٢٠٠ صاروخ إيراني... والقتيل ”فلسطيني” ! تقارب بين ترامب وهاريس قبل شهر من انتخابات 5 نوفمبر القادم ”روبرتو باچيو” الرجل الذي مات واقفا ... دون داعي!‎ كما تتفاقم الأخطاء…كذلك أيضا تتوفر الفرص! اضطراب التسوق القهري... ”إدمان التسوق ” كبار السن.. بين الجنون والتقديس! ”تيتا زوزو”... وحلم الهروب من الجامعة من الخاسر في معركة لبنان‎؟! وصباح الخير يا سينا!! الخروج من القمقم أحد لم يفقد ”وتعرفون الحق...والحق يحرركم” (أنجيل يوحنا ٣٢:٨)

هاني صبحي يكتب: على قهوة في شبرا .. رمضان جانا!!

كان اسم شهرته عم "موسى أبو دراع"، نسبة لذراعه اليسرى المفقودة، لكنه للمفارقة كان خطاط المنطقة، شُغلته خطاط يكتب بإيده السليمة يفط وإعلانات...كان خطه عظيم مع إني سمعت أنه مدخلش مدارس من الأساس.. كان محله المكركب الفوضوي دوماً بيبقى مليان بلوحات ومجسمات ويفط خطها بايده. جاليري شعبي جميل لا يفسد روعته الحالة السيئة للحوائط، اللي مليانة شخابيط من أثر بقع الأحبار والدهانات ...كان موسم الانتخابات ده لعبته وأيام سعده، مكانش بيكتفي باليفط العادية البفتة، اللي كانت بتبقى صيد ثمين بعد الانتخابات لفقراء المنطقة، قبل ما شركات الدعاية تتجه للبلاستيك اليومين دول ..لكن برغم إعاقته كانت له عادة في رمضان أنه يفاجئنا كل سنة بتحفة جديدة. كان بيتبرع بفلوسه ومجهوده في صنع مجسم لجامع أو للكعبة أو لفانوس عملاق حسب ما يطلب مزاجه، وكانت أعماله الفنية بالإضافة لمجهوداتنا كأطفال في صنع زينة رمضان بأيدينا، مع صفوف اللمبات اللي بنلم حقها من البيوت، بتكون لوحة فنية مبهجة بتحول ليالي رمضان لكرنڤال . رمضان في شبرا ده كان بالنسبة لي كمسيحي، وبعيداً عن قيمته الدينية والروحانية عند المسلمين.. كان هو مصر ... مصر البيور البسيطة الطيبة، شبرا مع أول دقة مسحراتي بعد ثبوت الرؤية، وافرحوا يا عيال بكرة رمضان.. فكنت تلقائيا بافرح، على ايه؟ مش مهم ... المهم إن فيه حالة فرح جماعية يبقى يللا بينا نفرح .. "مولاي إني ببابك قد بسطت يدي" .. مكنتش أعرف إن الراجل اللي صوت ابتهالاته ده بيعدي من الودان يقتحم القلب اسمه "النقشبندي" ... بس كنت أعرف اسم محمد رفعت وهو بيؤذن للمغرب عشان كان بيتكتب على التليفزيون. كل حاجة بنشتريها في الشهر ده كان طعمها بيبقى مختلف، والإقبال عليها بهجته أكبر.. زحمة على المخلل والتمر هندي والسوبيا ...بس زحمة دون امتعاض أو ملل ...مدفع الإفطار اضرب، فالعيال تهتف وتضرب بُمب ...كنت بهتف معاهم برضه، كان فيه قرار بالفرح فبنفرح... يمكن كمان عشان جعان زيهم وحان وقت الطعام...لأن كان بيبقى فيه فرمان من ابويا جوه شقتنا الشرك مع جيراننا المسلمين، أننا نأجل غداءنا عشان نتغدى معاهم على المغرب . كان بينجح في إقناعنا إن مجاتش على ساعتين يعني وناكل سوا .. فكنا بنتجمع على الطبلية ..فاكرها لسه.. كانت طبلية كبيرة في الصالة مكناش نعرف بتاعة مين ..هي بتاعة اللي هياكل عليها .. نتجمع على الفطار، فتتوه الأطباق والأصناف بين الأيادي، ومحدش عارف من العيال مين طبخ إيه؟.. جزمة فطوطة وبابيونه وتليفونه، عمو فؤاد وفوازيره، وطيبة قلبه اللي تشبه طيبة قلوب أغلب عواجيز شارعنا.. كاريزما نيللي، وحضور شيريهان الطاغي.. مكناش بنسأل ولا نندهش ازاي القرد بوجي أخو الأرنبة طمطم. علي قهوة في شبرا كانت الخناقة المعتادة ايه الأفضل؟ ..ليالي الحلمية ولا الشهد والدموع؟.. جمعة الشوان ولا رأفت الهجان؟ ..كنا بنخاف من شهريار ليغدر بشهرزاد لو فشلت تحكي له حدوتة تأجل معاد ذبحها لليلة كمان ..كنت باخاف من زوزو نبيل، قبل ما أكبر وأعشق صوتها الوقور.. لمة الناس على عربية الفول، سحور الغلابة، وكأنهم أول مرة ياكلوه... ريحة القطايف، وزفة العيال حوالين المسحراتي، أطباق الزبادي الفخار، واللوحة الفنية اللي بيرسمها بياع الكنافة ..صوت الجيران بالليل وهما بيحضروا السحور ..خطوات الناس والشوارع هادية وهي ماشية مع اول خيوط الفجر يلحقوا الفجر حاضر.. كانت أيام جميلة وصافية، معرفش ودعتها لما سيبت شبرا، ولا ودعتها لما الطفل اللي جوايا كبر، وساب باقية الأطفال يحسوها لحد دلوقتي زي ما كنت ما بحسها... وللحديث بقية.. جزء من رواية على قهوة في شبرا _ يناير 2020 .. الفؤاد للنشر والتوزيع