خواطر مسافر إلى النور (٢٣٤)
في الوحدة المسكونية (٣)
المسيح ”الله ظهر في الجسد“ (١تيموثاوس١٦:٣)
وجمع فيه البشرية متحدة بالحب معه
مهما كانت غفلة الإنسان وجهالات رئاسات كنسية
أنا أُحب ذاتي لأنها الأقرب لي. وذات الإنسان هي نفخة من روح الله : ” وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسا حية." (تك 2: 7).
لذلك فإن الإنسان الطبيعي يحب الله خالقه مِن كل نفسه وفكره وقلبه: ” فقال يسوع : «تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك . هذه هي الوصية الأولى والعظمى…“ (أنجيل متي٢٢)
ثم خلق الله قريبي مِن ضلعي ”فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. فقال آدم: «هذه الآن عظمٌ من عظامي ولحمٌ من لحمي. هذه تُدعى امرأة لأنها من امرء أُخذِت». لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً.“ (تكوين٢١:٢).
لذلك فإن الإنسان الطبيعي يحب الإنسان قريبه لأنه من لحمه وعظامه: ” والوصية الثانية مثل الوصية الأولي : تحب قريبك كنفسك . بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء».( أنجيل متي٢٢)
واضح جداً أن خلق الله للإنسان كان استعلاناً لطبيعة الله أنه ”محبة“
فخَلَقَ الله البشرية وحدة واحدة في الحب، لا تَعارُض فيها بين حب الذات وحب الآخر وحب الله.
و لما حاول الشرير أن يفسد خليقة الله بغوايته لأبوينا، وظهرت الإتهامات والعداوة و إلقاء اللوم حتي علي الله :” فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت“ ( تكوين ١٢:٣)،
كان أستعلان محبة طبيعة لله بتجسد المسيح ”الله ظهر في الجسد“ (١تيموثاوس١٦:٣)
ليجدد طبيعة الإنسان ويستعيد وحدتها بخالقها في شخص المسيح ”ابن الله وابن الإنسان“
هذا ما أعلنه الرب يسوع المسيح ” ليكون الجميع واحداً، كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضا واحداً فينا .. ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد“ (يوحنا ٢١:١٧).
فإن كان الأصل في خلق الله للإنسان هو وحدة الحب بين الإنسان وقريبه والله خالقه. ثم أكدها وضمنها وحفظها الله إلي الأبد بتجسد المسيح كلمة الله ”ابن الإنسان وابن الله“ الذي جمع في شخصه الواحد غير المنقسم كل ما في السموات والأرض ، فكم بالحري ينبغي أن تكون الوحدة بين الكنائس المسيحية ، وقد أسسها المسيح له المجد لتكون خميرته في وحدة الإنسان زمنياً وأبدياً فيه: “لأننا أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه." (أف 5: 30) ... يُتبَع... والسُبح لله .


