Canada Deserves Better Than Identity-Based Politics رسميًا.. ليو الرابع عشر أول بابا أمريكي للفاتيكان في التاريخ كيبيك تعلن عن ارتفاع قياسي في أعداد المهاجرين خلال 2024 كندا تبحث سُبل تعزيز التماسك الاجتماعي وسط تزايد الانقسام كارني مخاطبا ترامب: “كندا ليست للبيع” مجموعة احتجاجية تخطط لإضافة 200 مرشحا في انتخابات منطقة بوليفير المحافظون يختارون أندرو شير زعيما مؤقتا في البرلمان فورد يدعو كارني لدعم مشروع نفق الطريق السريع المثير للجدل كم ستكلف انتخابات استعادة بوليفير لمقعده في البرلمان؟ المكسيك تؤكد التزامها بالحفاظ على اتفاقية التجارة مع كندا وأمريكا ليز غوليار... المرأة التي تقمصت شخصية ضحيتها لثلاثة أعوام رئيسة المكسيك: رفضنا عرض ترمب بإرسال قوات أمريكية لمحاربة عصابات المخدرات

لام طائفية!!!

في كتابه العظيم المهم: "التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور " يشرح المفكر د. مصطفى حجازي أنماط مختلفة من سلوكيات الفرد وممارساته، وطبيعة تعاطيه مع أزماته وعقده النفسية، المسئول عنها القهر والتسلط ومظاهر التخلف اللي جُبِل عليها في مجتمعه، أو بمعنى أدق "بيئته" اللي اتصنعت له خصيصاً عشان تخلق منه تلقائيا مواطن متخلف مغلوب على أمره، مقهور معدوم الإرادة..

ومش بمزاجه ولا اختياره، ولا هو متخلف بالفطرة، أو فوضوي وجاهل بطبيعته..ده بفعل فاعل ..

الكتاب ده قريته مرتين زمان، لكن مع أحداث أم الدنيا الأخيرة، وقضية الطفل ياسين بمدرسة الكرمة بدمنهور، لقيتني بارجع اقراه تاني، بعد ما خدت هدنة من عركة شرسة لقيت نفسى انا وحبايبي والمجتمع والناس ملطوطين فيها، ومقطعين هدوم بعض، وبنتهم بعض وبنزوم على بعض ..

مع إننا قبلها بأيام قليلة، كانت بتجمعنا ملاية واحدة، مفروشة على أرض جنينة واحدة، بنستمتع برائحة ورود الربيع وهي مختلطة برائحة الفسيخ والرنجة، في تناغم وامتزاج رائع وفريد من نوعه..

تماما زي فكرة امتزاج وتعايش المسلم مع المسيحي في مصر، والأنصهار والاندماج العفوي اللي فيه ناس مصممة تفتته وتقسمه وتصنفه..

وقد تسألني عزيزي المسيحي الغاضب، أو عزيزي المسلم الغاضب برضه، لأن الكل غاضب ومتحفز اليومين دول.. قد يسألني الجميع: ما علاقة كتاب التخلف الاجتماعي بواقعة الطفل ياسين؟

تسمح لي أرد عليك بسؤال؟ .. وما علاقة الدين والعقيدة بجريمة اغتصاب طفل؟ مين اللي حولك كمسيحي أو مسلم لأداة، يستغلها الموتورون هنا وهناك لتأجيج نزاع طائفي؟

ما قرأته من أفكار لمصطفى حجازي، وجدت فيه تشريح كامل لجسد مجتمعات الشرق الأوسط، وفي القلب منهم المجتمع المصري، وعبرت عنه ردود فعل الجماهير على جريمة، كان مفترض إن المجتمع بكل فئاته ومعتقداته وطبقاته الاجتماعية ينتفضوا في اتجاه واحد لا غير .. طفل اسمه "س" انتهكت آدميته .. ومتهم اسمه "ص"، جرت العادة أنه برئ حتى تثبت إدانته أو براءته من القضاء .. من "القضاء" والأسباب اللي يقدمها القضاء لبراءته، واللي بطبيعة الحال مش هتكون دينه، أو عمره، أو أنه رجل "فاضل" كما قال وكرر نيافة الأنبا بولا حفظه الله اللي كعادته طلع في توقيت مثالي لإلقاء البنزين على نار يجاهد العقلاء في اخمادها..

يقول مصطفى حجازي عن المواطن المقهور في المجتمعات المتخلفة، إنه لما بيوصل لمرحلة العجز التام عن مواجهة مشاكله وأزماته، بتتمكن منه مشاعر القهر والتهميش والإحباط

وبالتالي بتتحول مشاعر الازدراء الخاصة بيه، لمشاعر عامة بالقرف وازدراء كل اللي حواليه ومكويين بنفس ناره وعايشين نفس ظروفه، لانه بيشوفهم انعكاس لمأساته ومشاكله. وبيحاول يهرب من مشاعر ضعفه وقلة حيلته، في أنه غصب عنه يتحول لحليف ونسخة مصغرة من اي مستبد كبير. ويبدأ يفش الغل اللي جواه، عشان يلاقيله منفس بره عنه، يفرغ فيه بقى كل مشاعر العجز والضعف والاستسلام..

كل ده حصل من بعض المسلمين.. كتير منهم بفعل ضغط المتطرفين ودعاة الفتن، سابوا اصل الحكاية، ومتكلموش عن حق طفل برئ ووردة لسه بتتفتح على العالم، وكان كل همهم إن الجاني مسيحي والضحية مسلم، والمتواطئ مدرسة راهبات وكنيسة بتحميها..

اصبحت القضية هي قضية كرامة.. ثأر من الأغلبية الساحقة ضد الأقلية المتدلعة المحمية من النظام والقضاء، وليذهب حق الطفل نفسه إلى الجحيم قصاد الهدف الأسمى، وهو انتصار كل شخص لوجهة نظره، وكأن المتهم قد اختار الطفل فقط لكونه مسلم، مش لأنه مجرم مريض ..

أما بعض المسيحيين، فلم يكونوا أحسن حالا في عركة الشحن الطائفي، والدفاع بالتطوع عن المتهم والمدرسة والمطرانية، وكل ما هو "مسيحي" .. أصبحت نظرية المؤامرة هي الأساس، وغاب العقل، وأحيانا غابت الإنسانية والضمير.. وانتصر المبدأ السخيف اللي بينزع عن المسيحي مبدأ المواطنة، وبيحوله لفرد من الأقلية المضطهدة اللي الكنيسة مصممة تكون وطنهم، والملاذ الآمن ليهم ورا أسوارها..

الجميع قد اشترك في المهزلة، بافتراضاته واتهاماته المتبادلة والقفز فوق المواقف لتحقيق انتصار وهمي لأفكاره وإثبات وجهة نظره..وكل ده بسبب مناخ مسموم من التخلف والسطحية بيلهي الناس عن حقيقة أزماتها ، فاضطر الجميع للاشتراك في غزوات تصريف القهر في وش بعض وخوض المعارك الآمنة ضد بعض برضه ..رغم إن الكل منقوع في مستنقع واحد من الجهل ، وهو ده اللي لازم نواجهه لأننا مش أعداء..

هناك "متهم" .. اسمه زيد أو عبيد .. مش مهم اسمه ..مش مهم خالص .. قد يكون جاني ، وقد تبرأه المحكمة.. لسنا قضاة أو وكلاء نيابة..

وهناك "طفل" .. ((ضحية)) اسمه "س" أو "ص" متكلمناش عنه قد ما مسكنا في خناق بعض ..

وصدقوني .. انا لا اهاجم المجتمع ولا بحاسب شعب.. لأني واحد من الشعب.. هحاسب مين واجري ورا مين واسيب مين ؟

لكني رافض الخناق حول الأعراض، واحنا مشكلتنا مع أصل وأسباب الأمراض الاجتماعية..

مشكلتنا مع العدالة البطيئة العرجاء لأنها مش عدالة...ده ظلم وتواطؤ وضياع حقوق وقتل معنوي للطفل وأهله ولشعب كامل هيعيش في رعب وخوف على عياله من نفس المصير لو استمر منهج التسويف والمماطلة ، والمساومات هو اللي سايد.. وهو اللي مدي فرصة دلوقتي لخفافيش البغضة والضباع اللي بتتغذى على جيفة الفتنة الطائفية ينشروا سمومهم وياخدوا الموضوع لسكك خطرة اخرتها غم.. ربنا يحفظ مصر.. ويحفظ اطفالنا كلهم .. أطفالنا المصريين