ميلاد ميكائيل مرشح المحافظين الفيدرالي عن مسيسوجا – إرين ميلز.. وحديث مع ”جود نيوز” هل نضب ”المعين”؟ ” لو كنتَ ههنا لَم يمُت أخي“... لماذا تأخر الرب؟ الحوار الذي لم يُنشر عن ما حدث في تورونتو ”محمد صلاح” الدماغ قبل القدم ما بين زيارة مجلس الأعمال المصري الكندي ... والانتخابات البرلمانية الكندية 28 أبريل الزواج في مُجتمعاتنا العربيَّة.. إلى أين؟ ايها الاقباط اما الأن او سنندم هل للمرنمات dress code معين؟! شهادة الوفاة تصدر الآن‎ ثقيلة هي ثياب الحملان! (قصة قصيرة) (7) هل فعلا ابتهال أبو السعد ب 100 راجل!!

يحيي عواره يكتب: هل نحن نحبُ أطفالَنا حقًا !؟

هل يبدو سؤالًا غريبًا أو مستفزًا ؟ حسنًا.. سأبدأ بتحديد ما أعنيه بالحب والطفولة، ثم أدلي باعتراف، لعل التحديد يجلو بعضًا من الغموض، ولعل الاعتراف يلطفُ بعضًا من الاستفزاز. للحبِ تعريفاتٌ لا حصرَ لها، ولكنني سأفترض هنا، أن الحب الحق هو ميلٌ للإيثار، وسعىٌ لسعادة وحرية المحبوب، وتعالٍ عن السعي للاستحواذ أو تقييد الحرية. أما الطفولة التي أعنيها هنا، فهي تلك السنوات المبكرة التي تبدأ من لحظة الولادة وتمتد حتى يصبح الوليد ذا شخصية لها ملامح محددة، وقدرة معقولة على ممارسة الاختيار؛ أعني السنوات التي يكون فيها الطفل كالصلصال الطري قابليةً للتشكيل، أو كالاسفنج الجاف نهمًا للامتصاص. أما الاعتراف.. فهو يخصني شخصيًا، ويتصل بنقيصة لم انجح في البُرءِ منها تمامًا، على الرغم من وعيي بها..أعترف أنني، في سنوات شبابي المبكر، كنتُ ممن لا يستوقفهم، بالاستغرابِ أو الاستهجان، أن أجد طفلًا صغيرًا مرتديًا لزي عسكري ومتقدمًا لطابور عرض يفترض أنه لفدائيين نذروا حياتهم لحرب تحرير مقدسة، وكنت، وقتها، أكن إعجابًا لهؤلاء الآباء الذين يبدون استعدادًا لتنشئة أبنائهم اليافعين على الطموح للشهادة في سبيل نصرة دين الأهل والعشيرة، أو لأهداف وطنية تتحمس لها جماهير الأمة.. ومازلت، إلى الآن أضبط نفسي، أحيانًا، متورطًا في الاعجاب بلوحةٍ لطفلٍ يشاركُ في فاعلية سياسيةٍ أو ثورية تروقُ لي، وفي نفس الوقت استنكر صورة مماثلة، إذا كانت لأطفال اسرائيليين أو ايرانيين مثلًا. والآن.. لنعُد للسؤال.. هل نحن نحبُ أطفالَنا حقًا ؟ تبدو الإجابة بديهيةً ومسلمًا بها، ولكن علينا أن ندرك أن كثيرًا مما نعتبره من المسلمات قد يحتاج تدقيقًا ومراجعة من آن لآخر لسببين على الأقل؛ الأول هو أن العالم من حولنا يتغير، والثاني هو أن تجاربنا ومعارفنا تتراكم مع الوقت. نحن نظنُ - بالتواتر والتعود - أن حبنَا لأبنائنا يفوق حبنا لمن سواهم، ونردد القول بأننا نتمنى لهم سعادة تفوق ما حظينا بها، ومستقبلًا أفضل مما تيسر لنا، ويبدو هذا بديهيًا ومستساغًا، باعتبار أطفالنا امتدادًا طبيعيًا لنا، يحظى بأوفر نصيب من أصدق المشاعر الغريزية ومن الحرص المؤسسِ على الحساب الرشيد. لكن بعضَ الاعتبارات - بحسنِ النيةِ وللأسف - يفوتُنا، فيصبحُ حبنا لأطفالنا حبًا مشوبًا بما يسببُ لهم وللمستقبل من فادحِ الأذى ما لم يخطر لنا على بال. يفوتُنا أحيانًا أن نتنبه إلى أن تأثير مدخلات بيئة سنوات التكوين الأولى لها آثارٌ عميقة على التكوين النفسي والذهني للإنسان، وأن هذه الآثار تصبح عصية على أي تعديل جوهري بعد تجاوز هذه المرحلة المبكرة من العمر. يفوتُنا أنه ليس من حقِنا، وليس من صالحهم - وهم مازالوا عزلًا من أي قدرة على الاختيار - أن نغرس في عقولهم أن هناك حقائق غير قابلة للمراجعة، وأن هناك أسئلة غير قابلة للطرح، وأن هناك حكمة مطلقة لا يعتورها نقص أو فساد. نعرف أن المجتمعات تحتاج - في سياقِ سعيها للتماسكِ والكفاءة - لتلقين النشء موروثات الثقافة والأعراف، ونعرفُ، أيضًا، أن الأطفال بحاجة للشعور بالاطمئنان لحاضنيهم، وبالثقة في خبراتهم حتى لا يتعرضوا للتشوش والاضطراب، ولكن توازنًا حكيمًا يجب أن يُراعىَ هنا، تجنبًا لمخاطر الانزلاق لأحد النقيضين. يفوتنا، أحيانًا، أن معدل التغيير أصبح متسارعًا بدرجة غير مسبوقة، وأن ما صلح لآبائنا وأجدادنا - على افتراض انه صلُح لنا إلى حدٍ ما - لن يصلح لكثير مما سيستجد على حياة أبنائنا. وأن سَلَفَنا - وان كنا نعتز بهم وبما أنجزوا - لم يكونوا كاملي الأوصاف وأنهم، ونحن أيضًا، لم نتلقَ أفضلَ تربيةٍ أو أعظمَ تثقيف. يفوتُنا أيضًا أن لدينا تراثًا مُلَغَّمًا، حمله إلينا تقديسٌ مبالغٌ به وجمودٌ في التناول والمعالجة، من عصورٍ كانت البنوة فيها نوعًا من أنواع الملكية وضربًا من ضروب الرق المستتر.. عصورٍ كان من المقبول فيها أن يُذبح طفلٌ تحقيقًا لرؤيا أبيه، وأن يغري أبٌ ورعٌ بابنتيه مجرمين أتوا للتحرش بضيوفه الملاح !! يفوتنا أن نذكر أنفسنا ونعترف بوضوحٍ كافٍ وصراحة أن موروثنا الثقافي لم يعد منسجمًا مع المعايير الإنسانية التي طورها البشر عبر عشرات القرون، فالأبناء الآن أصبحوا رصيدًا للمجتمع ووريثًا للمستقبل لا نسخة من الماضي. فلنعط قلوبنا وعقولنا لأن يكون أبناؤنا أنفسَهم.. سعداءً بمستقبلِهم وأحرارًا باختيارِهم، هذا إذا كنا نحبهم حقًا.