وقف بناء كنيسة ميت عفيف بالمنوفية
في قرية “ميت عفيف” التابعة لمركز الباجور بمحافظة المنوفية، تتجسد أزمة صغيرة في ظاهرها، لكنها تمسّ في جوهرها واحدًا من أهم أسس الجمهورية الجديدة التي دعا إليها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي: مبدأ المواطنة الكاملة دون تمييز.
رغم أن كنيسة “مارجرجس” بميت عفيف حصلت على كافة التراخيص القانونية، ووافق المحافظ شخصيًا على البناء، وتقدمت الإيبارشية بكل المستندات والرسومات المعمارية وفق القانون، فوجئ الجميع بقرار من جهة أمنية بوقف أعمال البناء بحجة تجاوز الارتفاعات المسموح بها، رغم أن نفس القرية تزخر بمبانٍ أعلى من ذلك الارتفاع بكثير.
هذه الخطوة غير المفهومة أثارت استياء نيافة الأنبا بنيامين مطران المنوفية، الذي عبّر عن حزنه في مقالته “صعوبة الغربة في وطني”، موضحًا أن التأخيرات غير المبررة في استكمال الكنيسة، بعد استيفاء كل الشروط القانونية، تمثل معاناة حقيقية لأبناء المنطقة الذين ينتظرون بيتًا للصلاة منذ أكثر من أربعة عشر شهرًا.
لقد قدّم نيافته نموذجًا مشرفًا للمسؤولية والحكمة، فلم يلجأ إلى التصعيد، بل إلى الحوار والرجاء، وناشد الجهات المعنية أن تُنهي هذه “المهزلة” – كما وصفها – وأن تضع حدًا لمعاناة استمرت طويلاً.
كنيسة ميت عفيف – وحسبما رواه نيافة الأنبا بنيامين مطران المنوفية – حاصلة على ترخيص بناء قانوني، ورسوماتٍ معتمدة من السيد محافظ المنوفية، تتضمن ارتفاع المبنى حتى 18 مترًا، وذلك حرصًا على صحة المصلين من تأثيرات البخور.
كما أوضح نيافة المطران أن أصحاب الفضيلة من الشيوخ وإخوتنا المسلمين سارعوا بالتبرع لبناء هذه الكنيسة، لأنها تخدم عدة قرى مجاورة لا توجد بها كنائس. وأكد أيضًا أن محافظة المنوفية من المحافظات الفريدة التي تقدم دائمًا نموذجًا رائعًا للعلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين.
ورغم هذا الزخم من المحبة والمودة والتلاحم، ورغم كل ما يقدمه السيد الرئيس من مبادرات تُجسّد أسمى معاني الوحدة الوطنية، يأتي – بحسب تصريحات نيافة المطران – وقفت احدى الجهات بالمرصاد، معلنًا أن ارتفاع 18 مترًا غير مقبول، وأنه لن يسمح به، رغم وجود الشدّات الخشبية والحديدية، ورغم نزول الأمطار عليها مما يجعلها عرضة للانهيار والصدأ!
إن ما يحدث في ميت عفيف لا يجب أن يُترك دون مراجعة. القضية أكبر من مبنى، إنها قضية ثقة ومبدأ. فإذا كانت مصر الجديدة تسير بخطى ثابتة نحو التحديث والعدالة، فإن أبسط اختبار لذلك هو: كيف نعامل أبناءها جميعًا.


