إلغاء الفلسفة وعودة الكتاتيب شكرا ... لمن ماتوا عن العالم ... ليمنحونا الحياة (1) السيد المسيح … صديقي الذي أحببته كما أحبه التلاميذ‎ قصة ”غير المولود أعمى”! لسنا عربا... ولسنا قبائل عُمر خورشيد.. ملِك الجيتار الخالِد هل سيتخلى ”اليهود” عن دعمهم التاريخي للحزب الديمقراطي‎؟! سمع هُس!! بين منهج الروحانية المسيحية وبين الصوم في المسيحية سياحة في فكر طبيب العطايا ... وأسئلة محيرة استريحوا قليلا

هاني صبحي يكتب: محمد رمضان وزيراً للتعليم!!

في الوقت اللي كنت قاعد فيه اشاهد فيلم "كابتن هيما"، للفنان الشاب والمطرب الراقي المحبوب تامر حسني، وأثناء استمتاعي بأغنية اكتر حاجة بحبها فيكي هي دي ...طيييي بة قلبك!! وملاحظتي لتدرج انفعالات الفنانة زينة من الرفض والامتعاض إلى الرضا والسرور، وارتسام علامات الارتياح على ملامحها بعد إدراكها لحسن نيته، وإنه حرفيا كان يقصد طيبة قلبها مش اي حاجة تانية .. استوقفني الفاصل الإعلاني. فالتقطت هاتفي لمطالعة آخر الأخبار على مواقع التواصل، لأجده يعج بأخبار أزمة تلوح في الأفق، وحملة "مجهولة المصدر" حتى الآن، لمقاطعة حفل غنائي استعراضي، ودعوات لمنع محمد رمضان من دخول مدينة الإسكندرية .. خير يا جماعة كفى الله الشر!! عملت ايه تاني يا عم بحواراتك اللي مبتخلصش دي؟ .. هل تطاول على أهل اسكندرية مثلا؟ ..هل أعلن أنه دعى صهيوني من اللي رقص معاهم في دبي، وهيغنوا مع بعض هاڤا ناجيلا في افتتاحية العرض؟ صرح أنه جايب سعد لمجرد وهيغتصبوا واحدة على المسرح لايف؟ اكتشفت إن ولا حاجة من دول، و إنما هي انتفاضة ضد الفن الرديء والمبتذل، و"الاسفاف" اللي بيقدمه محمد رمضان و"بيفسد" الذوق العام!! الحقيقة إن الموضوع لفت انتباهي وفضلت مركز أتابع ردود الفعل ما بين مؤيد ومعارض، ثم رد فعل رمضان نفسه اللي قرر ينزل اسكندرية وعلى رجله كمان، مع ان المعتاد إن الناس بتنزل اسكندرية على أيدها مما أعطاني ايحاء بخطورة الموقف.. انشغلت بمتابعة تطورات الأمر للدرجة اللي خلتني لم انتبه لابني وهو بيغير المحطة على قناة تانية بتعرض فيلم ولاد رزق، بطولة چانات السينما الكيوت اللي بيحطوا برفان ومش سرسجية، قبل ما انتفض وأقوم اطفي التليفزيون خالص، عشان الواد ميلقطش شتيمة أو ايحاء جنسي من اللي بيمتلئ بيهم الفيلم الجميل ده .. فكرت انزل اسكندرية، وعلى رجلي برضه أتابع تطورات الموقف عن قرب، أو اقابل حد من الحملة "المجهولة" اللي قررت تبقى وصية على الناس، وتحدد لهم نوع الفن اللي مفترض يحبوه، واللون الموسيقى اللي لازم يسمعوه، وأقرأ الكتالوج اللي عملوه لمعايير الذوق العام لعلي استفيد.. لكن تراجعت عن الفكرة وقررت اتصل بصديق عايش هناك في الدخيلة "معقل مؤديين المهرجانات بالإسكندرية ذات نفسها ومسقط رأس النجم حمو بيكا" ينزل يشوف الحكاية.. إلا أنه أعتذر عن النزول لأن رجله في الجبس بعد سقوطه في حفرة من الحفر المنتشرة في عروس البحر المتوسط. وقال لي أنه حتى لو حاول يدوس على نفسه وينزل، فإن الأمر محفوف بالمخاطر نظرا لبحيرة الصرف الصحي اللي مغرقة الشارع إثر انسداد أحد البلاعات.. سرحت مع نفسي كده وفكرت أدخل جوه عقل أحد أفراد الحملة المباركة اللي قررت تمنع مواطن من دخول مدينة جوه بلده، لمجرد إن اللون اللي بيقدمه مش عاجبه، أو لأنه دمه تقيل على قلبه، أو لأنه في رواية أحدهم "سرسجي"، بيفسد المجتمع الراقي المتحضر اللي لم يفسده الفقر والجهل والاهمال والعشوائيات .. لم يفسده الفساد والاستبداد والمحسوبية وغياب الحلم والأمل والطموح، التحرش، غزو التكاتك، تلال القمامة، وكل المظاهر والممارسات والسياسات اللي تستحق فعلا بدل الحملة ألف حملة. لحظة واحدة عزيزي القارئ، فقد يبدو لك من الوهلة الأولى إني بدافع عن اللي بيقدمه رمضان أو إني من فانز بيكا وشواحة وشاكوش، فالأمر محسوم بالنسبة لي.. لست من هواة اللون اللي بيقدمه رمضان وغيره مع الاحتفاظ باحترام رأيك إن كنت من معجبيه.. وبالقدر القليل من المنطق يجب الاعتراف بنجاحه الساحق .. ايوه ساحق ولو رفع محاربيه رأسهم قليلا من جوف الرمال، ونظروا للواقع بمنظور موضوعي واقعي، وتخلوا عن المفهوم العبثي اللي اسمه "منع"، هيعترفوا هما كمان أنه نجاح ساحق. "رمضان" يا سادة نتيجة مش سبب .. انعكاس ونقل للواقع، بل لجزء من الواقع ينكره ويتغافل عنه مهاجميه.. فنان ذكي وموهوب، بس موهبته ماركة الألفية الجديدة بآلياتها وذوق الشريحة العظمى المستهدفة، وبقواعدها الجديدة اللي مش هينجح ولا يقطف من شجرتها غير اللي عرف مفاتيحها ونشن على زبونها وعرف من أين تؤكل الكتف. وبالمناسبة هو اعترف بده اكتر من مرة ..رمضان واللي زيه أفراد في مهنة اسمها "الفن" .. سوق اسمه سوق "الفانتازيا" والرفاهية، متجاهلين شعارات الفن الراقي السامي الهادف اللي تجاوزها الزمن ويتشدق بها اللي تفرغوا لمحاربتهم، ومتفرغوش ينهضوا من سُباتهم الطويل ويقدموا فيلم، غنوة، مسرحية، كتاب عليهم القيمة.. فن رمضان واللي على شاكلته هو فن اكل العيش، بيزنس وتجارة.. هادف برضه، بس هادف للربح.. سوقهم بامتداد طول مصر وعرضها، وزبونهم هو الشريحة العظمى من شعب 70% منه تحت خط الفقر .. يعانوا من التهميش والتجهيل والاستبعاد.. رمضان وشركاه نشنوا على رغباتهم، عاداتهم، نمط حياتهم ..لون المهرجانات اللي مغضوب عليه من طبقة الصفوة والمثقفين ونقيب الموسيقيين نفسه ..هو انعكاس لبيئتهم ونشأتهم وأسلوب حياتهم .. الخبط والرزع والالفاظ السوقية، والكلمات اللي بتلوح بالعنف أو الإيحاءات الجنسية _ اللي مؤكد مش بدافع عنها ورافضها- ولابد من فرزها وتهذيبها وتنقيحها.. لكن في النهاية هي بتعبر عن رقع الأنابيب، صوت ميكرفون بياع الروبابيكيا، دوشة الحداد والنجار، عفرة التوك توك والميكروباص، خناقات البلطجية وزغاريد الستات في حنة أو نقل عزال.. دوشة وعشوائية أفرزت دوشة موسيقية ظلت حبيسة داخل مجتمعهم أو على اليوتيوب، واللي صعدها ولمعها واظهرها عشان يتمحك في نجاحها، هو اللي دلوقتي بيحاربها ويتهمها بإفساد المجتمع اول ما شاف نجومها بيسحبوا منه البساط نتيجة كسله عن تقديم فن ينافسهم.. وبيروجوا للمنع بمنطق ميكافيلي مريب، وهما مش عارفين إن الممنوع مرغوب والعند يولد الكفر .. وإن الطبيعي إن اللي مش عاجبه حاجة، بسيطة..ميشوفهاش ولا يسمعها ..مش هنجري بالعصايا ورا الناس في الحواري والأزقة نسمعهم بيتهوڤن، أو نرقص شباب في حنة صاحبهم slow  على انغام موسيقى بحيرة البجع.. اخيرا لأن الموضوع يطول شرحه، الفن بيقولوا أنه مرآة المجتمع صح؟ طب آدي المجتمع اللي اتجهل واتهمش واتفعص على مدار سنين طويلة وآدي مرآته.. الفقر والاحياء الشعبية موجودة طول عمرها.. المناخ والبيئة والمستوى الاجتماعي والثقافي هما اللي أفرزوا فن محمد رشدي والعزبي وكارم محمود اللي اتسمى شعبي.. مستغربين ليه دلوقتي من البيئة والظروف اللي تلقائيا لازم هتفرز لنا بيكا وحيكا ووزة ومحمد رمضان .. وكما قال خالد الذكر الاستاذ برايز... السيستم.. النظام .. الرغبة الحقيقية والمخلصة في مشروع ثقافي واجتماعي وفني وتعليمي، هو اللي يقدر مع الوقت يفرز الغث من الثمين .. الجيد من القبيح .. ساعتها بس كل ردئ سيتوارى ويموت اكلينيكيا، واللي يبقى ويعيش الجيد والجميل.