خواطر مسافر إلى النور (٢٢٩)
”ابن الإنسان”(١)

"أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا،
لينظروا مجدي الذي أعطيتني، لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم." (يو 17: 24)
- إن خلق الله للإنسان عمل ثالوثي قام به الله الواحد بثالوثه القدوس أي أشترك فيه الآب والأبن الوحيد الجنس والروح القدس. فما معني قول الوحي المقدس في هذه الآية عن خلق البشر أن الآب ”أعطاهم“ إلي الأبن ؟
إن المتكلم في هذه الآية هو” أبن الإنسان“. و يتكرر قوله في (يو 17: 6) أيضاً:
" الناس الذين أعطيتني من العالم. كانوا لك وأعطيتهم لي"، فإن خلق الإنسان تم في قصد الله سبحانه في الزمن غير المخلوق - Chorosفي الأزل بأن خَلق ”ابن الإنسان“ ليكون Prototype / ي الأصل لخلقة الإنسان . وبتعبير الكتاب ”بداءة خليقة الله“ .
وقد تمَّم الله خلق ”ابن الإنسان“ في أقنوم ابنه الوحيد الجنس الواحد مع الآب في الجوهر” أبن الله “ ، وبهدف أن يخلق آدم وكل ذريته - في الزمن المخلوق Chronos- في حياة شركة مع الله الثالوث ، ذلك لأن الله سيخلق آدم وذريته علي صورة ” أبن الإنسان“ والذي هو متحد قبل الأزمنة الأزلية في ” أبن الله “ .
والآية الرائدة عن هذا الإستعلان الإلهي عن ”ابن الإنسان“ : "الّذي هو صورَةُ اللهِ غَيرِ المَنظورِ، بكرُ كُلِّ خَليقَةٍ." (كو 1: 15).
إن ”ابن الله“ هو واحد مع الآب في الجوهر ” شعاع نوره ورسم جوهره“ (عبرانيين) الغير منظور والغير مخلوق. وقد خلق الُله آدمَ على صورة ”ابن الإنسان“ الذي تقول عنه الآية (كو 1: 15) أنه صورة الله غير المنظور لأنه متحد بــــ”ابن الله“ الغير منظور.
- هذا هو الأساس والسبب في الآية موضوع هذا المقال:
"أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا،
لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ." (يو 17: 24) .
فالآية طِلبة مِن ”ابن الإنسان“ إلي الله لتكميل قصد الله من خلق الإنسان - بعد أن أزال تدبيرُ الخلاص ( التجسد الإلهي ) عائقَ السقوط .
- فقد آن الأوان لآدم وذريته أن تكون لهم حياة الشركة في أصل خلقتهم الذي هو ”ابن الإنسان الإلهي“ والذي هو أصلهم السماوي وليس آدم أصلهم الترابي (كورنثوس الأولي ١٥ ) :
” الإنسان الأول (آدم) من الأرض ترابي.
الإنسان الثاني (ابن الإنسان) الرب من السماء (ابن الله) .
كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضا، وكما هو السماوي (ابن الإنسان المتحد بابن الله) هكذا السماويون أيضاً.
وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضاً صورة السماوي (صورة ابن الإنسان التي هي على صورة ابن الله الوحيد الجنس).
فأقول هذا أيها الإخوة: إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله، ولا يرث الفساد عدم الفساد. هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغير“ .
وباستعادة التجسد الإلهي لأصل العلاقة القائمة قبل الأزمنة الأزلية بين ”ابن الله“ الغير مخلوق و”ابن الإنسان بداءة خليقة الله“، تَكمُل مقاصد الله في خلق الإنسان والتي أستعلنها الرب في (يو 17: 24) :
١- أن كل بشر أن الله خَلَقه لأنه أحبه منذ قبل إنشاء العالم عندما خلق أصله ”ابن الإنسان بداءة خليقة الله“ في شركة أزلية في المسيح ”ابن الله“ الوحيد الجنس :
” لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ“.
٢- أن كل بشر خلقه الله من الأساس في مجدٍ لا يزول بل يبقي، لأنه مهما سقط الإنسان فإن الله سيخلصه:” لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي“ .
إنه مجد”ابن الإنسان“ الذي أعطاه له الله بخلقه في شركة أزلية في ”أبن الله“.
٣- أن يعرف كل بشر أنه مخلوق لحياة شركة في الله ”يكونون معي حيث أكون أنا“
حيث آدم مخلوق علي صورة ”ابن الإنسان بداءة خليقة الله“ الذي هو صورة ”أبن الله“ وفي شركة أزلية أبدية فيه. ” أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا“... يتبع... والسُبح لله .