحدث بسرعة شديدة جدا مقارنة بالانقراضات الخمسة التي سبقته وذلك بسبب واحد أو أكثر من العوامل الثلاثة الأتية:
١- إزالة الإنسان لحوالي 70% من الغابات والأشجار وقد حدث ذلك فقط خلال الخمسين سنة الماضية.
٢- بسبب الثورة الصناعية زاد انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون بمستويات غير مسبوقة مما أدى إلى ارتفاع متزايد في حرارة الجو (احتباس حراري) علي كوكب الأرض مصحوبا بحموضة في المحيطات تهدد الأحياء البحرية وذوبان الجليد في القطبين مع ارتفاع في منسوب المياه في المحيطات والبحار.
٣- التسابق في إنتاج الأسلحة التدميرية الشاملة بين كثير من دول العالم، فاذا أضفنا لذلك التطور المطرد في برامج الذكاء الصناعي والطائرات والصواريخ المسيرة مما يزيد من خطورة اندلاع حرب عالمية ثالثة ومدمرة.
الخمسة انقراضات الكبرى للحياة على كوكب الأرض والتي أدت كل منها اندثار واختفاء لمعظم الكائنات الحية من علي كوكب الأرض وبصورة تكاد تكون شبه كاملة وذلك لخمس مرات في 500 مليون عاما الأخيرة.
لقد تمكن العلماء من تسجيل تاريخ الحياة والانقراضات على كوكب الأرض وذلك من خلال أدلة علمية متراكمة من عدة تخصصات مثل الجيولوجيا، الحفريات، الكيمياء، والفيزياء.
والأمر كان أشبه بحل لغز ضخم يعتمد على قراءة سجل الأرض المحفوظ في الصخور والعظام والمعادن ولكن في النهاية وبسبب التقدم العلمي المذهل فقد تمكن العلماء من شتي المجالات من قراءة تاريخ الحياة وعلى المرات التي اندثرت فيها تلك الحياة وتوقيتها وكان ذلك بالطرق الأتية:
١- السجل الأحفوري (Fossil Record)
•الحفريات هي بقايا أو آثار الكائنات الحية التي عاشت في الماضي وتم حفظها في الصخور. ويتم دراسة الحفريات من خلال دراسة طبقات الصخور، ويمكن بتلك الطريقة التعرف بدقة على وقت ظهور أنواع معينة من الكائنات وعلى وقت اختفائها المفاجئ. وبذلك أمكن تحديد حالات الانقراض الجماعي، وذلك بظهور فجوات ضخمة في السجل الأحفوري تشير إلى اختفاء عدد هائل من الأنواع في فترة زمنية قصيرة.
٢- الطبقات الأرضية (الاستراتيغرافيا)
فمن المعروف أن القشرة الأرضية تتكون من طبقات من الصخور، الأقدم في الأسفل والأحدث في الأعلى. وكل طبقة تمثل فترة زمنية، وتحتوي على أدلة لذلك منها الحفريات والمعادن. ومن خلال مقارنة الطبقات في مناطق مختلفة من العالم، يلاحظ العلماء أن أنواعًا معينة قد اختفت في نفس الوقت تقريبًا في جميع أنحاء الأرض، مما يدل على حدوث كوارث كبرى في تلك الحقب الزمنية.
3- التأريخ الإشعاعي (Radiometric Dating)
ويعتمد ذلك التأريخ على قياس العناصر المشعة داخل الصخور (مثل اليورانيوم أو الكربون-14). وذلك يسمح بالتحديد الدقيق لعمر هذه الصخور والحفريات. هذا ما يجعل العلماء قادرون على تحديد متى حدث كل انقراض جماعي مثال ذلك انقراض الديناصورات منذ 66 مليون سنة.
٤- الأحماض النووية DNA وساعة التطور الجزيئية
ويمكن التعرف على ذلك من خلال مقارنة الحمض النووي للكائنات الحية اليوم، وبذلك يمكن العلماء من تقدير متى انفصلت أنواع معينة عن بعضها البعض؟
وهذا يعطينا فكرة دقيقة عن تطور الحياة على مدى ملايين السنين، ويمكن ربط تلك المعلومات مع تلك التي أظهرتها الحفريات.
٥- الأدلة الكيميائية في طبقات الصخور
في طبقات الأرض، وعندما يلاحظ وجود عناصر معينة نادرة - مثل الإيريديوم والموجود في النيازك فوجود تلك العناصر وبنسب تفوق جدا نسب تواجدها في طبقات الأرض؛ فهذا يشير بالقطع إلى اصطدام نيزك من خارج الأرض والذي يحتوي على هذا العنصر من الفضاء الخارجي بكوكب الأرض حاملا معه هذا العنصر. أيضًا حدوث تغيرات مفاجئة في نسب الكربون أو الكبريت فهذا يدل ويؤكد على اضطرابات مناخية أو انفجارات بركانية ضخمة.
٦-الأدلة على الكوارث الطبيعية
• تم العثور على فوهات نيزكية ضخمة (مثل فوهة تشيكسولوب في المكسيك) والتي تعود لنفس وقت انقراض الديناصورات.
• كما توجد دلائل على ثورات بركانية ضخمة (مثل مصاطب ديكان في الهند) التي تتسبب في انبعاثات هائلة من الغازات السامة وتغير المناخ العالمي وتؤدي إلي فناء الكائنات الحية.

ثم نأتي إلى الحديث عن الانقراضات الخمسة الكبرى علي كوكب الأرض؟ (المعروفة باسم “الخمسة الكبار)
١- الانقراض الاوردوفيشي وحدث منذ حوالي 444 مليون سنة وكان بسبب تجمد مياه البحر وانخفاض مستوي البحر وأدي الي اختفاء حوالي 85% من الكائنات الحية.
٢- الانقراض الديفوني المتأخر وحدث منذ حوالي 375 مليون سنة بسبب تغير المناخ وانخفاض نسبة الأكسجين في المحيطات وأدي إلى اختفاء حوالي 75% من الكائنات الحية
٣-الانقراض الأعظم الترياسي وحدث منذ حوالي 252 مليون سنة بسبب براكين ضخمة وإطلاق غازات سامة وأدي إلى اختفاء 96% من الكائنات الحية.
٤- الانقراض الترياسي. وحدث منذ حوالي 201 مليون سنة بسبب براكين وارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون وحامضية مياه المحيطات وأدي إلى اختفاء حوالي 80 % من الكائنات الحية.
٥- الانقراض الطباشيري البليوجيني وحدث منذ حوالي 66 مليون سنة وذلك بسبب اصطدام نيزك ضخم بارتفاع جبل إفرست بكوكب الأرض وبسرعة هائلة 100 ألف كيلو متر في الساعة مما نتج عنه ظلام عالمي وبراكين وأدي إلى اختفاء 76% من الكائنات الحية واهمها الديناصورات.
والآن هل يتعقل الإنسان العاقل في تصرفاته ليمنع أول انقراض في تاريخ الكرة الأرضية يكون المتسبب فيه ليست العوامل الطبيعية، وإنما الخليقة البشرية التي خصها الله بأعلى مراتب التفكير والتدبر بين كل الخلائق.


