Poor Online Service and Review Extortion The Dark Side of the Digital World ضحايا الحكومات الإسلامية بين أيران وسوريا غزوة دينا الكنيسة القبطية بين السماويات والأرضيات! ”المصريين” ... براند خفة الدم الغير قابل للتكرار‎ الإجبار في المعروف والنهي عن الحريات سليمان شفيق سليمان: موهبة العطاء وحب الحياة هل يستطيع اليمين الأمريكي إنقاذ أوروبا والعالم شرطتنا المدرسية.. حلوة بس شقية!! مشاهير الإسفاف وعبثيَّة المُحتوى في الوحدة المسكونية للكنيسة المسيحية (٢) أنتم شهودي

مشاهير الإسفاف وعبثيَّة المُحتوى

في عالمٍ غدا مسرحًا مفتوحًا للجهل والجُهلاء ممن يسرحونَ ويمرحونَ دون ضوابِط تحكم خطوط سير خطواتهم العشوائيَّة؛ أمسى الذوق العام رهينَ عبث العابثين وأمزِجة المُستهتِرين ممن يفتقرون إلى مستويات الوعي والثقافة التي تؤهلهم لمُخاطبة الجماهير، وبعد أن كان المؤثّرون الحقيقيّون يُطلّون على الناس عبر منصَّاتٍ إعلاميَّة رصينة كالصحافة والتلفاز بعد إثبات جدارتهم الفكريَّة ومواهبهم الإبداعيَّة؛ صار كل "من هبَّ ودبَّ" يُطلقُ نحو أبصار ومسامع البشر أطنانًا من التلوّث السمعي والبصري حتى غدا الإسفافُ مألوفًا وربّمَا مُتعًا محبوبًا لدى كثيرين.

كان نقد التفاهة والوضاعة أمرًا مقبولاً في الماضي لأن الأصل في المادَّة المُقدّمة للجماهير هي "الانتقائيَّة" المُغلّفة بالرُّقيُّ والتهذيب ولمسات الإبداع، لكن ما كان مقبولاً صار اليوم منبوذًا لأن طبقات الأغلبيَّة غير المُهذّبة مُجتمعيًا وعلميًا وفكريًا هي التي بدأت تطفو على السطح وتتمدد في الأجواء، وإن جرؤتَ على نقد هؤلاء سُرعان ما سيستعينون بكثرتهم للتوحُّش عليك يا "عدو الغلابة" ومُحارب المساكين الذين بسببهم أصبح "الذوق العام" يحتضر في رمقه الأخير!

هل يجرؤ أحدٌ هذه الأيَّام على انتقاد أصواتهم النشاز، وثيابهم المهلهلة، وأساليب كلامهم المُبتذلة دون أن يُتهم بالغرور والغطرسة والتكبُّر؟ لِمَ يتم دعم هؤلاء ومُساندتهم والتصفيق على تفاهاتهم بينما يتلقى الفنَّانون الإهانات اللفظيَّة والإساءات المشاعريَّة من كُل حدبٍ وصوب؟ متى ستصدُر قوانين عالميَّة تُفرمل انعدام مسؤوليَّة من لا يستحقون الظهور العلني لأن ما يحدث اليوم ليس حُريَّة بل إجرامًا معنويًا بحق الإنسانيَّة؟

إنَّ الكلمةُ المكتوبة والمقروءة من أوائل الدلالات على الحضارة في التاريخ الإنساني، ومع انتشار وسائل التواصُل التي لا يتطلَّب استخدامها إلمامًا بقراءة أو كِتابة بدأنا عهدًا جديدًا فائق الخطر من عهود التخلُّف، وبينما كان الجاهِل في الماضي مُضطرًا للتعلُّم والتثقُّف بهدف الاندماج المُجتمعي والتمكين من أدوات الحياة الكريمة؛ أصبح باستطاعة أي شمبانزي تحريك أنامله على شاشة هاتف ذكي ليغدو مشهورًا بين مئات آلاف المُغفلين!

ليسَ الطمع بالمال هو السرُّ الوحيد وراء الانتشار الفيروسي لتصوير المقاطع المرئيَّة السخيفة، بل التقليد دون أسباب، والانجراف مع أوهام أن الأمر "عاديٌّ" وهو "حقٌ للجميع"، جاري فُلان صوَّر نفسهُ راقصًا بقطعةٍ واحدة من ملابسه الداخليَّة فما يمنعني عن فعلها؟ جارتي فُلانة صوَّرت نفسها وهي تقلي سحليَّة بينما تتشقلبُ فوق الغسَّالة لمَ لا أثبت للجميع أنني قادرة على مثل أفعالها؟ الجميع يعيشون دور "المشاهير" و"الإنفلونصَر" على حد تعبيرهم دون أشكال أو أصوات تحظى بنعمة القبول ودون أفكار قادرة على تغذية العقول!

في الماضي كان وقتُ الفراغ يُستثمرُ فيما يُغني عقل الإنسان ويُثري روحه، في الحاضر لا وجود لوقت فراغ مع تكدُّس كل تلك المُحتويات السامَّة المُتدفّقة بانتظار المُشاهدة 24 ساعة، وقريبًا سيصبح من لا ينشرون عسيل حياتهم الوسخ على الملأ عبر الإنترنت من النوادِر.