إيليا مقار يكتب: يوميات مهاجر

إتصل بي في ساعة مبكرة على غير عادته، بدا صوته متردداً في إن يخبرني بأمر سيئ، لم ينتظر طويلاً.. قال "*عماد تعيش انت.. وجدوه ميتاً في سيارته أمام منزله". مات عماد إثر أزمة قلبية بعد أن قام بتوصيل أبناءه الثلاثة للمدرسة. لم يتحمل قلبه الطيب أن يقوم صاحب العمل بالإستغناء عنه ضمن خطة لإنقاص العمالة وتقليل التكاليف. عماد كان "شاباً" في أواخر الأربعينيات من عمره، طيبا، محباً، تشعر معه كانك تعرفه منذ سنوات.
منذ إستقراري بالولايات المتحدة، شهدت قصصاً كثيرة مشابة لقصة عماد. شاهدت كيف تحصد "ضغوط الحياة" حياة رجال في مقتبل العمل وكيف تغذر الحياة فجأة بأُسر فتتركها لمصير مجهول في أرض غريبة.
كلما هاجرت كبيراً، كلما إزدادت صعوبة أن تحقق مستوى معيشى ملائم في أرضك الجديدة، وكلما وجدت أن عليك ضغوط هائلة لتعويض سنوات لم تقضها في وظنك الجديد "catching up" . بعض المهاجرين لديهم قدرات ومهارات جيدة للغاية ولكنها ليست بالضرورة قابلة للتطبيق في الأرض الجديدة. أو تحتاج للدراسة والخبرة لتصبح ملائمة للوطن الجديد، ولهذا ينظر المهاجر لوظيفته علي أنها مسألة حياة أو موت، فالفرص أمامه محدودة، والمنافسة علي وظيفة مع شخص تربي وتعلم في الوطن الجديد، لن تكون بالضرورة في صالح المهاجر.
عزيزي المهاجر، لا يحتاج أحد منا أن يعيد قصة "عماد"، يمكنك أن تكون ناجحاً إن أردت، ربما لن تكون مدير إدارة بمديرية الزراعة مرة أخرى، وربما لن تكون مدرس الرياضيات الناجج أو المحامي الناجح كما كنت في مصر، ولكنك ربما تكون أفضل ما يمكنك ان تكون، قد تكون أفضل عامل بمحطة بنزين، او أفضل كاشير، فقط عليك أن تقبل ذلك وأن تؤهل عائلتك لأن تقبل هذا، عليك أن تعيد صقل قدراتك بما يناسب المجتمع الجذيد، ووقتها أيضاً، بمزيد من الإصرار" يمكنك ا، تكون المحام الناحج أو الصيدلي أو الطبيب الناجح، عليك أن تؤمن بأن من رسم لك حياتك حتى الأن مازال في يده القلم، يقال ان المهاجرون دائما أقوى على المنافسة لأنهم فى حالة حرب لإثبات الذات، فقط لا تجعل هذه الحرب تنتهي بك ميتاً في سيارتك وأنت في أواخر الأربعينيات من حياتك