الغش الحلال!! الحرب التجارية المحتملة بين ترامب وتجمع بريكس لماذا لا يعتذر وزير التعليم للمراقبة القبطية؟ إبراهيم عيسى عن أقباط المهجر: هم أشرف ظاهرة مصرية في الــ 70 سنة الأخيرة‎ انتحالٌ بلا هدف! ثقيلة هي ثياب الحملان! (قصة قصيرة)(11) الرجل الذي جعل من الــــ ”ايمبوسيبول” ”آي بوسيبول”!! نجوم الشباك أمامك شبع سرور من فانكوفر إلى تورونتو .... بليغ يُبعَث من جديد When Hospitality Turns Hostile (2) هدم ثاني أطول منشأة في كندا

أزمة الروث الكبرى في نيويورك في عام 1894

قبل أن تظهر السيارات، وقبل أن تضيء إشارات المرور شوارع المدينة... كانت نيويورك تغرق حرفيًا في روث الخيول.

في أواخر القرن التاسع عشر، كانت الحياة الحضرية تعتمد كليًا على الخيول. العربات، عربات الأجرة، الشاحنات، وحتى سيارات الإطفاء... كل شيء يتحرك كان يُسحب بحصان.

وكان في نيويورك وحدها ما يزيد عن 150,000 حصان تسير يوميًا في شوارع المدينة.

لكن ما لا يفكر فيه أحد عادةً هو الجانب الآخر من هذه المعادلة... كل حصان يُنتج بين 15 إلى 30 رطلاً من الروث يوميًا، أي ما يعادل أكثر من 3 ملايين رطل (1.3 مليون كجم) من الروث كل يوم يتراكم في شوارع المدينة، مصحوبًا بما يزيد عن 40,000 جالون من البول!

لم يكن السير في نيويورك أمرًا بسيطًا. كانت الأرصفة مليئة بالبقع الموحلة، والمارة يتعثرون بين أكوام الروث. في الأيام الممطرة، كانت الشوارع تتحول إلى أنهار من الطين البني العفن، وفي الجو الجاف، كان الروث يجف ويتحوّل إلى غبار سام يتطاير في الهواء، يدخل في الأنوف، ويستقر على ملابس الناس وواجهات المتاجر.

رجال يُدعون "الماسحون" كانوا يقفون عند الزوايا، يحملون مكانس وجرافات، يعرضون على المارة تنظيف طريقهم مقابل بعض المال.

هذا الكم الهائل من الفضلات لم يكن مجرد مصدر إزعاج بصري أو رائحة كريهة، بل كان كارثة صحية بكل المقاييس.

الروث كان حاضنة مثالية للذباب، الذي انتشر بأعداد مهولة، ناقلًا معه الأمراض. تفشّت الأوبئة في المدينة: حمى التيفوئيد، الزحار، الإسهال القاتل لدى الرُضّع.

المستشفيات كانت ممتلئة، والأطباء يصرخون: نيويورك تخت*نق... ليس بالدخان، بل بالروث.

بعيدًا عن الفضلات، كانت الخيول نفسها خطرة. كانت تتصرف بعنف، تركل، تعض، وتهرع فجأة وسط الزحام، متسببة في مئات الإصابات والوفيات سنويًا.

في عام 1880، تم سحب 30 جثة حصان يوميًا من شوارع نيويورك. كانت تلك الجثث تُترك لساعات، أحيانًا لأيام، قبل أن تُزال، مما يزيد الطين (والروث) بلة.

وفي شيكاغو عام 1916، بلغت وفيات حوادث الخيول سبعة أضعاف عدد وفيات حوادث السيارات الحديثة!

حين ظهرت السيارة في أوائل القرن العشرين، لم تكن مجرد تطور تقني... كانت خلاصًا حضريًا.

هي لم تُسرّع فقط وتيرة التنقل، بل أنقذت المدن من كارثة بيئية حقيقية، ووضعت حدًا لعصر كان فيه الروث يُهدد الحضارة.

هل كانت السيارة مجرد نقلة تقنية؟ أم أنها كانت في الحقيقة المنقذ الصامت لمدن العالم من الغرق في فضلات حضارتها؟