أنا الراعي الصالح
إن أول سؤال يُسأل عزيزي عندما تذهب لمقابلة تقدمت لوظيفتها هو: حدثني عن نفسك. خلال اجابتك يقرأ المتسائل مفهومك عن نفسك، دراستك، اهتماماتك، مفهومك عن الاخرين والمجتمع الذي تعيش فيه، آمالك وطموحاتك ورؤيتك للمستقبل. حدثني كيف ترى نفسك (في اي منصب، خبرات اخذتها، دراسات توسعت فيها) بعد خمس سنيني من الآن- وهو سؤال لم يعتاده أهل الشرق- اي ما هي رؤيتك المستقبلية للأمور إذا عيناك في هذه الوظيفة.
كلها أمور يضعها الغرب في اعتباراته أما الشرق دائما ما ينظر في مكان وقوفه ويردد قائلا: ساعتها يعينا الله. وهو من وجهة نظري شيء يخالف ايماننا المسيحي الذي يدعو ان كل شيء بترتيب ونظام وكل شيء منذ البدء في مشيئة الرب سوف يتم.
أطلق داود الملك راعي الغنم على إلهه "راعي" في مزمور 23 حيث أعلنها قائلا: الرب راعي فلا يعوزني شيء. فالراعي بالرغم من شكل بساطة الوظيفة إلا انه يجب ان يكون منظما، له ذاكرة قوية، يعرف خرافه بالشكل والعدد، صبور وحازم وسريع الاستجابة لما هو حوله لينقذ الخروف من فم الذئب أو الأسد أو الدب كما فعل داود سابقا. فكل من هذه الحيوانات الشرسة له قدرات عضلية وسرعة استجابة وتكتيك مختلف في أسلوب الصيد وعلى الراعي أن يكون على معرفة ودراية بكل هذه الأمور. والكلمة في أصل لغتها التي استخدمها داود تعني "يهوي رب" اي معلم، مرشد، قائد، معين، من هو أعلى في العلم والدراية والمعرفة.
أعلن الرب يسوع المسيح سبعة جمل كاملة بأنه هو مبتدأ كل جملة معلنا قائلا: انا هو... فهو الذي قال عن نفسه: انا هو راع الخراف (يوحنا 10: 11) انا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف (يوحنا 10: 2) واما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف. (يوحنا 10: 8 -18) اما انا فاني الراعي الصالح، واعرف خاصتي وخاصتي تعرفني «الحق الحق اقول لكم: إني انا باب الخراف. جميع الذين اتوا قبلي هم سراق ولصوص، ولكن الخراف لم تسمع لهم. انا هو الباب. ان دخل بي احد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى. السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك، واما انا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل. انا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. وأما الذي هو أجير، وليس راعيا، الذي ليست الخراف له، فيرى الذئب مقبلا ويترك الخراف ويهرب، فيخطف الذئب الخراف ويبددها. والأجير يهرب لأنه أجير، ولا يبالي بالخراف. اما انا فاني الراعي الصالح، واعرف خاصتي وخاصتي تعرفني، كما أن الآب يعرفني وانا اعرف الاب. وانا اضع نفسي عن الخراف. ولي خراف اخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي ان اتي بتلك ايضا فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراع واحد. لهذا يحبني الاب، لأني اضع نفسي لأخذها ايضا. ليس احد يأخذها مني، بل اضعها انا من ذاتي. لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان اخذها ايضا. هذه الوصية قبلتها من ابي» .
كما استخدم كل كتاب العهد الجديد هذا التعبير في كتاباتهم معبرين عن مدى تفاني ومحبة الرب يسوع لمن يؤمنون بقوة صليبه. ففي متي 9: 36 يوصف الكاتب مشهد رائع عن هذا الإله العظيم ومشاعره نحو الناس فيقول: ولما رأى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها. اما في مرقس 6: 34 فلما خرج يسوع رأى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدأ يعلمهم كثيرا؛ وفي سفر العبرانيين يختم الكاتب رسالته فيقول: وإله السلام الذي اقام من الأموات راعي الخراف العظيم، ربنا يسوع، بدم العهد الأبدي (عبرانيين 13: 20)، وفي رسالة بطرس الأولى يستخدم بطرس نفس الوصف فيذكرنا قائلا: (2: 25) لأنكم كنتم كخراف ضالة، لكنكم رجعتم الآن إلى راعي نفوسكم وأسقفها.


