احتفاء كبير بالكاتب خالد منتصر والكاتبة سماح أبو بكر عزت في كندا ”لامين” و ”ويليامز”... وخيانة الوطن The Erosion of Civility, A Canadian Crisis للمرة الـ4 في تاريخه.. منتخب إسبانيا بطلاً لـ”يورو 2024” رسميا... ريال مدريد يعلن موعد تقديم كيليان مبابي جوارديولا ... أفضل مدرب كرة قدم في العالم محامي اللاعب المصري الراحل أحمد رفعت يكشف تفاصيل الأزمة لماذا ينبغي تغيير ملابس السباحة المبتلة فوراً؟ هل يساعد خل التفاح على التنحيف؟ دراسة تؤكد ارتباط مضادات الاكتئاب بزيادة الوزن ما أسباب تشنجات باطن الساق؟ غزوة موتيابا

مينا ماهر يكتب: بنطلون وفستان وحجاب!

دردشة…بالعربي الفصيح:

لا أحد ينكر أننا جيل قد كبر و هو يدرك تماماً أن اجمل من في الحفلة "…هي دبدوبة التخينة!…اللي لابسة…فستان….و…چيبونة!".

ولم نكن نعلم أن هذه الأغنية - بمفهومنا اليوم - كانت تحث الأطفال على الإباحية والخلاعة! … فكيف لدبدوبة التخينة أن ترتدي فستاناً…بل ولم يكفهم هذا، فألبسوها چيبونةً ايضاً!... فمنذ متى أصبح الفستان شبهةً يهاجم عليها المجتمع؟!

فالفستان زي طبيعي اعتادت عليه المرأة منذ قديم الزمان، وليس ببدعة أو دخيلٍ على المجتمع! فحتى العلامات الإرشادية، التي تستخدم لتمييز دورات مياه الرجال عن النساء، تفرِّق علامة المرأة عن الرجل بإضافة فستان لها! وهذه العلامات التوضيحية لا تزال تستخدم في العالم كله-  وفي الغرب المنفتح أيضا - كصورة نمطية للرجل والمرأة، إلى يومنا هذا! مما يدل على أن ارتباط المرأة بالفستان هو ارتباط رسمي ومتفق عليه دولياً، وهو ليس بمذمةٍ أو تقليل من الشأن أو إسفافٍ- لا سمح الله-!

أتذكر في بدايات التسعينيات، حينما بدأت ثقافة "البنطال" - أو "البنطلون" للسهولة - تدخل عالم الموضة النسائية، أن العديد من المناقشات البريئة حول هذه الصرعة الغريبة بدأت بالظهور على السطح…وطبعاً كانت هناك فئة ما تعترض بشدة عليها لان البنطلون يظهر مفاتن جسم المرأة! لكن بعد أن أصبح البنطلون هو الغالب اليوم، تحول الفستان، وهو المفترض أن يكون الزي الرسمي للسيدات، إلى أداة إثارة جنسية للرجل، ومثال لعدم الاحتشام!! وأتساءل…لماذا بلغت الأمور أقصاها إلى هذا الحد اليوم؟! 

يحضرني موقف لفت نظري يوم كنت أشاهد على سبيل التسلية برنامج الكاميرا الخفية الثمانيني القديم، من تقديم فؤاد المهندس؛ وقد صادف أن الحلقة تتضمن مقلب تقوم به الممثلة من تحت إحدى العمارات بإيقاف أحد المارة بالشارع لطلب المساعدة، وهي أن ينادي على زوجها في شقتهما التي في أحد الطوابق العليا، بحجة أن صوتها "مبحوح"! فتقوم بتلقين الشخص بما يجب أن يقوله لزوجها، وبالطبع الطلبات تغلب عليها الخصوصية ولكن مع الالتزام بالآداب…فتطلب منه مثلاً: 

- "قول له: ينَزِّل صاحبه الغلس اللي عنده" 

فنرى الرجل المصري المحترم آنذاك يقول لزوجها: 

- " بتقول لك نزل صاحبك!" 

فتصر الممثلة أن تكرر له كلمة "الغلس"، ولكن قمة الأدب والتمسك بالأخلاق الحميدة المهيمنين على الشارع المصري في الثمانينيات لم تمكن هذا الرجل من قول كلمة سافرة ككلمة "الغلس"! أيعقل هذا؟! والعجيب في الأمر أن هذه الممثلة كانت ترتدي فستاناً، وهي غير محجبة كمثيلاتها من السيدات العابرات في الشارع من حولها، ولم يجرؤ أي من المارة أن يتنمر عليهن أو يتحرش بهن! يا للعجب!!! 

أما اليوم…فأصبحت المرأة تغازل في الشارع ويُنظر لها بنظرات شهوانية علناً، وهي في حضرة زوجها، بل وقد تتعرض لسماع أبشع الكلام والمصطلحات على الملأ! وإن حاول هذا الزوج الغيور التدخل، فقد يكون مصيره أن يضرب أو يطعن بقرن غزال!

أتلاحظون فرق الثقافة الرهيب بين الماضي والحاضر؟! ترى ما السبب؟!!

والعجيب أن هذا الشعب الشهواني، الذكوري، الفاسق هو ذاته الشعب المدعي التدين! فترى الحاج إبراهيم، ذا زبيبة الصلاة وسط جبهته، وهو لا يخجل أن يطلب رشوة لتخليص أوراق حكومية للعملاء؛ والأخ بيشوي بجانبه الذي يتأخر يوم الأحد ليحضر القداس الصباحي، وأيضاً لا يتوانى للحظة في إظهار الانتهازية والرغبة في الوشاية إذا لزم الأمر؛ والست زينب المحجبة الوقورة، لكنها في الوقت نفسه أيضاً تتلفظ بأسفل المسبات بلا حياء؛ ومدام كريستين ذات الصليب الذهبي الكبير على صدرها، لا تؤدي عملها بأمانة لخدمة المجتمع لأنها دائمة الانحياز لأبناء دينها أكثر!  قمة في التناقض السلوكي! وأنا لا أتكلم هنا عن فساد سياسي لدولة، بل عن فساد الشعب نفسه!

للآسف هذا التدين الظاهري الزائف، ما هو إلا أحد أساليب الدفاعات النفسية التي يستخدمها الشخص لخداع نفسه بحالة من البِر الذاتي اللذيذ، فيظهر كشخص صالح في نظر نفسه، بينما يبطن في داخله نجاسة لا توصف! ولا يلبث أن يقوم بتصديق كذبته، فيرى عيب الآخرين فقط، أما تلال عيوبه هو فهي مستترة خلف واجهة التدين السطحي!

ورجوعاً لقضية الفستان، فالموضوع ليس هو خطأ في الموضة أو الملابس وإنما العيب، كل العيب، في تلك الغريزة الحيوانية اللعينة غير المحكومة وغير المروضة عند المواطن! ولذا ستظل دائماً عرضة للظروف المحيطة، ما لم تكبح بأسلوب صحيح! يمكن أن يثيرها الفستان اليوم، وغداً قد يستثيرها البنطلون من جديد، ولا تتعجب حين يغريها النقاب أيضاً، ما دام لا رادع لها، مكتسبة مصداقيتها، للآسف، من التخفي…إما خلف لحية طويلة، أو في صليب موشوم على معصمٍ!

إذن…السبب في هذا الفرق الشاسع في السلوكيات بين الأمس واليوم، أعزائي، هو أنه في الماضي كانت كل رؤوس نساءنا مكشوفة…إلا أنها كانت تُستر بأخلاقنا فقط لا غير…فلم يثننا فستان أو بنطال، ولم يحكمنا حجاب أو نقاب!